الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ السادس: التَّبكيرُ لصلاةِ الجُمُعةِ


يُستحَبُّ التبكيرُ من أوَّلِ النَّهارِ، وهو مذهبُ الجمهور قال ابنُ عبد البَرِّ: (فإنَّ أهل العلم مختلِفون في تِلك الساعات، فقالت طائفة: أراد الساعاتِ من طلوع الشمس وصفائها، وهو أفضلُ البكور في ذلك الوقت إلى الجمعة، وهو قول الثوريِّ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأكثر العلماء، كلهم يستحبُّ البكورَ إليها) ((الاستذكار)) (2/6). وقال ابنُ رجب: (القول الثاني: أنَّ المراد بالساعات من أوَّل النهار، وهو قولُ الأكثرين) ((فتح الباري)) (5/354). : الحَنَفيَّة ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 335) ((حاشية ابن عابدين)) (1/169).  واختُلف في أوَّل وقت التبكير عند الحنفيَّة؛ فقيل: من طلوع الشمس؛ ليكون ما قبله من طلوعِ الفجر زمانَ غُسل وتأهُّب، قال البرهان الحلبي: وهو الأظهرُ. يُنظر: ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 335). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/540)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/452). واختَلف الشافعيَّةُ في أوَّل وقتِ التبكير، وذكر النوويُّ: أنَّ الصحيح عند أكثر الشافعيَّة هو من طلوع الفجر. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/540) ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 42)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/221). وأوَّل وقت التبكير عند الحنابلةِ: الإتيان بعدَ طلوع الفجر لا بعدَ طلوع الشمس. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/42). ، وهو قولُ ابنِ حَبيبٍ مِنَ المالِكيَّة قال الحطَّاب: (قال في الجلاب: التهجيرُ أفضلُ من التبكير، خلافًا لابن حبيبٍ والشافعيِّ) ((مواهب الجليل)) (2/535)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/350). ، واختارَه ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (ففي هذين الحديثين: فضلُ التبكير في أوَّل النهار إلى المسجد؛ لانتظار الجمعة، وبُطلانُ قول مَن منَع من ذلك) ((المحلى)) (3/246).
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ، ثم راحَ في السَّاعةِ الأُولى، فكأنَّما قرَّب بَدنةً، ومَن راحَ في السَّاعةِ الثانيةِ، فكأنَّما قرَّبَ بقرةً، ومَن راح في السَّاعةِ الثالثة، فكأنَّما قرَّبَ كبشًا أقرنَ، ومَن راحَ في السَّاعةِ الرابعة، فكأنَّما قرَّبَ دَجاجةً، ومَن راح في السَّاعةِ الخامسةِ، فكأنَّما قرَّب بيضةً، فإذا خرَج الإمامُ حضرتِ الملائكةُ يَستمِعونَ الذِّكرَ )) وفي لفظ: ((إذا كان يومُ الجُمُعة وقَفَ على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ مَلائكةٌ يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فإذا خرَجَ الإمامُ طَوَوُا الصُّحفَ، وجاؤوا يَستمِعونَ )) رواه البخاري (881)، ومسلم (850).
2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا كانَ يومُ الجُمُعةِ كان على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ الملائكةُ، يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأَوَّلَ )) رواه البخاري (3211)، ومسلم (850).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ ظاهرَه أنَّ ذلك يكونُ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ ((فتح الباري)) لابن رجب (5/354).

انظر أيضا: