الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الرَّابِعُ: ما يشترط في الوَليِّ في النكاح: العَدالةُ


لا يُشتَرَطُ في وَليِّ المرأةِ العَدالةُ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، والمشهورُ مِن مَذهَبِ المالِكيَّةِ ، وقَولٌ عند الشَّافِعيَّةِ ، وروايةٌ عن أحمد ، وهو اختيارُ ابنِ القيِّمِ ، وابنِ باز ، وابنِ عثيمين ، ونسَبَه ابنُ تيميَّةَ لأكثَرِ الفُقَهاءِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور: 32]
وجهُ الاستِدلالِ:
هذا خِطابٌ لعامَّةِ المُؤمِنين ، ولم يُفَرِّقْ بين العَدلِ والفاسِقِ
ثانيًا: أنَّ النَّاسَ عن آخِرِهم؛ عامَّهم وخاصَّهم مِن لَدُنْ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يَومِنا هذا، يزوِّجونَ بناتِهم من غيرِ نَكيرٍ مِن أحدٍ، مع وجودِ الفُسَّاقِ فيهم
ثالثًا: أنَّ هذه ولايةُ نَظَرٍ، والفِسقُ لا يقدَحُ في القُدرةِ على تحصيلِ النَّظَرِ ولا في الدَّاعي إليه، وهو الشَّفَقةُ، وكذا لا يقدَحُ في الوِراثةِ، فلا يَقدَحُ في الوِلايةِ، كالعَدلِ
رابِعًا: أنَّ الفاسِقَ مِن أهلِ الوِلايةِ على نَفسِه، فيكونُ مِن أهلِ الولايةِ على غَيرِه، كالعَدلِ
خامِسًا: أنَّ العادةَ شاهِدةٌ بأنَّ الرَّجُلَ ولو كان من الفُسَّاقِ، فإنَّه يحتاطُ لابنتِه ولا يُضَيِّعُها، ويحرِصُ على الخيرِ لها بجُهدِه، وإن قُدِّرَ خِلافُ ذلك فهو قليلٌ بالنِّسبةِ إلى المعتادِ، والشَّارِعُ يَكتفي في ذلك بالباعِثِ الطبيعيِّ
سادِسًا: أنَّه لو كان الفاسِقُ مَسلوبَ الحضانةِ ووِلايةِ النِّكاحِ، لكان بيانُ هذا للأمَّةِ مِن أهمِّ الأمورِ، واعتناءُ الأمَّةِ بنَقلِه وتوارُثُ العَمَلِ به مقَدَّمًا على كثيرٍ ممَّا نقلوه وتوارَثوا العمَلَ به

انظر أيضا:

  1. (1)      ما لم يكُنْ مُتهَتِّكًا. يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/285)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/54)، ((الفتاوى الهندية)) (1/284). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/239).
  2. (2)      ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب البغدادي (2/691)، ((عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة)) لابن شاس (2/422)، ((جامع الأمهات)) لابن الحاجب (ص: 259)، ((الذخيرة)) للقرافي (4/245).
  3. (3)      ((روضة الطالبين)) للنووي (12/14)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/228).
  4. (4)      ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/31).
  5. (5)      قال ابن القيم: (لم يمنَعِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا أحدٌ مِن الصحابة فاسقًا مِن تربيةِ ابنِه وحضانتِه له، ولا مِن تزويجِه مَوْلِيَّتَه، والعادةُ شاهِدةٌ بأن الرَّجُلَ ولو كان مِن الفُسَّاقِ فإنَّه يحتاطُ لابنتِه ولا يضَيِّعُها، ويحرِصُ على الخيرِ لها بجُهدِه، وإن قُدِّرَ خلافُ ذلك فهو قليلٌ بالنسبة إلى المعتاد، والشَّارِعُ يكتفي في ذلك بالباعِثِ الطبيعيِّ، ولو كان الفاسِقُ مَسلوبَ الحضانةِ ووِلايةِ النِّكاحِ، لكان بيانُ هذا للأمَّةِ مِن أهمِّ الأمورِ، واعتناءُ الأمَّةِ بنَقلِه وتوارُثُ العَمَلِ به مقَدَّمًا على كثيرٍ ممَّا نقلوه وتوارَثوا العمَلَ به، فكيف يجوزُ عليهم تضييعُه واتصالُ العَمَلِ بخلافِه؟!). ((زاد المعاد)) (5/412).
  6. (6)      قال ابن باز: (لا بُدَّ مِن الوليِّ، وأن يكون مُسلِمًا معروفًا بالخيرِ، عَدلًا حسب التيسيرِ، فإن لم يتيسَّرِ العَدلُ جاز وإن كان غيرَ عادلٍ إذا كان مُسلِمًا). ((فتاوى نور على الدرب)) (20/202).
  7. (7)      قال ابن عثيمين: (يرى بعضُ الأصحابِ -رحمهم الله- أنَّ العدالةَ ليست بشرط، وإنَّما الشرطُ الأمانةُ: أن يكونَ مَرضِيًّا وأمينًا على ابنته، وألَّا يرضى لها غيرَ كُفءٍ، وهذا هو الحَقُّ، وكم من إنسانٍ مُستقيمِ الظاهِرِ لكِنْ بالنسبة لبنتِه لا يُهِمُّه إلَّا الدراهِمُ، فيأخُذُ الدراهمَ ويزوِّجُها أفسَقَ النَّاسِ ولا يهتَمُّ! فهذا في الحقيقة لا يصلُحُ أن يكونَ وليًّا، وخيانتُه لابنته تنافي عدالتَه؛ فالصوابُ في هذه المسألةِ أنَّه لا بدَّ أن يكونَ الوليُّ مُؤتمنًا على مَوْلِيَّته، هذا أهمُّ الشروطِ). ((الشرح الممتع)) (12/77-79).
  8. (8)      قال ابن تيمية: ( أكثَرُ الفقهاء يصَحِّحون ولايةَ الفاسِقِ). ((مجموع الفتاوى)) (32/100).
  9. (9)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/238)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/61).
  10. (10)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/239)، ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/170).
  11. (11)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/239)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/412).
  12. (12)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/239).
  13. (13)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/239).
  14. (14)      ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/412).
  15. (15)      ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/412).