المطلب الثَّالث: ألفاظ التكبير وصفته
الفرع الأول: صيغةُ التكبيرِ في العيدِ لا تَلزَمُ صيغةٌ معيَّنةٌ للتكبيرِ
؛ فالأمرُ فيه واسعٌ، وهذا مذهبُ
مالكٍ
، وروايةٌ عن
أحمدَ
، وهو قول
ابنُ تيميَّة
، و
الصنعانيُّ
، و
الشوكانيُّ
، و
ابنُ باز
، و
ابنُ عُثيمين
الأدلَّة:أولًا: من الكِتابِ1- قوله تعالى:
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28] 2- وقوله تعالى:
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203] وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه أَطلَقَ الأمرَ بذِكرِ اللهِ تعالى، ولم يُقيِّدْه بصيغةٍ معيَّنةٍ؛ فكيفما كبَّر فقَدِ امتثلَ الأمرَ
ثانيًا: أنَّ المسألةَ ليس فيها نصٌّ يَفصِلُ بين المتنازِعِينَ من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعةٌ
ثالثًا: أنَّ تعدُّدَ صِيَغِ التَّكبيرِ الواردةِ عن السَّلَفِ يَدلُّ على التوسعةِ
الفرع الثاني: أفضلُ صِيَغِ التَّكبيرِالأَفضلُ أنْ يُكبِّرَ قائلًا: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
، والحَنابِلَة
، وقولُ
الشافعيِّ القديم
، وبه قال طائفةٌ من السَّلَف
الأدلَّة: أولًا: من الآثار1- عن شَريكٍ، قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ و
عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؟ قال:
((كانا يقولان: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد))
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: (أنَّه كان يُكبِّرُ أيَّامَ التَّشريقِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد)
ثانيًا: أنَّه الأمرُ المشهورُ والمتوارَثُ من الأمَّة
ثالثًا: أنَّه أجمعُ؛ لاشتمالِه على التكبيرِ، والتَّهليل، والتَّحميد؛ فكان أَوْلى
رابعًا: أنَّه شبيهٌ بصِيغة الأذان؛ فكان أَوْلى لتعلُّقِ الذِّكرِ بالصَّلاةِ، ولأنَّه في الأعيادِ التي يُجتمَعُ فيها اجتماعًا عامًّا، كما أنَّ الأذانِ لاجتماعِ النَّاسِ
الفرع الثالث: الجهرُ بالتَّكبيرِيُسنُّ الجهرُ بالتكبيرِ للرِّجالِ
، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وهو روايةٌ عن
أبي حَنيفةَ
، وقال به من الحَنَفيَّة
أبو يوسف و
محمَّد بن الحسن
والطحاويُّ
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أمِّ عَطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت:
((كنَّا نُؤمَر أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخرِجَ البكرَ مِن خِدْرِها، وحتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ، فيكنَّ خلْفَ الناسِ، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدُعائِهم، يرجونَ بَركةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه لولا إظهارُ التكبيرِ من الرِّجالِ، لَمَا كبَّر النساءُ خَلفَهم بتكبيرِهم
ثانيًا: من الآثار 1- (كان
ابنُ عُمرَ وأبو هُرَيرَة يَخرُجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر الناسُ بتكبيرِهما)
2- عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما:
((أنَّه كان إذا غدَا يومَ الفِطرِ ويومَ الأضحى يَجهَر بالتكبيرِ حتى يأتيَ المصلَّى، ثم يُكبِّرَ حتى يأتيَ الإمامُ))
ثالثًا: ما في التكبيرِ ورفْعِ الصوتِ بهِ من إظهارِ شعائرِ الإسلامِ، وتذكيرِ الغَيرِ
الفرع الرابع: حُكمُ التَّكبيرِ الجَماعيِّلا يُشرَعُ التكبيرُ الجماعيُّ
في العِيدينِ، ونصَّ فقهاءُ المالِكيَّة على أنَّه
بدعةٌ
، وقرَّره
الشاطبيُّ
، وهو قولُ
ابنِ باز
، و
الألبانيِّ
، و
ابنِ عُثيمين
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((مَن أَحْدَثَ في أَمرِنا هذا ما ليسَ منه، فهو ردٌّ ))
ثانيًا: أنَّه ليس في الشَّرعِ ما يدلُّ على هذا التَّخصيصِ الملتزَم؛ لأنَّ التزامَ الأمورِ غيرِ اللازمةِ يُفهَمُ على أنَّه تشريعٌ، وخصوصًا مع مَن يُقتدَى به في مجامعِ الناسِ كالمساجدِ
ثالثًا: أنَّه لم يفعلْه السَّلفُ الصالحُ، لا مِن الصَّحابةِ، ولا مِن التابعين، ولا تابعيهم، وهم القدوةُ، والواجبُ الاتباعُ وعدمُ الابتداعِ في الدِّينِ