الموسوعة الفقهية

المبحث الأول: العمليَّاتُ الجِراحيَّةُ للعِلاجِ أو إزالةِ العُيوبِ


يجوزُ إجراءُ العمَليَّاتِ الجِراحيَّة للعِلاجِ، أو لإزالةِ العُيوبِ الخِلْقيَّة والمُكتَسَبةِ (الطَّارئة)
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُستَوشِماتِ، والمتنَمِّصاتِ، والمتفَلِّجاتِ للحُسنِ، المغَيِّراتِ خَلقَ اللهِ، ما لي لا ألعَنُ مَن لعَنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو في كتابِ اللهِ؟! ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحَرامَ هو فيما إذا كان لطَلَبِ الحُسنِ، أمَّا ما كان للعِلاجِ فيَجوزُ
2- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ طَرَفةَ: ((أنَّ جَدَّه عَرفجةَ بنَ أسعدَ قُطِعَ أنفُه يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذ أنفًا مِن وَرِقٍ، فأنتَنَ عليه، فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاتَّخَذ أنفًا مِن ذهَبٍ ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أذِنَ لهذا الصَّحابيِّ لَمَّا قُطِعَ أنفُه أن يتَّخِذَ أنفًا مِن ذهَبٍ فدلَّ على إباحةِ مثل ذلك عندَ الضرورةِ، كربطِ الأسنانِ به ، وأنَّ مثل هذه العمليات إذا كانت لإزالةِ عَيبٍ فهي جائزٌة، وما كانت لزيادةِ التَّجميلِ فليست بجائزةٍ
ثانيًا: أنَّ إجراءَ العَمَليَّاتِ الجِراحيَّةِ لإزالةِ العُيوبِ يُعَدُّ حاجةً؛ ولذلك يجوزُ إعمالًا للقاعدةِ العامة: الحاجةُ تُنزَّلُ مَنزِلةَ الضَّرورةِ، عامةً كانت أو خاصَّةً
ومن أمثلةِ ذلك:
1- تقويمُ الأسنانِ لإزالةِ عَيبٍ فيها.
2- زراعةُ الأسنانِ وتَركيبُ الأسنانِ الصِّناعيَّة.
3- زراعةُ الشَّعرِ؛ لإزالةِ عَيبِ الصَّلَعِ.
4- إزالةُ عَيبِ الشَّامات والوَحماتِ.
5- قطعُ الأعضاءِ الزَّائدة.
6- إعادةُ العُضوِ المقطوعِ.
7- علاجُ السِّمنةِ المُفرِطة.

انظر أيضا:

  1. (1) قال النووي في شرحه لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضِيَ الله عنهُ، في لَعنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للوَاشِماتِ والمُستَوشِمات: (وأمَّا قوله: «المتفَلِّجاتِ للحُسنِ» فمعناه: يفعَلْنَ ذلك طلبًا للحُسنِ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ الحَرامَ هو المَفعولُ لطَلَبِ الحُسنِ، أمَّا لو احتاجَت إليه لعلاجٍ أو عَيبٍ في السِّنِّ ونحوه، فلا بأسَ). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/107). وقال الشوكاني: (قولُه: (إلَّا مِن داءٍ) ظاهِرُه أنَّ التَّحريمَ المذكورَ إنَّما هو فيما إذا كان لقَصدِ التَّحسينِ لا لداءٍ وعِلَّةٍ؛ فإنَّه ليس بمُحَرَّمٍ، وظاهِرُ قَولِه: «المغَيِّراتِ خَلقَ اللهِ» أنَّه لا يجوز تغييرُ شَيءٍ مِن الخِلقةِ عن الصِّفةِ التي عليها). ((نيل الأوطار)) (6/229). وقال ابن عثيمين: (القاعدةُ في هذه الأمورِ أنَّ العمَليَّةَ لإزالةِ العَيبِ جائِزةٌ، والعمليَّة للتَّجميل غيرُ جائزة، ودليلُ ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لعَنَ المتفَلِّجاتِ في أسنانِهنَّ مِن أجلِ تجميلِ السِّنِّ، ولكنَّه أذِنَ لأحَدِ الصَّحابةِ رَضِيَ الله عنه لَمَّا أُصيبَ أنفُه وقُطِعَ أن يتَّخِذَ أنفًا مِن ذهَبٍ، فالقاعدة: أنَّ ما كان لإزالةِ عَيبٍ فهو جائز، وما كان لزيادةِ التَّجميلِ فهو ليس بجائزٍ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/51)، ويُنظر: ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (4/179).
  2. (2) أخرَجَه البُخاريُّ (5948)، ومُسْلِم (2125).
  3. (3) ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/107)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/51).
  4. (4) أخرجه أبو داود (4232) واللَّفظُ له، والتِّرمذي (1770)، والنَّسائي (5161)، وأحمد (19006). قال التِّرمذي: حسن غريب، وحَسَّنَه النووي في ((المجموع)) (1/254)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4232).
  5. (5) يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (4/215).
  6. (6) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/51).
  7. (7) ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 88)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 78).