الموسوعة الفقهية

المبحث الخامس: إذا اجتمَعَ مع عُروضِ التِّجارةِ سببٌ آخرُ للزَّكاة


إذا اجتمعَتْ زكاتَا التِّجارةِ والعَينِ، فقد اختلَفَ أهلُ العِلمِ في الواجِبِ منهما على قولين:
القول الأوّل: أنَّ الواجِبَ زكاةُ التِّجارةِ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّةِ ((تبيين الحقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (1/259)، ((البناية شرح الهداية)) لبدر الدين العيني (3/315). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/242)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/61) ونسَبه أيضًا لسفيان الثوري. ، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400). ، وبه صدر قرارُ ندَواتِ قضايا الزَّكاةِ المُعاصِرَة في قرارات الندوة السابعة: (إذا اجتمع مع عروض التِّجارة سببٌ آخر للزَّكاة كالسوائم أو الزروع، تزكَّى زكاة عروض التِّجارة). ((فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزَّكاة المعاصرة)) (ص: 593).
 وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ زكاةَ التِّجارةِ أنفعُ للمساكينِ؛ لأنَّها تزدادُ بزيادةِ القِيمةِ ولا وقَصَ الوَقَصُ (بالتحريك): واحِدُ الأوقاصِ في الصَّدَقة، وهو ما بينَ الفَريضتينِ مِن نُصُبِ الزَّكاةِ مِمَّا لا شيءَ فيه، نحو أن تبلُغَ الإبِلُ خمسًا، ففيها شاةٌ، ولا شيءَ في الزيادةِ حتى تبلُغَ عَشرًا، فما بين الخَمْسِ إلى العَشْرِ وَقَصٌ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (9/ 381) ((المصباح المنير)) للفيومي (10/ 428). فيها، فكان إيجابُها أوْلى ((المجموع)) للنووي (6/50).
ثانيًا: أنَّها أنفَعُ للمستحقِّينَ؛ فإنَّها تجِبُ في كلِّ شيءٍ، وزكاةُ العينِ تختصُّ ببعضِ الأعيانِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400).
ثالثًا: أنَّ الزَّائِدَ عن النِّصابِ قد وُجِدَ سببُ وُجوبِ زكاتِه، فيجِبُ كما لو لم يبلُغْ بالسَّوْمِ نِصابًا ((المغني)) لابن قدامة (3/60).
القول الثاني: تَجِبُ زكاةُ العَينِ مِنَ السَّائمة أو مِنَ الزُّروعِ والثِّمارِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/357)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/87). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400).
 وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ زكاةَ العَينِ أقوى؛ لاختصاصِها بالعَينِ، فكانت أوْلى، أمَّا زكاةُ التِّجارةِ فإنَّها متعلِّقةٌ بالقيمةِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400)، ((المغني)) لابن قدامة (3/60).
ثانيًا: أنَّ زكاةَ العين أقوى؛ لكونِها مُجمَعًا عليها، وزكاةُ التِّجارةِ مختلَفٌ في وجوبِها؛ ولهذا لا يَكفُرُ جاحدُها، بخلافِ الأُولى ((المجموع)) للنووي (6/50)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/400).
ثالثًا: أنَّ نِصابَ العَينِ يُعرَفُ قطعًا، ونِصابُ التِّجارةِ يُعرَفُ بالظَّنِّ، فكانت زكاةُ العَينِ أَوْلى ((المجموع)) للنووي (6/50).

انظر أيضا: