الموسوعة الفقهية

المبحث العاشِرُ: إذا اجتمَعَ مع الذَّبحِ سَبَبٌ يُحَرِّمُه


يَحرُمُ أكْلُ الحَيوانِ إذا اجتمَعَ مع ذَبْحِه سَبَبٌ يُحَرِّمُه [129] وهو الذي يَقتُلُ غالِبًا، وذلك مِثلُ: الغَرَق، والخنق، والترَدِّي من جبلٍ، وإصابة المَقاتِل مِنَ الحيوان. قال ابن نجيم: (إذا اجتمع الحلالُ والحرامُ غُلِّبَ الحرامُ. وبمعناها: ما اجتمَعَ مُحَرِّمٌ ومُبيحٌ إلَّا غَلَبَ المُحَرِّمُ). ((الأشباه والنظائر)) (ص 93)، وقال الزركشي: (ولو مات الصيدُ مِن مُبيحٍ ومُحَرِّمٍ مِثل أن يموتَ بسَهمٍ وبندقةٍ أصاباه، فهو حرامٌ تغليبًا للتَّحريمِ). ((المنثور في القواعد الفقهية)) (1/129).   ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [130] ((الفتاوى الهندية)) (5/286)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/51،52).   ، والمالِكيَّةِ [131] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/217)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/325).   ، والشَّافِعيَّةِ [132] ((المجموع)) للنووي (9/87)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/271).   ، والحَنابِلةِ [133] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/314)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/428). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/399).  
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((... وإنْ رَمَيتَ الصَّيدَ فوَجَدْتَه بعدَ يومٍ أو يومَينِ ليس به إلَّا أثَرُ سَهمِك؛ فكُلْ، وإن وقَعَ في الماءِ فلا تأكُلْ )) [134] أخرجه البخاري (5484) واللفظ له، ومسلم (1929).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الغَرَقَ سَبَبٌ يَقتُلُ، فإذا اجتمَعَ مع الذَّبحِ، فقد اجتمَعَ ما يُبيحُ ويُحَرِّمُ، فيُغَلَّبُ الحَظرُ [135] ((المغني)) لابن قدامة (9/399).  
ثانيًا: من الآثار
عن ابنِ مَسعودٍ رضي الله عنه قال: (إذا رمى أحَدُكم طائِرًا وهو على جَبَلٍ، فمات، فلا يأكُلْه؛ فإنِّي أخاف أن يكونَ قتَلَه ترَدِّيه، أو وقَعَ في ماءٍ فماتٍ، فلا يأكُلْه؛ فإنِّي أخافُ أن يكونَ قتَلَه الماءُ) [136] أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (8462)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (19691)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (18940). وصحَّح إسنادَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (5/280).  
ثالثًا: أنَّه لا يُؤمَنُ أن يُعِينَ على خروجِ الرُّوحِ، فتكونُ قد خرَجَت بفِعلَينِ: مُبيحٍ ومُحَرِّمٍ، فأشبَهَ ما لو وُجِدَ الأمرانِ في حالٍ واحدةٍ، أو رماه مُسلِمٌ ومَجوسيٌّ، فمات [137] ((المغني)) لابن قدامة (9/399).  

انظر أيضا: