الموسوعة الفقهية

المطلب العاشر: حُكمُ القيامِ للجِنازة


اختلف أهلُ العلم في حُكْم ِالقِيامِ للجِنازة إذا مَرَّت به؛ على قولين:
القول الأول: يُكره القيامُ للجِنازة إذا مَرَّت به، ولم يُرِدِ الذَّهابَ معها، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة : الحَنفيَّة ، والمالكية ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلَة ، وهو قول طائفةٍ مِنَ السَّلَف
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: ((قام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قعَدَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أن آخِرَ الأمرينِ من رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم تَرْكُ القيامِ لها، والأخذُ بالآخِرِ مِن أَمْرِه أَوْلى
القول الثاني: يُستحَبُّ القيامُ للجِنازة إذا مَرَّت به، وهو قولُ بعض الشَّافعيَّة، واختاره النوويُّ ، وهو روايةٌ عن أحمدَ ، وقولُ بعض السَّلَفِ ، واختاره ابنُ تيميَّةَ وابنُ القيِّم ، وابنُ باز ، وابنُ عُثيمين
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عن عامِر بنِ ربيعةَ رَضِيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((إذا رأى أحدُكم الجِنازة، فإن لم يكُنْ ماشيًا معها، فلْيَقمْ حتى تُخَلِّفَه، أو توضَعَ مِن قَبلِ أن تُخَلِّفَه ))
2- عن ابنِ أبي ليلى ((أنَّ قيسَ بنَ سَعدٍ، وسهلَ بنَ حُنيفٍ رَضِيَ الله عنهما، كانا بالقادسيَّة فمَرَّت بهما جِنازة فقاما، فقيل لهما: إنَّها مِن أهْلِ الأرضِ، فقالا: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّتْ به جِنازة، فقام؛ فقيل: إنَّه يهوديٌّ، فقال: ألَيْسَتْ نَفْسًا ))
3- عن جابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ الله عنه، قال: ((مرَّتْ جنازة، فقام لها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقُمْنا معه، فقلنا: يا رسولَ الله، إنَّها يهوديَّةٌ، فقال: إنَّ المَوتَ فَزَعٌ؛ فإذا رأيتُم الجِنازة فقُوموا ))

انظر أيضا:

  1. (1) قال الشوكاني: (القيام للجِنازَة إذا مَرَّتْ أمرٌ منسوخٌ.. قال القاضي عِياض: ذهب جميعُ السَّلفِ إلى أنَّ الأمر منسوخٌ بحديث عليٍّ). ((الدراري المضية)) (1/143).
  2. (2) قال النوويُّ: (قال الشافعيُّ وأصحابُنا: وإذا مَرَّتْ به جِنازَة ولم يُرِدِ الذَّهابَ معها لم يَقُمْ لها، بل نَصَّ أكثرُ أصحابنا على كراهة القيام، ونَقَلَ المحامليُّ إجماعَ الفقهاء عليهـ). ((روضة الطالبين)) (2/116).
  3. (3) ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزيلعي (1/244)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 224). نصَّ الحنفيَّةُ على عدمِ القيامِ لها، دونَ التَّصريحِ بالكَراهةِ.  
  4. (4)   (مواهب الجليل)) للحطاب (3/58)،  ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/424). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/139).
  5. (5) ((المجموع)) للنووي (5/280)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/20).
  6. (6)   ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/130). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/357).
  7. (7) ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60).
  8. (8) أخرجه مسلم (962).
  9. (9) ((المغني)) لابن قدامة (2/358)
  10. (10) ((المجموع)) للنووي (5/280).
  11. (11) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/380)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/242).
  12. (12) ((الأوسط)) لابن المنذر (5/425، 427)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3 /179).
  13. (13) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/361).
  14. (14) ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/502).
  15. (15) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/187، 188).
  16. (16) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/11).
  17. (17) أخرجه البخاري (1308)، ومسلم (958).
  18. (18) أخرجه البخاري (1312)، ومسلم (961).
  19. (19) أخرجه البخاري (1311)، مسلم (960) واللفظ له.