المبحث الثالث: بلوغُ النِّصاب
المطلب الأوَّل: مقدارُ نِصابِ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِنِصابُ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِ، هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّةِ، وهو قولُ عامَّةِ العُلَماء
وذلك للآتي: أولا: لأنَّ نِصابَ الذَّهَبِ والفضَّة لا يختَلِفُ، والواجِبُ فيهما أيضًا لا يختَلِفُ، فنِصابُ الفضةِ مائتا دِرهَمٍ على كلِّ حالٍ، ونِصابُ الذَّهَبِ عشرونَ مثقالًا على كلِّ حالٍ، والواجِبُ فيها رُبُعُ العُشرِ على كلِّ حالٍ
ثانيًا: لأنَّ الذَّهَبَ والفِضَّةَ أصولُ جملةِ هذه الأموالِ؛ لأنَّ هذه الأموالَ في الغالِبِ تحصُلُ بهما، فكان إلحاقُ هذه الأموالِ بالذَّهَب والفِضَّةِ أولى
المطلب الثاني: كيفيَّةُ تقويمِ نِصابِ عُروضِ التِّجارةنِصابُ عُرُوضِ التِّجارةِ هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّة، وتُقوَّمُ بالأحظِّ للمَساكينِ منهما، فإنْ كان إذا قوَّمَها بأحدِهما لا تبلُغُ نِصابًا، وبالآخرِ تبلُغُ نِصابًا؛ تعيَّنَ عليه التَّقويمُ بما يبلُغُ نِصابًا
، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة
، والحَنابِلَة
، وبه صَدَرَت فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ
، وهو اختيارُ
ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:أوَّلًا: احتياطًا لحقِّ أهلِ الزَّكاة؛ فإنَّ تقويمَ الزَّكاةِ كان لحظِّهم، فلا بدَّ مِن مراعاتِه
ثانيًا: أنَّ قيمتَه بلغتْ نِصابًا، فتجِبُ الزَّكاة فيه، كما لو اشتراه بعَرْضٍ، وفي البلد نَقْدانِ مستعمَلانِ، تبلغُ قيمةُ العُروضِ بأحَدِهما نِصابًا
المطلب الثالث: ضمُّ قيمةِ عُروضِ التِّجارةِ إلى النَّقدينِ في تكميلِ النِّصابِ:تُضمُّ قيمةُ العُروضِ إلى الذَّهَبِ أو الفضَّةِ- وفي حُكمِهما العُملةُ النقديَّةُ- ويُكمَّلُ بها نِصابُ كلٍّ منهما.
الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك:
الخطَّابيُّ
، و
ابنُ قُدامةَ
، و
الكمالُ ابنُ الهُمامِ
ثانيًا: أنَّ زكاةَ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ؛ فهُما جنسٌ واحدٌ، فيجِبُ ضمُّهما إليه
ثالثًا: أنَّ السِّلعَ التِّجاريَّةَ تُقوَّمُ بالنَّقدِ، ونِصابُها نِصابُ النَّقدِ؛ فلهذا تُضَمُّ إلى النَّقدِ في النِّصابِ والحَوْل
المطلب الرابع: وقتُ اعتبارِ كمالِ النِّصَابِ اختلف أهلُ العِلم في وقتِ اعتبارِ كمالِ النِّصابِ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: اعتبارُ النِّصابِ في آخِرِ الحَوْلِ فقط، وهو مذهَبُ المالكيَّة
والشافعيَّة
لأنَّ زكاةَ عُروضِ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ، وتقويمُ العَرضِ في كلِّ وقتٍ يشقُّ؛ لكثرةِ اضطرابِ القِيَمِ، فاعتُبِرَ حالُ الوُجوبِ، وهو آخِرُ الحَوْلِ، بخلافِ سائِرِ الزَّكواتِ؛ لأنَّ نِصابَها مِن عَيْنِها، فلا يشقُّ اعتبارُه
القول الثاني: اعتبارُ النِّصابِ في جميعِ الحَوْلِ، فمتى نقَصَ النِّصابُ في لحظةٍ منه، انقطَعَ الحَوْلُ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلَة
، وهو قولُ
ابنِ سُريجٍ من الشافعيَّة
وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه مالٌ يُعتبَرُ له النِّصابُ والحَوْلُ، فوجب اعتبارُ كمالِ النِّصابِ في جميع أيَّامِ الحَوْل كسائِرِ الأمورِ التي يُعتبَرُ فيها ذلك
ثانيًا:القياسُ على زكاةِ الماشِيَةِ وزكاةِ النَّقدينِ
القول الثالث: اعتبارُ النِّصابِ في أوَّلِ الحَوْلِ وآخِرِه، ولا يضرُّ نقصُه بينهما، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة
، وهو وجهٌ للشَّافعيَّة
وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ تقويمَ العَرْضِ في كلِّ لحظةٍ مِنَ الحَوْل؛ ليُعلَم أنَّ قيمَتَه فيه تبلُغُ نِصابًا يشقُّ، فاعتُبِرَ بطَرَفيه
ثانيًا: أنَّ اشتراطَ النِّصابِ في الابتداءِ للانعقادِ، وفي الانتهاءِ للوُجوبِ، وما بينهما بمعزِلٍ عنهما جميعًا فلا يكونُ كلُّ جزءٍ من الحَوْل بمعنى أوَّلِه وآخِرِه