الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: الجِهادُ مَعَ الإمامِ البَرِّ والفاجِرِ


الجِهادُ ماضٍ إلى يَومِ القيامةِ مَعَ الأئِمَّةِ، سَواءٌ كانوا أبرارًا أو فُجَّارًا.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن عُروةَ البارِقيِّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الخَيلُ مَعقودٌ في نَواصيها الخَيرُ إلى يَومِ القيامةِ: الأجرُ والمَغنَمُ)) [439] أخرجه البخاري (2852)، ومسلم (1873). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ الحَديثُ على بَقاءِ الجِهادِ واستِمرارِه إلى قيامِ السَّاعةِ، لا يَمنَعُه جَورُ السَّلاطينِ؛ مِن أجلِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبقى الخَيرَ في نَواصي الخَيلِ إلى يَومِ القيامةِ، وقد عُلِمَ أنَّ مِن أئِمَّتِه أئِمَّةَ جَورٍ لا يَعدِلونَ، ويَستَأثِرونَ بالمَغانِمِ، فأوجَبَ هذا الحَديثُ الغَزوَ مَعَهم [440] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (5/ 57، 58)، ((التوضيح)) لابن الملقن (17/ 501)، ((طرح التثريب)) للعراقي (7/ 234)، ((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 56)، ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/ 70)، ((التحبير)) للصنعاني (4/ 702).
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، مِن حَديثٍ طَويلٍ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ)) [441] أخرجه البخاري (3062)، ومسلم (111). .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ بَطَّةَ [442] قال ابنُ بَطَّةَ: (أجمَعَتِ العُلَماءُ مِن أهلِ العِلمِ والفِقهِ والنُّسَّاك والعُبَّاد والزُّهَّاد مُنذُ أوَّلِ هذه الأُمَّةِ إلى وقتِنا هذا: أنَّ صَلاةَ الجُمُعةِ والعيدَينِ، ومِنى وعَرَفاتٍ، والغَزوَ والجِهادَ والهَديَ مَعَ كُلِّ أميرٍ بَرٍّ أو فاجِرٍ، وإعطاءَهمُ الخَراجَ والأعشارَ: جائِزٌ). ((الشرح والإبانة)) (ص: 276 - 280). ، وابنُ تَيميَّةَ [443] قال ابنُ تيميَّةَ: (إلى غَيرِ ذلك مِنَ النُّصوصِ التي اتَّفَقَ أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ مِن جَميعِ الطَّوائِفِ على العَمَلِ بها في ‌جِهادِ ‌مَن ‌يَستَحِقُّ ‌الجِهادَ ‌مَعَ ‌الأُمَراءِ ‌أبرارِهم وفُجَّارِهم، بخِلافِ الرَّافِضةِ والخَوارِجِ الخارِجينَ عَنِ السُّنَّةِ والجَماعةِ). ((مجموع الفتاوى)) (28/ 507). ، والمرداويُّ [444] قال المَرداويُّ: (ويَغزو مَعَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ، بلا نِزاعٍ). ((الإنصاف)) (4/ 119، 120). .
ثالثًا: أنَّ تَركَ الجِهادِ مَعَ الإمامِ الفاجِرِ يُؤَدِّي إلى تَركِ الجِهادِ، فيَظهَرُ الكُفَّارُ على المُسلِمينَ، وفي هذا ضَرَرٌ عَظيمٌ على الإسلامِ والمُسلِمينَ؛ فيُخرَجُ مَعَ الإمامِ الفاجِرِ ارتِكابًا لأخَفِّ الضَّرَرَينِ [445] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/ 506، 507)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 7). .

انظر أيضا: