الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ صَلاةِ الجُمُعة


صَلاةُ الجُمُعة فرْضُ عَينٍ.
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه أَمَر بالسَّعيِ قال ابنُ قُدامَة: (المرادُ بالسعيِ هاهنا الذهابُ إليها، لا الإسراعُ؛ فإنَّ السعيَ في كتابِ اللهِ لم يردْ به العَدْوُ؛ قال الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى **عبس: 8**. وقال: وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا **الإسراء: 19**، وقال: سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا **البقرة: 205**، وقال: وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا **المائدة: 33-64**، وأشباه هذا؛ لم يرِدْ بشيءٍ من العَدْوِ، وقد رُوي عن عُمرَ أنه كان يقرؤها: "فامضُوا إلى ذِكر الله") ((المغني)) (2/218). ، والأمرُ يَقتضِي الوجوبَ، ولا يَجِبُ السعيُ إلَّا إلى الواجبِ، ونَهَى عنِ البَيعِ؛ لئلَّا يشتغلَ به عنها، فلو لم تكُنْ واجبةً لَمَا نَهَى عن البَيعِ من أجْلِها ((المغني)) لابن قدامة (2/218).
ثانيًا: من السُّنَّة
1- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَيَنتهِينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ، أو لَيختمنَّ اللهُ على قلوبِهم، ثم لَيكونُنَّ مِنَ الغافلِينَ )) رواه مسلم (865).
2- عن أبي الجَعدِ الضَّمْريِّ، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن تَرَك ثلاثَ جُمُعٍ تهاونًا، طبَعَ اللهُ على قَلبِه )) رواه أبو داود (1052)، والترمذي (500)، والنسائي (3/88)، وابن ماجه (1125). حسَّنه الترمذيُّ، وقال ابنُ عبد البرِّ في ((الاستذكار)) (2/55): هذه الرواية أَوْلى بالصواب. وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/758)، وصحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (4/583)، وجوَّد إسنادَه ابنُ القيِّم في ((إعلام الموقعين)) (4/334)، وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (3/88): حسنٌ صحيحٌ.
3- عن طارق بن شهاب رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الجُمُعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مُسلمٍ، إلَّا أربعةً: عبْدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صَبيٌّ، أو مَرِيضٌ ))  رواه أبو داود (1067)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (5679)، والبيهقي (3/172) (5787). قال أبو داود: طارقُ بن شِهاب رأى النبيَّ ولم يسمعْ منه شيئًا. وقال البيهقيُّ: رُوي موصولًا وليس بمحفوظ. وصحَّح إسنادَه- على شرط الشيخين- النوويُّ في ((المجموع)) (4/483)، وجوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (1/190)، وصحح إسناده ابن رجب في ((فتح الباري)) (5/327)، وصحَّحه ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (4/636)، وقال ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/581): صحَّحه غيرُ واحد، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1067)، وصحَّحه مرسلًا الوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (515). والحديث رُوي من طرق عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه. 
ثالثًا: مِنَ الِإِجْماعِ
نقَلَ الإجماعَ على فرضيَّتِها: الكاسانيُّ قال الكاسانيُّ: (الجمعةُ فرضٌ لا يسعُ تركُها، ويكفر جاحدُها، والدليلُ على فرضيَّة الجمعة: الكتابُ، والسُّنَّة، وإجماعُ الأمَّة) ((بدائع الصنائع)) (1/256). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامَة: (الأصلُ في فرْض الجمعة: الكتاب، والسُّنة، والإجماع... وأجمَع المسلمون على وجوبِ الجمعة) ((المغني)) (2/218). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (والجمعةُ فرْضٌ باتِّفاق المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (21/339). وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (أجمَعَ المسلمون على أنَّ الجمعة فرضُ عينٍ إلَّا قولًا يُحكَى عن الشافعي أنَّها فرض كفاية، وهذا غلطٌ عليهـ) ((زاد المعاد)) (1/385، 386).

انظر أيضا: