المبحث الخامس: شروطُ الرَّميِ
المطلب الأوَّل: أن يكون المَرْمِيُّ به حَجَرًا: يُشْتَرَطُ أن يكون المرمِيُّ به حَجَرًا؛ ويُجْزِئُ الرَّمْيُ بكلِّ ما يُسمَّى حَصًى
، وهي الحجارةُ الصِّغارُ، ولا يصِحُّ الرميُ بالطِّينِ، والمعادِن، والترابِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة
, والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- عن
جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه؛ يصِفُ رميَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَمْرةَ العَقَبةِ، قال:
((فرمَاها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصَى الخَذْفِ ))
2- عن الفَضْلِ بنِ عبَّاسٍ،
((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في غَداةِ جَمْعٍ- يعني يومَ النَّحرِ- عليكم بحَصْى الخَذْفِ الذي يُرمَى به الجَمْرة ))
وَجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى بالحَصَى، وأمَرَ بالرَّمْيِ بمِثْلِ حَصى الخَذْفِ، فلا يتناوَلُ غيرَ الحصى، ويتناولُ جميعَ أنواعِه، فلا يجوزُ تَخصيصٌ بغيرِ دليلٍ، ولا إلحاقُ غَيرِه به
المطلب الثَّاني: العَدَدُ المَخصوصُ: الفرع الأوَّل: عددُ الحَصَياتِعَدَدُ الحَصَياتِ لكُلِّ جَمْرةٍ سَبْعةٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:1- حديثُ
جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه:
((ثمَّ سَلَكَ الطَّريقَ الوُسْطى التي تَخْرُجُ على الجَمْرةِ الكُبْرى، حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بطْنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى المَنْحَر ))
2- عَنِ
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما:
((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنْيا بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كلِّ حصاةٍ، ثم يتقَدَّمُ حتى يُسْهِلَ، فيقومَ مُسْتَقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرْفَعُ يديه، ثم يَرْمي الوُسْطى، ثم يأخذُ ذاتَ الشِّمالِ فيَسْتَهِلُ، ويقومُ مستقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويرفَعُ يديه، ويقومُ طويلًا، ثم يرمي جَمْرةَ ذاتِ العَقَبةِ مِن بَطْنِ الوادي، ولا يقِفُ عندها، ثم ينصَرِفُ، فيقول: هكذا رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه ))
الفرع الثَّاني: استيفاءُ عَدَدِ الحَصَياتِ يجبُ استيفاءُ عَدَدِ حَصَياتِ الرَّمْيِ السَّبْعِ في كل جَمْرةٍ، وهو المذهَبُ عند المالِكيَّة
, وروايةٌ عند
أحمدَ
، وبه قال
الأوزاعيُّ
, و
الليثُ
, وهو قولُ
الشِّنقيطيِّ
، و
ابنِ باز
، و
ابنِ عُثيمين
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- حديثُ
جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه:
((فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ ))
2- حديثُ
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما:
((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنيا بسَبْعِ حَصَياتٍ... ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ الرِّواياتِ الصحيحةَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه كان يرمي الجِمارَ بسَبْعِ حَصَياتٍ. مع قولِه:
((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
، فلا ينبغي العُدُولُ عن ذلك; لوضوحِ دليلِه وصِحَّتِه، ولأنَّ مُقابِلَه لم يَقُمْ عليه دليلٌ يقارِبُ دليله
المطلب الثَّالث: رَمْيُ الجَمْرةِ بالحَصَياتِ السَّبْعِ مُتَفَرِّقاتٍ واحدةً فواحدةًيُشْتَرَط أن يَرمِيَ الجَمْرةَ بالحَصَياتِ السَّبعِ متفرِّقاتٍ واحدةً فواحدةً، فلو رمى حصاتينِ معًا أو السَّبْعَ جملةً، فهي حصاةٌ واحدةٌ، ويَلْزَمُه أن يرمِيَ بسِتٍّ سواها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
, والمالِكيَّة
, والشَّافعيَّة
, والحَنابِلة
؛ وذلك لأنَّ المنصوصَ عليه تفريقُ الأفعالِ، فيتقَيَّد بالتفريقِ الواردِ في السنَّة
المطلب الرابع: وقوعُ الحصى داخِلَ الحَوضِ: يُشْتَرَط وقوعُ الحَصَى في الجَمْرةِ التي يَجْتَمِعُ فيها الحصى، وهذا مذهَبُ جُمهورِ الفُقَهاءِ مِنَ المالِكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
، وحُكي الإجماع على ذلك
الدليل من السنة:أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى إلى المرمى
، مع قوله صلى الله عليه وسلم
((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
المطلب الخامس: قَصْدُ المَرْمى ووقوعُ الحصى فيه بفِعْلِه: يُشْتَرَط أن يقْصِدَ المَرْمى، ويقَعَ الحصى فيه بفِعْلِه، فلو ضرب شخصٌ يَدَه فطارَتْ الحَصاةُ إلى المرمى وأصابَتْه لم يصِحَّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
, والمالِكيَّة
, والشَّافعيَّة
, والحَنابِلة
الدليل من السنة:قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ ))
المطلب السادس: أنْ تُرْمَى الحَصَى ولا تُوضَع: يُشْتَرَط أن يَرمِيَ الحَصَياتِ رَميًا ولا يكتفِيَ بوَضْعِها وضعًا، وهذا باتفاق المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ مِنَ الحَنَفيَّة
, والمالِكيَّة
, والشَّافعيَّة
, والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ لأنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى الجَمَراتِ, وقد قال:
((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
ثانيًا: أنَّه مأمورٌ بالرَّميِ، فاشتُرِطَ فيه ما يقَعُ عليه اسمُ الرَّمْيِ
المطلب السابع: ترتيبُ الجَمَراتِ في رَمْيِ أيَّامِ التَّشريقِ يُشْتَرَط أن يرمِيَ الجِمارَ الثَّلاثَ على التَّرتيبِ: يرمي أوَّلًا الجَمْرةَ الصُّغرى التي تلي مسجِدَ الخِيفِ، ثمَّ الوُسطى، ثم يرمي جَمْرةَ العَقَبةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكيَّة
, والشَّافعيَّة
, والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رتَّبَها في الرَّمْيِ
، وقال
((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
ثانيًا: لأنَّه نُسُكٌ متكَرِّرٌ، فاشتُرِطَ الترتيبُ فيه كالسَّعيِ
المطلب الثامن: أن يكونَ الرَّميُ في زَمَنِ الرَّميِ