الموسوعة الفقهية

المبحث السادس: اشتراطُ حُضورِ جماعةٍ


يُشترَطُ حضورُ جماعةٍ في صلاةِ الجُمُعةِ؛ فلا تصحُّ من منفردٍ.
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة: 9- 11]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ ظاهرَ الآيةِ يدلُّ على أنَّ الجُمُعةَ إنَّما تكونُ منَ الجماعةِ قال ابنُ المنذرِ: (والجُمُعةُ تجِبُ على كلِّ جماعةٍ قلُّوا أو كثُروا في دارِ إقامةٍ على ظاهرِ الآيةِ) ((الإقناع)) (1/105).
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (السَّبب في اختلافِهم في اشتراطِ الأحوالِ والأفعالِ المقترنة بها هو كونُ بعض تلك الأحوالِ أشدَّ مناسبةً لأفعال الصلاة من بعض؛ ولذلك اتَّفقوا على اشتراطِ الجماعةِ؛ إذ كان معلومًا من الشرع أنَّها حال من الأحوال الموجودة في الصَّلاة) ((بداية المجتهد)) (1/160). وقال أيضًا: (أمَّا شروط الوجوب والصحَّة المختصَّة بيوم الجُمُعة، فاتَّفق الكلُّ على أنَّ مِن شرطها الجماعة، واختلفوا في مِقدار الجماعة) ((بداية المجتهد)) (1/158). ، والكاسانيُّ قال الكاسانيُّ في اشتراطِ الجماعة للجُمُعة: (فالدَّليل على أنَّها شرطٌ أنَّ هذه الصَّلاة تُسمَّى جمعة؛ فلا بدَّ من لزوم معنى الجمعة فيه اعتبارًا للمعنى الذي أُخذ اللَّفظ منه من حيث اللُّغةُ، كما في الصَّرف والسَّلم والرَّهن ونحو ذلك، ولأنَّ ترك الظهر ثبَت بهذه الشريطة على ما مرَّ؛ ولهذا لم يؤدِّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجُمعةَ إلَّا بجماعة، وعليه إجماعُ العلماء، وأمَّا بيان كيفية هذا الشرط فنقول: لا خِلافَ في أنَّ الجماعة شرطٌ لانعقاد الجمعة) ((بدائع الصنائع)) (1/266). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمَع العلماءُ على أنَّ الجُمُعة لا تصحُّ من منفردٍ، وأنَّ الجماعةَ شرطٌ لصحَّتها) ((المجموع)) (4/508). وقال أيضًا: (وقد نَقلوا الإجماعَ أنَّه لا بدَّ من عدد) ((المجموع)) (4/504). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (ووجه الاستدلالِ بحديث الباب أنَّ الأمَّة أجمعتْ على اشتراط العدد) ((نيل الأوطار)) (3/274).
ثالثًا: أنَّ هذه الصَّلاةَ تُسمَّى جُمُعةً؛ فلا بدَّ مِن لُزومِ معنى الجُمُعة فيه؛ اعتبارًا للمَعْنَى الذي أُخِذَ اللفظُ منه من حيثُ اللُّغةِ كما في الصَّرْف، والسَّلَم، والرَّهْن، ونحوِ ذلك ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/266).
رابعًا: أنَّ ترْكَ الظُّهرِ ثبَت بهذه الشريطةِ؛ ولهذا لم يُؤدِّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجُمُعةَ إلَّا بجماعةٍ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/266).
خامسًا: أنَّ الخلفاءَ الراشدين لم يُؤدِّها أحدٌ منهم منفردًا؛ فدلَّ ذلك على اشتراطِها ((إعانة الطالبين)) للبكري (2/66).

انظر أيضا: