الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالث: ألفاظ التكبير وصفته


الفرع الأول: صيغةُ التكبيرِ في العيدِ
لا تَلزَمُ صيغةٌ معيَّنةٌ للتكبيرِ من صِيَغ التكبير: أ- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ). رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (2/168)، عن شَريك قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ الله بن مسعودٍ؟ فذكر الأثَر. قال ابنُ الهمام: سنده جيِّد. ((فتح القدير)) (2/82). ب- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد). رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (2/165)، والطبراني (9/355) (9534)، عن عبد الله بن مسعود. جوَّد إسنادَه الزيلعيُّ في ((نصب الراية)) (2/223)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/200). ج- (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كبيرًا). أخرجه البيهقيُّ في ((فضائل الأوقات)) (227) عن سلمان.  وصحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (2/536)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (3/389). ؛ فالأمرُ فيه واسعٌ، وهذا مذهبُ مالكٍ قال سحنون: (قلت لابن القاسمِ: فهل ذَكَر لكم مالكٌ التكبيرَ؛ كيف هو؟ قال: لا، قال: وما كان مالكٌ يحدُّ في هذه الأشياء حدًّا. والتكبير في العيدين جميعًا سواء) ((المدونة الكبرى)) (1/245). وقال القرافيُّ: (ولم يُحدِّده مالكٌ- أي: التكبير في عيد الفِطر-؛ لأنَّ الأمرَ ورَد به مطلقًا) ((الذخيرة)) (2/419). وقال النفراويُّ: ("و" عدة "التكبير دُبرَ الصلوات" أن يقول المكبِّر: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ" ثلاثًا بالإعراب إلَّا أن يقف، وتقدَّم أنه لا بدَّ من التلفُّظ والمد الطبيعي، وظاهر كلامِ المصنِّف كخليلٍ، حيث قال: ولفظُه، وهو: الله أكبر ثلاثًا، أن يخرج من عهدةِ الطلب بقوله: اللهُ أكبرُ ثلاثًا، وإنْ لم يزد: الله أكبر كبيرًا ونحوها ممَّا يذكرونه عند التكبير، وهو كذلك على المعتمَد كما يدلُّ عليه قوله: "وإنْ جمَع مع التكبير تهليلًا" بأنْ قال: لا إله إلَّا الله، "وتحميدًا" بأنْ قال: ولله الحمد "فحسن"، أي: أفضل؛ لأنَّه ذكر، وبيَّن صفة الجمْع بقوله: (يقول إنْ شاء ذلك) أي: إن أراد الجمْع: (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر) مرَّتين (لا إلهَ إلَّا الله) مرةً واحدة، (واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ) مرَّتين (ولله الحمدُ)، وإلى هذا أشار خليلٌ بقوله: وإنْ قال بعد تكبيرتين: لا إله إلَّا الله، ثم تكبيرتين وللهِ الحمد فحسنٌ... ولَمَّا لم يثبتْ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تعيينُ شيء من هاتين الصِّيغتين، قال: (والكلُّ واسع)، وعن مالكٍ أنَّه قال: وإنْ زاد أو نقَص فلا حرَج) ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/650)، ويُنظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (1/252). ، وروايةٌ عن أحمدَ قال أبو داود: (سمعتُ أحمد سُئل: كيف التكبيرُ يوم الفطر؟ قال: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، قيل لأحمد: ابنُ المبارك يقولُ في الفِطر، يعني مع التكبير: الحمد لله على ما هدَانا، قال: هذا واسعٌ) ((مسائل الإمام أحمد)) (ص: 61). ، وهو قول ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وكلُّ المأثور حسنٌ، ومِن الناس مُن يُثلِّثه أولَ مرة، ويُشفعه ثاني مرَّة، وطائفةٌ من الناس تعمل بهذا، وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد: أنَّ جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورةً أثرًا يصحُّ التمسُّكُ به لم يُكره شيءٌ من ذلك، بل يُشرع ذلك كلُّه، كما قُلنا في أنواع صلاة الخوف، وفي نوعي الأذان؛ الترجيع وتركه، ونوعي الإقامة؛ شفعها وإفرادها، وكما قلنا في أنواع التشهُّدات، وأنواع الاستفتاحات، وأنواع الاستعاذات، وأنواع القراءات، وأنواع تكبيرات العيد الزوائد، وأنواع صلاة الجنازة، وسجود السهو والقنوت قبلَ الركوع وبعدَه، والتحميد بإثبات الواو وحذفها، وغير ذلك، لكن قد يستحبُّ بعض هذه المأثورات ويَفضل على بعض إذا قام دليلٌ يوجب التفضيلَ، ولا يُكره الآخَر. ومعلومٌ أنَّه لا يُمكن المكلِّفَ أن يجمع في العبادةِ المتنوِّعة بين النوعينِ في الوقت الواحد) ((مجموع الفتاوى)) (24/242، 243). وقال أيضًا: (صِفةُ التكبير المنقول عندَ أكثر الصَّحابة، قد رُوي مرفوعًا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. وإنْ قال: اللهُ أكبرُ ثلاثًا جاز. ومِن الفقهاء مَن يُكبِّر ثلاثًا فقط) ((الفتاوى الكبرى)) (2/369)، ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (24/241-242). ، والصنعانيُّ قال الصنعانيُّ: (وأمَّا صِفتُه، فأصحُّ ما ورد فيه ما رواه عبد الرزَّاق عن سلمان بسندٍ صحيح. قال: كبِّروا: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ كبيرًا. وقد رُوي عن سعيد بن جُبَير، ومجاهد، وابن أبي لَيلَى، وقول الشافعي، وزاد فيه: ولله الحمدُ. وفي الشرح صفاتٌ كثيرة واستحسانات عن عِدَّة من الأئمَّة، وهو يدلُّ على التوسعة في الأمر، وإطلاق الآية يَقتضي ذلك. واعلم أنَّه لا فَرقَ بين تكبير عيد الإفطار وعيد النحر في مشروعيَّة التكبير؛ لاستواء الأدلَّة في ذلك، وإن كان المعروفُ عند الناس إنما هو تكبيرُ عيد النَّحر) ((سبل السلام)) (2/72). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (الحاصل: أنَّ المشروع في أيَّام التشريق الاستكثارُ مِن ذِكر الله عزَّ وجلَّ خصوصًا التكبير، والمراد مطلَق التكبيرُ، وهو أنْ يقول: اللهُ أكبرُ، ويُكرِّر ذلك في الأوقات) ((السيل الجرار)) (ص: 196). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، ولله الحمدُ. أو يُثلِّث: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ،ولله الحمد، مثله: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا... كل هذا مشروعٌ في عيد الفطر بعد غروبِ الشمس إلى الفراغ من الخُطبة، وفي الأضحى) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/355). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (استحبابُ التكبير في ليلةِ العيد من غروب الشمس آخِرَ يومٍ من رمضان إلى حضورِ الإمام للصلاة، وصِيغة التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ. أو يُكبِّر ثلاثًا، فيقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. وكل ذلك جائز) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/216). وقال أيضًا: (والمسألة ليس فيها نصٌّ يَفصِل بين المتنازعين من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعة؛ إنْ شِئتَ فكبِّر شفعًا، وإنْ شئتَ فكبِّر وترًا، وإن شئت وترًا في الأولى وشفعًا في الثانية) ((الشرح الممتع)) (5/171).
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتابِ
1- قوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28]
2- وقوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه أَطلَقَ الأمرَ بذِكرِ اللهِ تعالى، ولم يُقيِّدْه بصيغةٍ معيَّنةٍ؛ فكيفما كبَّر فقَدِ امتثلَ الأمرَ (((سبل السلام)) للصنعاني (2/72).
ثانيًا: أنَّ المسألةَ ليس فيها نصٌّ يَفصِلُ بين المتنازِعِينَ من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعةٌ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/171).
ثالثًا: أنَّ تعدُّدَ صِيَغِ التَّكبيرِ الواردةِ عن السَّلَفِ يَدلُّ على التوسعةِ ((مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني)) (ص: 61)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/72).
الفرع الثاني: أفضلُ صِيَغِ التَّكبيرِ
الأَفضلُ أنْ يُكبِّرَ قائلًا: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة يقوله مرةً واحدة، وهو واجبٌ عندهم عقبَ الفرائض. يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/227)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/82). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/293). ، وقولُ الشافعيِّ القديم ((المجموع)) للنووي (5/39)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/399، 400). ، وبه قال طائفةٌ من السَّلَف قال ابنُ قُدامة: (وصفة التكبير: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ، هذا قولُ عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعود، وبه قال الثوريُّ، وأبو حنيفة، وإسحاق، وابن المبارك، إلَّا أنه زاد: على ما هدانا؛ لقوله: لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ **الحج: 37**) ((المغني)) (2/293). وقال ابنُ المنذر: (رُوينا عن عُمرَ بن الخطَّاب، وعبدِ الله بنِ مسعود، أنَّهما كانا يُكبِّران مِن صلاة الغداة يومَ عَرفةَ إلى الصلاة من آخِر أيَّام التشريق، يقولان: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد، ورُوي ذلك عن عليِّ بن أبي طالب... أنَّ عليًّا كان يُكبِّر يومَ عرفةَ «مِن» صلاة الفَجرِ إلى العصرِ مِن آخِرِ أيَّام التشريق، يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ"، وبه قال النَّخَعيُّ، والثوريُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وسفيان، ومحمد) ((الأوسط)) (4/349)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/40)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/227)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/82).
الأدلَّة:
أولًا: من الآثار
1- عن شَريكٍ، قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؟ قال: ((كانا يقولان: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد)) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2/168). قال ابن الهمام: سنده جيد. فتح القدير (2/82).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: (أنَّه كان يُكبِّرُ أيَّامَ التَّشريقِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد) رواه ابنُ أبي شَيبةَ (5651). وصحَّح إسنادَه الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) ( 3/125).
ثانيًا: أنَّه الأمرُ المشهورُ والمتوارَثُ من الأمَّة قال ابنُ القيِّم: (ويُذكر عنه أنَّه كان يُكبِّر من صلاة الفجر يومَ عرفة إلى العصرِ مِن آخِر أيَّام التشريق، فيقول: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ، ولله الحمد"، وهذا وإنْ كان لا يصحُّ إسنادُه؛ فالعمل عليه). ((زاد المعاد)) (2/395)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/196).
ثالثًا: أنَّه أجمعُ؛ لاشتمالِه على التكبيرِ، والتَّهليل، والتَّحميد؛ فكان أَوْلى ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/196).
رابعًا: أنَّه شبيهٌ بصِيغة الأذان؛ فكان أَوْلى لتعلُّقِ الذِّكرِ بالصَّلاةِ، ولأنَّه في الأعيادِ التي يُجتمَعُ فيها اجتماعًا عامًّا، كما أنَّ الأذانِ لاجتماعِ النَّاسِ قال ابنُ تيميَّة: (أمَّا أحمدُ وأبو حنيفة وغيرهما، فاختاروا فيه ما رَوَوه عن طائفةٍ من الصحابة، ورواه الدارقطنيُّ من حديث جابرٍ مرفوعًا إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ»، فيشفعونه مرتين، ويقرنون به في إحداهما التهليلَ، وفي الأخرى الحمد؛ تشبيهًا له بذِكر الأذان. فإنَّ هذا به أشبهُ؛ لأنَّه متعلِّقٌ بالصلاة، ولأنه في الأعياد التي يُجتمع فيها اجتماعًا عامًّا، كما أنَّ الأذان لاجتماعِ الناس، فشابه الأذانَ في أنه تكبيرُ اجتماعٍ لا تكبيرُ مكانٍ، وأنه متعلِّق بالصلاة لا بالشرف، فشُرِع تكريرُه كما شُرِع تكريرُ تكبير الأذان، وهو في كلِّ مرةٍ مشفوعٌ) ((مجموع الفتاوى)) (24/241، 242).
الفرع الثالث: الجهرُ بالتَّكبيرِ
يُسنُّ الجهرُ بالتكبيرِ للرِّجالِ قال ابنُ تيميَّة: (يُشرَع لكلِّ أحدٍ أن يَجهرَ بالتَّكبيرِ عندَ الخروج إلى العيد، وهذا باتِّفاق الأئمَّة الأربعة) ((مجموع الفتاوى)) (24/220). وقال ابنُ عُثَيمين: (إنَّ السُّنة أن يجهر به؛ إظهارًا للشعيرة، لكن النِّساء يُكبِّرْنَ سرًّا، إلَّا إذا لم يكُن حولهنَّ رجالٌ، فلا حرجَ في الجهر) ((الشرح الممتع)) (5/158). ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/399)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/103)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/649). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/39)، وينظر: (الأم)) للشافعي (1/264)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/484). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/273). ، وهو روايةٌ عن أبي حَنيفةَ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). ، وقال به من الحَنَفيَّة أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). والطحاويُّ ((حاشية ابن عابدين)) (2/170).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أمِّ عَطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كنَّا نُؤمَر أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخرِجَ البكرَ مِن خِدْرِها، وحتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ، فيكنَّ خلْفَ الناسِ، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدُعائِهم، يرجونَ بَركةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه )) رواه البخاري (971) واللفظ له، ومسلم (890).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه لولا إظهارُ التكبيرِ من الرِّجالِ، لَمَا كبَّر النساءُ خَلفَهم بتكبيرِهم قال ابنُ رجب: (في هذا الحديث: دليلٌ على أنَّ إظهارَ التكبير للرِّجال مشروعٌ في يوم العيد، ولولا إظهارُه من الرجال لَمَا كبَّر النِّساء خلفَهم بتكبيرِهم) ((فتح الباري)) (6/134).
ثانيًا: من الآثار
1- (كان ابنُ عُمرَ وأبو هُرَيرَة يَخرُجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر الناسُ بتكبيرِهما) رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (969)، ورَوى أثرَ ابنِ عُمر موصولًا ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنف)) (2/164)، والبيهقيُّ (3/279) (6348). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (651). ويُنظر ((تغليق التعليق)) لابن حجر (2/377، 378).
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان إذا غدَا يومَ الفِطرِ ويومَ الأضحى يَجهَر بالتكبيرِ حتى يأتيَ المصلَّى، ثم يُكبِّرَ حتى يأتيَ الإمامُ)) رواه الدارقطني (2/45). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (650)
ثالثًا: ما في التكبيرِ ورفْعِ الصوتِ بهِ من إظهارِ شعائرِ الإسلامِ، وتذكيرِ الغَيرِ ((المغني)) لابن قدامة (2/273).
الفرع الرابع: حُكمُ التَّكبيرِ الجَماعيِّ
لا يُشرَعُ التكبيرُ الجماعيُّ [6764] وهو: (أنْ يرفع جماعة-اثنان فأكثر- الصوتَ بالتكبير جميعًا، يبدءونه جميعًا، وينهونه جميعًا، بصوتٍ واحدٍ، وبصفةٍ خاصةٍ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/21) في العِيدينِ، ونصَّ فقهاءُ المالِكيَّة على أنَّه بدعةٌ قال الحطاب: (وأمَّا ما يَفعلُه بعضُ الناس اليوم أنه إذا سلَّم الإمامُ من صلاته كبَّر المؤذِّنون على صوتٍ واحدٍ على ما يُعلم مِن زعقاتهم، ويُطوِّلون فيه، والناس يستمعونَ إليهم ولا يُكبِّرون في الغالِب، وإنْ كبَّر أحد منهم فهو يَمشي على أصواتهم، وذلك كله من البِدع، وفيه إخرامُ حُرمةِ المسجدِ، والتشويش على المصلِّين والتالين والذاكرين) ((مواهب الجليل)) (2/582). وقال العدويُّ: (ويُكبِّر كلُّ واحد وحدَه في الطريق، وفي المصلَّى، ولا يُكبِّرون جماعةً؛ لأنه بدعة) ((حاشية العدوي)) (1/497). وقال النفراويُّ: (ولا يُكبِّرون جماعة؛ لأنَّه بدعة) ((الفواكه الدواني)) (2/649). ، وقرَّره الشاطبيُّ قال الشاطبيُّ: (إذا ندَب الشرعُ إلى ذكر الله فالْتَزم قومٌ الاجتماع عليه على لسانٍ واحد، وصوت واحد، لم يكن في ندْب الشرعِ ما يدلُّ على هذا التخصيص الملتزَم؛ لأنَّ التزام الأمورِ غيرِ اللازمة يُفهم على أنه تشريع، وخصوصًا مع مَن يُقتدى به في مجامِع الناس كالمساجد، فإذا أُظهرت هذا الإظهار، ووُضِعت في المساجد كسائرِ الشعائرِ كالأذان، وصلاة العيدين والكسوف، فُهِم منها- بلا شكٍّ- أنها سُنَّة إنْ لم تُفهَم منها الفرضيَّة، فلم يتناولها الدليلُ المستدَلُّ به، فصارتْ من هذه الجِهة بِدَعًا مُحدَثة) ((الاعتصام)) (1/249). ، وهو قولُ ابنِ باز قال ابنُ باز: (أمَّا التكبيرُ الجماعيُّ المبتدع، فهو أن يرفع جماعةً- اثنان فأكثر- الصوت بالتكبير جميعًا، يبدؤونه جميعًا، وينهونه جميعًا بصوتٍ واحدٍ، وبصفة خاصَّة. وهذا العمل لا أصلَ له، ولا دليلَ عليه, فهو بدعةٌ في صِفة التكبير ما أنزل الله بها من سُلطان, فمَن أنكر التكبيرَ بهذه الصفة، فهو مُحِقٌّ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/21). وقال أيضًا: (المشروعُ أن يُكبِّر المسلمُ على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلَّة الشرعيَّة، وهي التكبير فُرادَى، وقد أنكر التكبيرَ الجماعيَّ ومنَع منه سماحةُ الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله، وأصدر في ذلك فتوى، وصدَر منِّي في مَنْعِه أكثرُ من فتوى، وصدَر في منعه أيضًا فتوى من اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، وألَّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجريُّ رحمه الله رسالةً قيِّمة في إنكاره والمنْع منه، وهي مطبوعةٌ ومتداولة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/22). ، والألبانيِّ قال الألبانيُّ: (الجهرُ بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحد كما يفعله البعضُ، وكذلك كلُّ ذِكْر يُشرعُ فيه رفْع الصوتِ أو لا يُشرع، فلا يُشرع فيه الاجتماعُ المذكور) ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/329). ، وابنِ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (الذي يَظهرُ أنَّ التكبير الجماعيَّ في الأعياد غيرُ مشروع، والسُّنَّة في ذلك أنَّ الناس يُكبِّرون بصوتٍ مرتفع، كلٌّ يكبِّر وحده) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/268). وقال أيضًا: (في حديثِ أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّهم كانوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحجِّ، فمِنهم المهلُّ، ومنهم المكبِّر، ولم يكونوا على حالٍ واحدٍ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/261).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أَحْدَثَ في أَمرِنا هذا ما ليسَ منه، فهو ردٌّ )) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) واللفظ له.
ثانيًا: أنَّه ليس في الشَّرعِ ما يدلُّ على هذا التَّخصيصِ الملتزَم؛ لأنَّ التزامَ الأمورِ غيرِ اللازمةِ يُفهَمُ على أنَّه تشريعٌ، وخصوصًا مع مَن يُقتدَى به في مجامعِ الناسِ كالمساجدِ ((الاعتصام)) للشاطبي (1/249).
ثالثًا: أنَّه لم يفعلْه السَّلفُ الصالحُ، لا مِن الصَّحابةِ، ولا مِن التابعين، ولا تابعيهم، وهم القدوةُ، والواجبُ الاتباعُ وعدمُ الابتداعِ في الدِّينِ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى)) (8/311).

انظر أيضا: