الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: الحمار والبغل


الحِمارُ والبَغلُ طاهرانِ؛ وهذا مَذهَبُ المالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، وهو روايةٌ عن أحمد ، واختارها ابنُ قُدامةَ ، وابنُ تيمَّية ، وابنُ باز ، وابنُ عثيمين
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قول الله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [النحل: 8]
وجه الدَّلالة:
أنَّه سبحانه وتعالى ذكَر هذه الحيواناتِ في مقامِ الامتنانِ على عبادِه، ولو كانت نجسةً لَمَا أباحَها لهم.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن كَبشةَ بنتِ كَعبِ بنِ مالكٍ: ((أنَّ أبا قتادةَ دخل عليها، فسكَبَتْ له وَضوءًا، قالت: فجاءتْ هِرَّةٌ، فأصْغَى لها الإناءَ حتى شرِبتْ، قالت كبشةُ: فرآني أنظُرُ إليه، قال: أَتعجبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلت: نعَمْ، فقال: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إنَّها ليستْ بنَجَسٍ؛ إنَّها مِنَ الطَّوَّافين عليكم والطَّوَّافات ))
وجه الدَّلالة:
أنَّه نصَّ على أنَّ العِلَّة في عَدَمِ نجاسة الهِرَّة كونُها من الطَّوَّافين علينا والطَّوَّافات، والتَّطواف علَّةٌ معلومةُ المناسبةِ، وهي مشقَّةُ التحرُّزِ، فوجب أن يُعلَّقَ الحُكمُ بها، ويندرِجُ في ذلك البَغلُ والحِمارُ
ثالثًا: أنَّ الحَميرَ والبِغالَ كانت تُركَبُ على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا بدَّ أن يُصيبَ الراكبَ شيءٌ من عَرَقِها ولُعابِها، ولو كانت نجسةً لبيَّنَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولأمَر أمَّتَه بالتحرُّز منه، ولنُقِلَ إلينا توقِّي الصَّحابةِ لذلك
رابعًا: أنَّ الأصلَ في الأعيانِ الطَّهارةُ، ولا يُحكَمُ بنجاسةِ شيءٍ إلَّا بدليلٍ صحيحٍ صريحٍ، ولا دليلَ هنا

انظر أيضا:

  1. (1) ((التاج والإكليل)) للمواق (1/91)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/115).
  2. (2) ((روضة الطالبين)) للنووي (1/13)، ((المجموع)) للنووي (1/172).
  3. (3) ((الفروع)) لابن مفلح (1/333)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/342).
  4. (4) قال ابن قدامة: (والصَّحيحُ عندي طهارةُ البَغلِ والحمار). ((المغني)) (1/37).
  5. (5) قال ابن تيميَّة: (والطهارةُ هنا أقوى؛ لأنَّ فيها معنى الطَّوافِ، وهو أنَّه لا يمكِنُ الاحترازُ منها غالبًا). ((شرح العمدة)) (1/90).
  6. (6) قال ابن باز في الحمار والبغل: (الصواب: أنَّهما طاهران، كالهِرَّة) ((شرح المنتقى – كتاب الصلاة، من كتاب اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية لخالد آل حامد)) (1/286).
  7. (7) قال ابن عثيمين: (... فكلُّ ما شقَّ التحرُّزُ منه فهو طاهر؛ فعلى هذا البَغلُ والحمار طاهران، وهذا هو القول الرَّاجح الذي اختاره كثيرٌ من العلماء). ((الشرح الممتع)) (1/444).
  8. (8) رواه أبو داود (75)، والترمذي (92)، والنَّسائي (68)، وابن ماجه (367)، وأحمد (22633)، ومالك في ((الموطأ)) (2/30)، والدارمي (1/203) (736). قال البخاريُّ كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/245): جوَّد مالكٌ هذا الحديث، وروايته أصحُّ من رواية غيره، وقال الترمذيُّ، حسن صحيح، وقال العقيليُّ في ((الضعفاء الكبير)) (2/142): إسناده ثابت صحيح، وقال الدارقطني كما في ((المحرر)) (38): رواته ثقات معروفون، واحتجَّ به ابن حزم في ((المحلى)) (1/117)، وصحَّحه ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (1/318)، والنووي في ((المجموع)) (1/117)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (126)، وابن حجر في ((المطالب العالية)) (1/59)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (75).
  9. (9) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (21/621)، ((الموسوعة الفقهيَّة الكويتيَّة)) (7/243)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/459).
  10. (10) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/463).
  11. (11) ((شرح عمدة الفقهـ)) لابن تيميَّة (1/89).