الموسوعة الفقهية

الفصل الأول: أسماءُ طَوافِ القُدومِ، وحكمه


  المبحث الأوَّل: أسماءُ طَوافِ القُدومِ
يُسمَّى طوافَ القادِمِ، وطوافَ الوُرودِ، وطَوافَ الوارِدِ، وطَوافَ التَّحيَّة، وطَوافَ اللِّقاءِ
المبحث الثَّاني: حُكْمُ طَوافِ القُدُومِ
طوافُ القُدومِ سُنَّةٌ للقارِنِ والمُفْرِد القادِمَينِ مِن خارجِ مكَّةَ ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأمرَ المُطلَق لا يقتضي التَّكرارَ، وقد تعيَّنَ أنَّ المقصودَ بهذا الطَّوافِ طَوافُ الإفاضةِ بالإجماعِ، فلا يكون غيرُه كذلك
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن محمَّدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ نَوفلٍ القُرَشِيِّ، أنَّه سألَ عروةَ بنَ الزبيرِ، فقال: قد حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَتْني عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّه أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ أنَّه توضَّأَ، ثم طاف بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً. ثم حجَّ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكن عُمْرةً، ثم عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه مثل ذلك، ثم حَجَّ عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثمَّ لم تكُنْ عُمْرةً، ثم معاويةُ، وعبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثم حجَجْتُ مع أبي الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم رأيتُ المهاجرينَ والأنصارَ يفعلونَ ذلك، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم آخِرُ مَن رأيتُ فَعَلَ ذلك ابنُ عُمَرَ، ثم لم ينقُضْها عُمْرةً- وهذا ابنُ عُمَرَ عِنْدَهم فلا يسألونَه- ولا أحَدٌ مِمَّن مضى، ما كانوا يبدؤونَ بشيءٍ حتى يضعوا أقدامَهم مِنَ الطَّوافِ بالبَيْتِ، ثم لا يَحِلُّونَ، وقد رأيتُ أمِّي وخالتي حين تَقْدَمان، لا تبتَدِئان بشيءٍ أوَّلَ مِنَ البيتِ؛ تطوفانِ به، ثم إنَّهما لا تَحِلَّان ))
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الطويلُ، في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتَيْنا البيتَ معه استلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا ))
ثالثًا: أنَّ اللهَ سبحانه لم يأمُرْ بذلك الطَّوافِ ولا رسولُه، ولا اتَّفَقَ الجميعُ على وجوبِه، وإنَّما اتفقوا على أنَّه مِن شعائِرِ الحَجِّ ونُسُكِه، وهذا اليقينُ، فلا يُخْرَجُ عنه إلَّا بِبُرهانٍ
رابعًا: سقوطُ هذا الطَّوافِ عن الحائِضِ، فلو كان واجبًا لوجَبَ قضاؤُه وتدارُكُه، أو جَبْرُه بدمٍ
خامسًا: القياسُ على تحيَّةِ المسجدِ، فإنَّها ليست واجبةً، ولا على مَن تَرَكَها شيءٌ، فكذلك طوافُ القُدومِ، فإنَّه تحيَّةُ البيتِ
سادسًا: أنَّه لا يجِبُ على أهلِ مكَّةَ بالإجماعِ، ولو كان ركنًا لوجب عليهم؛ لأنَّ الأركانَ لا تختَلِفُ بين أهلِ مكَّة وغيرِهم، كطوافِ الزِّيارةِ، فلمَّا لم يجِبْ على أهل مكَّة دلَّ أنَّه ليس برُكْنٍ
سابعًا: لأنَّ أركان الحَجِّ لا تتكرَّر، وطوافُ الزِّيارة رُكْنٌ بالإجماعِ، ولو كان طوافُ القدومِ فرضًا لتكرَّرَ

انظر أيضا:

  1. (1) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/19)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/277)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/142).
  2. (2) أمَّا أهل مكَّة فلا طوافَ قدومٍ لهم؛ وذلك لانعدامِ القُدومِ في حقهم، وأمَّا المتمتِّعُ فإنَّه يباشر أعمالَ عُمْرَتِه مِنَ الطَّوافِ والسَّعي. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/457، 458)، ((الكافي)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/360)، ((المجموع)) للنووي (8/12)، ((قواعد ابن رجب)) (ص: 25).
  3. (3) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/19)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/457).
  4. (4) ((المجموع)) للنووي (8/12)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/484).
  5. (5) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/477)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/469).
  6. (6) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/458).
  7. (7) رواه البخاري (1641) واللفظ له، ومسلم (1235).
  8. (8) رواه مسلم (1218).
  9. (9) قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (لا خلاف بين العُلَماء أنَّ هذا الطَّوافَ مِن سُنَنِ الحجِّ وشعائِره ونُسُكهـ) ((التمهيد)) (17/271، 272).
  10. (10) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (26/260، 261)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (50/ 221).
  11. (11) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/457)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (44/190، 50/221).
  12. (12) ((بدائع الصنائع)) للكاساني(2/146)
  13. (13) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/19)