الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: حُكمُ عيادةِ المريضِ


الفرع الأوَّل: عيادةُ المريضِ المُسْلِم
تُستَحَبُّ عيادةُ المريضِ المُسْلِمِ ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلَة ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عن البراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسَبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمَرَنا باتِّباعِ الجنائِزِ، وعيادَةِ المريضِ... ))
2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سَمِعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((حَقُّ المُسلمِ على المُسْلمِ خَمْسٌ: ردُّ السلامِ، وعيادةُ المريضِ... ))
3- عن أبي مُوسى الأشعريِّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أطْعِموا الجائِعَ، وعُودُوا المريضَ، وفُكُّوا العانيَ ))
4- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((مَرِضْتُ مرَضًا، فأتاني النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُني... ))
5- عن عُرْوةَ؛ أنَّ أسامةَ بنَ زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أخبَرَه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَكِبَ على حمارٍ، على إكافٍ على قطيفةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وأردَفَ أسامةَ وراءَه، يعود سَعْدَ بنَ عبادَةَ قبلَ وَقْعةِ بَدْرٍ.. ))
6- عن ثَوبانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، مولى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((من عادَ مريضًا لم يَزَلْ في خُرْفَةِ الجنَّةِ، قيل: يا رسولَ اللهِ، وما خُرْفَةُ الجنَّة؟ قال: جَناها )
7- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يومَ القِيامةِ: يا ابنَ آدمَ، مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رَبِّ، كيف أعودُك وأنت ربُّ العالمينَ؟! قال: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عبدي فُلانًا مَرِض فلم تَعُدْه، أمَا عَلِمْتَ أنَّك لو عُدْتَه لوَجَدْتَني عِندَه؟... ))
الفرع الثَّاني: عيادةُ المريضِ الذِّمِّي
تجوزُ عيادةُ المريضِ الذمِّيِّ، خاصَّةً إذا كان يُرجَى إسلامُه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة ، والشَّافعيَّة ، وروايةٌ عن أحمَدَ ، وهو قَوْلُ ابنِ حَزْمٍ ، وابنِ عبدِ البَرِّ وابنِ تَيْميةَ والشَّوكانيِّ ، وابنِ عُثَيمينَ ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كان غلامٌ يهوديٌّ يخْدُمُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فمَرِض، فأتاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُه، فقعد عند رأْسِه، فقال له: أَسْلِمْ، فنظَرَ إلى أبيه وهو عِندَه، فقال له: أطِعْ أبا القاسِمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأسْلَمَ، فخرج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يقول: الحَمْدُ للهِ الذي أنقَذَه مِنَ النَّارِ ))
ثانيًا: لأنَّ هذا من المعامَلَةِ الحَسَنةِ التي يُقْصَدُ بها تأليفُهم، ودَعْوتُهم إلى الإسلامِ، وترغيبُهم فيه

انظر أيضا:

  1. (1) وقد اتَّفَقَ العُلماءُ على مشروعيَّةِ عيادَةِ المريضِ وفَضْلِها. قال ابْنُ حزمٍ: (اتَّفقوا أنَّ عيادةَ المريض فَضْلٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 157). وقال النوويُّ: (اتَّفق العُلماءُ على فضلِ عيادةِ المريض). ((شرح النووي على مسلم)) (16/124). وقال الشوكانيُّ: (عيادَةِ المريضِ... مشروعةٌ بالإجماعِ). ((نيل الأوطار)) (4/22)
  2. (2) ((البناية)) للعيني (9/23). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (8/19).
  3. (3) ((حاشية العدوي)) (2/624). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (13/310).
  4. (4) ((المجموع)) للنووي (5/111). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/10).
  5. (5) ((الفروع)) لابن مفلح (3/251). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/334).
  6. (6) قال ابْنُ عبد البَرِّ: (وعيادةُ المريضِ سُنَّةٌ مسنونةٌ، فعَلَها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمَرَ بها ونَدَبَ إليها، وأخبَرَ عن فَضْلها بضروبٍ من القولِ... فثبتت سُنَّةً ماضيةً لا خلافَ فيها). ((التمهيد)) (19/203). وقال النوويُّ: (أمَّا عيادةُ المريض فسُنَّةٌ بالإجماعِ، وسواءٌ فيه من يَعْرِفه ومَن لا يعرِفُه، والقريبُ والأجنبيُّ). ((شرح النووي على مسلم)) (14/31).
  7. (7) أخرجه البخاري (1239) واللفظ له، ومسلم (2066).
  8. (8) أخرجه البخاري (1240) واللفظ له، ومسلم (2612).
  9. (9) أخرجه البخاري (5373).
  10. (10) أخرجه البخاري (5651) واللفظ له، ومسلم (1616).
  11. (11) إكاف: الإِكافُ للحمارِ كالسَّرْج للفَرَس، والرَّحْلِ للنَّاقة. يُنظر: ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (4/17).
  12. (12) الفَدَكِيَّة: منسوبةٌ إلى فَدَك، وهي قريةٌ بِنَاحِيَة الحِجاز. يُنظر: ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (4/17)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (10/73).
  13. (13) أخرجه البخاري (5663) واللفظ له، ومسلم (1798).
  14. (14) قال ابْنُ حجر: (وخرفة بضم المعجمة وسكون الراء بعدها فاء ثم هاء: هي الثمرة إذا نَضِجَت؛ شَبَّه ما يحوزه عائِدُ المريض من الثوابِ بما يحوزه الذي يجتني الثَّمَر، وقيل: المرادُ بها هنا الطريقُ، والمعنى أنَّ العائِدَ يمشي في طريق تؤدِّيه إلى الجنَّة، والتفسيرُ الأَوَّلُ أولى). ((فتح الباري)) (10/113)، وينظر: ((شرح النووي على مسلم)) (16/124). ). قال ابْنُ عثيمين: (يعني أنه يجني من ثمارِ الجنَّة مدَّةَ دوامِه جالسًا عند هذا المَريضِ). ((شرح رياض الصالحين)) (4/470).
  15. (15) أخرجه مسلم (2568).
  16. (16) أخرجه مسلم (2569).
  17. (17) ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 367). ويُنظر: ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (3/344).
  18. (18) ((المجموع)) للنووي (5/112)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/329، 330).
  19. (19) ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/131)، وينظر: ((أحكام أهل الذمة)) لابن القيم (1/427).
  20. (20) ((المُحَلَّى) (3/403).
  21. (21) ((التمهيد)) (24/276).
  22. (22) ((الفتاوى الكبرى)) (5/545).
  23. (23) ((نيل الأوطار)) (8/77).
  24. (24) ((فتاوى نور على الدرب)) (21/5).
  25. (25) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (24/138).
  26. (26) أخرجه البخاري (1356).
  27. (27) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (24/138).