الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّامِنُ: اشتِباهُ المُذَكَّى بغَيرِ المُذَكَّى


يَحرُمُ أكلُ اللَّحمِ إذا اشتَبَه المُباحُ منه بالحَرامِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَرِيبُك ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ بهذا الحَديثِ ونَحوِه الحَثُّ على الوَرَعِ وتَركِ الشُّبُهاتِ، فلو التبَسَت مثلًا مَيتةٌ بمُذَكَّاةٍ، أو امرأةٌ مَحْرَمٌ بأجنبيَّةٍ، ترَكَهما؛ لأنَّه يحتَمِلُ أن تكونَ هي المَيتةَ أو الأُختَ، وأنَّ تَرْكَ الحرامِ والاستبراءَ للدِّينِ والعِرضِ لا يتحَقَّقُ إلَّا بتجَنُّبِ الجَميعِ؛ لأنَّ ما لا يَتِمُّ تَرْكُ الحَرامِ إلَّا بتَركِه، فتَرْكُه واجِبٌ
ثانيًا: أنَّه لا يَصِحُّ الاجتِهادُ هنا؛ لِفَقدِ العلامةِ المُرَجِّحةِ، وظُهورُ العلامةِ شَرطٌ للعَمَلِ بالاجتِهادِ
ثالثًا: أنَّه إذا تناول أحَدَهما مِن غيرِ دَليلٍ شَرعيٍّ كان ترجيحًا بلا مُرَجِّحٍ، وهما مُستَويانِ في الحُكمِ، فليس تناوُلُ هذا بأَولى مِن هذا؛ فيُجتَنَبانِ جَميعًا
رابِعًا: لأنَّ القاعِدةَ أنَّه إذا اجتمَعَ الحَلالُ والحَرامُ، غُلِّبَ الحَرامُ

انظر أيضا:

  1. (1) ذكر ذلك الحنفيَّةُ إذا كان الحرامُ أكثَرَ مِن النِّصفِ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/219)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/736)، ويُنظر: ((تكملة البحر الرائق)) للطوري (8/545).
  2. (2) ((التاج والإكليل)) للمواق (1/301)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/383).
  3. (3) ((المجموع)) للنووي (1/195)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) للأنصاري (1/23).
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/67)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/198)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/559).
  5. (5) أخرجه الترمذي (2518)، والنسائي (5711)، وأحمد (1723)، والدارمي (2574). قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه النووي في ((بستان العارفين)) (32)، وابنُ الملقِّن في ((شرح البخاري)) (14/42)، والشوكاني في ((إرشاد الفحول)) (2/284)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (12).
  6. (6) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/326).
  7. (7) ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/23).
  8. (8) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (1/239).
  9. (9) ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 105).
  10. (10) الغَلْصَمةُ: رأسُ الحُلقومِ، وهو المَوضِعُ النَّاتئُ في الحَلقِ، والجَمعُ الغلاصِمُ، وغَلْصَمَه: أي: قطَعَ غَلْصَمَتَه والمُغَلْصَمةُ: هي التي ينحازُ فيها الموضِعُ النَّاتئُ في الحَلقِ جِهةَ الصَّدرِ بعد الذَّبحِ يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (5/1997)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/4)