الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّامِنُ: دَعوةُ العَدوِّ للإسلامِ قَبلَ القِتالِ


تَجِبُ دَعوةُ العَدوِّ الكافِرِ -الذي لَم تَبلُغْه الدَّعوةُ- للإسلامِ قَبلَ القِتالِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [81] ((الهداية)) للمرغيناني (2/379)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/243). ، والمالِكيَّةِ [82] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/350). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/112). ، والشَّافِعيَّةِ [83] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/239). ويُنظر: ((التنبيهـ)) للشيرازي (ص: 232). ، والحَنابِلةِ [84] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/40). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تَعالى نَفى العَذابَ عَنِ الكُفَّارِ إذا لَم تَبلُغْهُم الدَّعوةُ، فلا يَجوزُ قِتالُهم على ما لا يَلزَمُهم [85] يُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (4/121). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن بُرَيدةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: ((كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أمَّرَ أميرًا على جَيشٍ أو سَريَّةٍ أوصاه في خاصَّتِه بتَقوى اللهِ، ومَن مَعَه مِنَ المُسلِمينَ خَيرًا، ثُمَّ قال:... وإذا لَقيتَ عَدوَّكَ مِنَ المُشرِكينَ فادعُهم إلى ثَلاثِ خِصالٍ، فأيَّتَهنَّ أجابوكَ فاقبَل مِنهُم وكُفَّ عَنهُم، ثُمَّ ادعُهم إلى الإسلامِ، فإن أجابوكَ فاقبَلْ مِنهُم وكُفَّ عَنهُم، فإن هُم أبَوا فسَلْهُمُ الجِزيةَ، فإن هُم أجابوكَ فاقبَلْ مِنهُم وكُفَّ عَنهُم، فإن هُم أبَوا فاستَعِنْ باللهِ وقاتِلْهُم)) [86] أخرجه مسلم (1731). .
2- عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَأُعطيَنَّ الرَّايةَ غَدًا رَجُلًا يَفتَحُ اللهُ على يَدَيه، يُحِبُّ اللهَ ورَسولَه، ويُحِبُّه اللهُ ورَسولُه، فباتَ النَّاسُ لَيلَتَهم: أيُّهم يُعطى، فغَدَوا كُلُّهم يَرجوه، فقال: أينَ عَليٌّ؟ فقيلَ: يَشتَكي عَينَيه، فبَصَقَ في عَينَيه، ودَعا لَه فبَرَأ، كَأنْ لَم يَكُنْ به وجَعٌ، فأعطاه، فقال: أُقاتِلُهم حَتَّى يَكونوا مِثلَنا؟ فقال: انفُذْ على رِسلِكَ حَتَّى تَنزِلَ بساحَتِهم، ثُمَّ ادعُهم إلى الإسلامِ، وأخبِرْهُم بما يَجِبُ عليهم، فواللهِ لَأن يَهديَ اللهُ بكَ رَجُلًا خَيرٌ لك مِن أن يَكونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)) [87] أخرجه البخاري (3009) واللفظ له، ومسلم (2406). .
ثالثًا: لأنَّهم بالدَّعوةِ يَعلَمونَ أنَّا نُقاتِلُهم على الدِّينِ لا على سَلبِ الأموالِ وسَبيِ الذَّراريِّ؛ فلَعَلَّهم يُجيبونَ فنُكفى مُؤنةَ القِتالِ [88] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (2/379). .



انظر أيضا: