الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالث: مَيتةُ حَيوانِ البحرِ غيرِ السَّمكِ


يُباحُ أكْلُ مَيتةِ البحرِ مِن غيرِ السَّمكِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ - في أصحِّ الوجهَيْن - ، والحنابلةِ ، وحُكيَ فيه الإجماعُ
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1- قولُه تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: 29]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأصلَ في كُلِّ الحَيواناتِ الحِلُّ؛ لعُمومِ الآيةِ، ومِن ذلك حَيوانُ البحرِ كلُّه
2- قولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة: 96]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ صَيْدُ الْبَحْرِ: ما أُخِذ حَيًّا، وَطَعَامُهُ: ما أُخِذ مَيتًا ؛ ولأنَّه فَرَّق بيْن الصَّيدِ والطَّعامِ؛ فدَلَّ على أنَّ الطَّعامَ ما مات بنفْسِه
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: سَأل رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنَتَوضَّأُ مِنَ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أفاد الحديثُ بعُمومِه أنَّ جميعَ مَيْتةِ البحرِ حلالٌ، ويَدخُلُ فيه غيرُ السَّمَكِ
2 - عن جابر رضيَ اللهُ عنه، قال: ((غَزَوْنا جيشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبو عُبَيدةَ، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فأَلْقى البحرُ حُوتًا مَيِّتًا لم يُرَ مِثلُه، يُقالُ له العَنْبرُ، فأكَلْنا منه نِصفَ شهرٍ، فأخذ أبو عُبَيدةَ عَظْمًا مِن عِظامِه، فمَرَّ الرَّاكِبُ تحتَه... فأخبَرَني أبو الزُّبَيرِ، أنَّه سمِع جابرًا يقولُ: قال أبو عُبَيدَةَ: كُلوا. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ ذكَرْنا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رِزقًا أخرَجه اللهُ، أَطعِمونا إنْ كان معَكم. فأتاه بعضُهم بعُضوٍ فأَكَله ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا يَدُلُّ على أنَّ دَوابَّ البحرِ كلَّها حلالٌ، مِنَ السَّمَكِ وغيرِه
ثالثًا: أنَّه لا يُتمكَّنُ مِن تَذكيَتِه؛ لأنَّه لا يُذبَحُ إلَّا بعد إخراجِه مِنَ الماءِ، ومتى خَرَج مات

انظر أيضا:

  1. (1) ((الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي)) (2/115)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/453).
  2. (2) ((المجموع)) للنَّووي (9/32)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/298).
  3. (3) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/201)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/289).
  4. (4) قال أبو الفرج ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا السَّمكُ وشَبَهُه ممَّا لا يعيشُ إلَّا في الماءِ، فإنَّه يُباحُ بغيرِ ذَكاةٍ، لا نَعلَمُ في هذا خلافًا). ((الشرح الكبير)) (11/42، 43).
  5. (5) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/15، 33).
  6. (6) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/33).
  7. (7) ((المعونة)) للقاضي عبد الوهاب (ص 700).
  8. (8) أخرجه أبو داودَ (83)، والتِّرْمذيُّ (69)، والنَّسائيُّ (59)، وابنُ ماجَهْ (386)، وأحمدُ (8735). وصحَّحه البُخاريُّ كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/197). وقال التِّرْمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحهـ)) (1243). وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التَّمهيد)) (16/217)، وقال: لأنَّ العلماء تَلقَّوْه بالقَبولِ. وكذا صحَّحه النَّوويُّ في ((المجموع)) (1/82).
  9. (9) ((شرح العمدة)) لابن تيميَّة (ص 134).
  10. (10) أخرجه البُخاريُّ (4362) واللَّفظُ له، ومسلمٌ (1935).
  11. (11) ((الأوسط)) لابن المُنذِر (1/394).
  12. (12) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (11/45).