الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثاني: الخِطبةُ على خِطبةِ المُسلِمِ إذا تَرَك أو أذِنَ له 


يجوزُ الخِطبةُ على خِطبةِ المُسلِمِ إذا تَرَكَ أو أذِنَ له، أو أنَّ الأوَّلَ لم يُصرَّحْ له بالإجابةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [61] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/340)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/164)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (3/533). ، والمالِكيَّةِ [62] ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/30)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/217)،  ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/11). ، والشَّافِعيَّةِ [63] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/136)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/102)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/215). ، والحنابِلةِ [64] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/629)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/24). ، وحُكِيَ الاتِّفاقُ على ذلك [65] قال النووي: (اتَّفقوا على أنَّه إذا ترك الخِطبةَ رغبةً عنها، وأذِنَ فيها؛ جازت الخِطبةُ على خِطبتِه). ((شرح النووي على مسلم)) (9/198).
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((نهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يَبيعَ بَعضُكم على بَيعِ بَعضٍ، ولا يَخطُبَ الرَّجلُ على خِطبَةِ أخيه، حتَّى يَترُكَ الخاطِبُ قَبلَه أو يَأذَنَ له الخاطِبُ )) [66] أخرجه البخاري (5142).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((حتى يترُكَ الخاطِبُ الأوَّلُ، أو يأذَنَ له)) دليلٌ على حِلِّه إن ترَكَ أو أذِنَ [67] ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هبيرة (4/140)، ((سبل السلام)) للصنعاني (3/114).
2- عن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ: ((أنَّ أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طلَّقَها البتَّةَ، وهو غائِبٌ، فأرسَلَ إليها وكيلَه بشَعيرٍ فسَخِطَتْه، فقال: واللهِ ما لكِ علينا من شيءٍ! فجاءت رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَت ذلك له، فقال: ليس لكِ عليه نَفَقةٌ، فأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أمِّ شَريكٍ، ثم قال: تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتَدِّي عند ابنِ أمِّ مَكتومٍ؛ فإنَّه رجلٌ أعمى تَضَعين ثيابَك، فإذا حلَلْتِ فآذنِيني. قالت: فلمَّا حلَلْتُ ذكَرْتُ له أنَّ معاويةَ بنَ أبي سُفيانَ وأبا جَهمٍ خَطَباني، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أمَّا أبو جهمٍ فلا يَضَعُ عصاه عن عاتِقِه، وأمَّا مُعاويةُ فصُعلوكٌ لا مالَ له؛ انكِحِي أسامةَ بنَ زَيدٍ؛ فكَرِهْتُه. ثمَّ قال: انكِحِي أُسامَةَ، فنكَحْتُه، فجعل اللهُ فيه خيرًا، واغتَبطْتُ به )) [68] رواه مسلم (1480).
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ دَليلٌ على جوازِ الخِطبةِ على خِطبةِ الغيرِ ما لم يُجَبِ الأوَّلُ [69] ((سبل السلام)) للصنعاني (2/166).

انظر أيضا: