الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّلُ: الخِنزيرُ


يَحرُمُ أكلُ الِخنزيرِ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام: 145]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ صَريحةٌ في تَحريمِ لَحمِ الخِنزيرِ، وخُصَّ اللَّحْمُ بِالذِّكْرِ مع أنَّ جَميعَ أجزائِه مُحَرَّمةٌ؛ لأنَّه أعظمُ مَنفَعتِه ، وقد قُرِنَت به عِلَّةُ تحريمِه، وهو كَونُه رِجسًا
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((والذي نَفسي بيَدِه، لِيُوشِكَنَّ أن يَنزِلَ فيكم ابنُ مَريمَ حَكَمًا عَدْلًا، فيَكسِرَ الصَّليبَ، ويَقتُلَ الخِنزيرَ، ويَضَعَ الجِزيةَ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يَقبَلَه أحَدٌ، حتى تكونَ السَّجدةُ الواحِدةُ خَيرًا مِنَ الدُّنيا وما فيها ))
وجهُ الدَّلالةِ:
يُستَفادُ منه تحريمُ اقتِناءِ الخِنزيرِ وتحريمُ أكلِه، وأنَّه نَجِسٌ؛ لأنَّ الشَّيءَ المُنتَفَعَ به لا يُشرَعُ إتلافُه
2- عن سُلَيمانَ بنِ بُرَيدةَ عن أبيه رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن لَعِبَ بالنَّرْدَشيرِ فكأنَّما صَبَغ يَدَه في لَحمِ خِنزيرٍ ودَمِه ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الغامِسَ يَدَه في لَحمِ الخِنزيرِ يدعوه إلى أكلِه؛ باعتبارِ ذلك مُقَدِّمةً لأكْلِه، وهو مُحَرَّمٌ
3- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه سَمِعَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ عامَ الفَتحِ وهو بمكَّةَ: ((إنَّ اللهَ ورَسولَه حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ والمَيْتةِ، والخِنزيرِ والأصنامِ ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه نَصٌّ على تحريمِ بَيعِ الخِنزيرِ، وقد أجمَعوا على حُرمةِ بَيعِه وشِرائِه، وهذا يدُلُّ على أنَّه لا مَنفعةَ فيه، ومنها مَنفَعةُ أكلِه
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على حُرمةِ الخِنزيرِ: ابنُ المُنذِرِ ، وابنُ حَزمٍ ، وابنُ عَبدِ البَرِّ ، وابنُ قُدامةَ ، وابنُ القَطَّان ، والقُرطبيُّ ، والنَّوويُّ

انظر أيضا:

  1. (1) حَيَوانُ البَرِّ: هو الذي لا يعيشُ إلَّا في البَرِّ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/79)  
  2. (2) ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/153)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (2/365).
  3. (3) ((فتح الباري)) لابن حجر (9/657).
  4. (4) أخرجه البخاري (3448)، واللفظ له، ومسلم (155).
  5. (5) ((فتح الباري)) لابن حجر (6/491).
  6. (6) النردشير: هو النَّرْدُ المعروفُ، وهو شيءٌ يُلعَبُ به. ​يُنظر: ​((شرح النووي على مسلم)) (15/15)، ((لسان العرب)) لابن منظور (3/421).
  7. (7) أخرجه مسلم (2260).
  8. (8) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (32/226).
  9. (9) أخرجه البخاري (2236)، واللفظ له، ومسلم (1581).
  10. (10) ((المغني)) لابن قدامة (4/192).
  11. (11) قال ابن المنذر: (وأجمع أهلُ العلمِ على تحريمِ الخنزيرِ). ((الأوسط)) (2/413).
  12. (12) قال ابن حزم: (واتَّفَقوا أنَّ... لحمَ الخنزيرِ وشَحْمَه، ووَدَكَه وغضروفَه، ومُخَّه وعَصَبَه: حرامٌ كُلُّه، وكلُّ ذلك نجِسٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص 23).
  13. (13) قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (فإنْ قال قائل: إنَّ الحُمُرَ الأهليَّةَ وذا النابِ مِنَ السِّباعِ لو كان أكلُها حرامًا، لكَفَر مُستَحِلُّها، كما يَكفُرُ مُستَحِلُّ الميتةِ ولَحمِ الخنزيرِ، فالجوابُ عن ذلك: أنَّ المُحرَّمَ بآيةٍ مُجتَمَعٍ تأويلُها أو سُنَّةٍ مُجتَمَعٍ على القَولِ بها: يَكفُرُ مُستَحِلُّهـ). ((التمهيد)) (1/147).
  14. (14) قال ابن قدامة: (وحُكمُ الخنزيرِ حُكمُ الكَلبِ؛ لأنَّ النصَّ وقع في الكَلبِ، والخِنزيرُ شَرٌّ منه وأغلَظُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى نصَّ على تحريمِه، وأجمع المسلمونَ على ذلك، وحَرُمَ اقتناؤُهـ) ((المغني)) (1/42).
  15. (15) قال أبو الحسن بن القطَّان: (واتَّفَقوا أنَّ الخِنزيرَ- ذَكَرَه وأنثاه، صَغيرَه وكَبيرَه- حَرامٌ: لَحمُه وشَحمُه، وعَصَبُه ومُخُّه، وعَظمُه وغُضروفه، ودِماغُه وحَشوتُه؛ حَرامٌ كُلُّ ذلك بالاتِّفاقِ). ((الإقناع)) (1/109).
  16. (16) قال القرطبي: (لا خِلافَ أنَّ جُملةَ الخنزير محَرَّمةٌ إلَّا الشَّعرَ؛ فإنَّه يجوزُ الخرازةُ بهـ). ((تفسير القرطبي)) (02/223).
  17. (17) قال النووي: ((فأمَّا) النَّجِسُ فلا يَحِلُّ أكلُه، وهو الكَلبُ والخنزيرُ وما تولَّدَ مِن أحدِهما وغَيره، وهذا لا خلافَ فيهـ). ((المجموع)) (9/3).
  18. (18) كالأسَدِ، والفَهدِ، والنَّمِر، والذئب، والثعلب، والكلب، والهِرِّ، والفيل، والدُّب، والقِرد يُنظر: ((البناية شرح الهداية)) للعيني (4/397)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (2/117)، ((المجموع شرح المهذب)) (9/14)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/267)