الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: أهَمِّيَّةُ مَعرِفةِ عِلمِ المَواريثِ وتَعَلُّمِه [5] يُنظر: ((الفقه الإسلامي وأدلته)) للزحيلي (10/ 7700)، ((المطلب الحثيث لتسهيل علم المواريث)) للعزازي (ص: 9، 10).   


أوَّلًا: أنَّ اللهَ تعالى هو الذي تَولَّى تَقديرَ الفَرائِضِ، ولم يُخَوِّلْ ذلك لأحَدٍ مِن خَلقِه، فبَيَّنَ الورَثةَ ونَصيبَ كُلِّ واحِدٍ منهم في أحوالِهمُ المُختَلِفةِ بَيانًا واضِحًا لا غُموضَ فيه، وما ذاكَ إلَّا لأهَمِّيَّةِ هذا العِلمِ وعُلُوِّ مَنزِلَتِه.
ثانيًا: أنَّ اللهَ تعالى صَدَّرَ آياتِ المَواريثِ بأنَّها وصيَّتُه، فقال: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ [النساء: 11] . وفي هذا ما يُشعِرُ بأنَّه عَهدٌ مِنَ اللهِ لعِبادِه مِمَّا يُحتِّمُ على المُسلِمِ أن يُحافِظَ على ما أوصى اللهُ به؛ لأنَّ وصيَّةَ اللهِ لعِبادِه نَفعٌ لهم لا مَحالةَ [6] يُنظر: ((الفرائض وشرح آيات الوصية)) للسهيلي (ص: 27).       .
ثالِثًا: خَتَمَ اللهُ تعالى الآيةَ الأولى مِن آياتِ المَواريثِ بما يُؤَكِّدُ للنَّاسِ مُنتَهى العَدلِ في هذه الأحكامِ، فقال تعالى: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمً [النساء: 11] ، أي: أنَّ الإنسانَ لا يَدري هَلِ الأقرَبُ نَفعًا له أبوه أمِ ابنُه؟ ولَكِنَّ اللهَ هو الذي يَعلَمُ الأقرَبَ نَفعًا، فقَسَّمَ الإرثَ بناءً على عِلمِه.
رابِعًا: أنَّ اللهَ تعالى سَمَّى هذه الفَرائِضَ حُدودَ اللهِ، ووعَدَ مَن أطاعَه في تَنفيذِها جَنَّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ، كما تَوعَّدَ مَن عَصاه وتَعَدَّى حُدودَه نارًا خالِدًا فيها ولَه عَذابٌ مُهينٌ، فقال تعالى بَعدَ ذِكرِ المَواريثِ: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13 - 14] .
خامِسًا: تَحصُلُ لمُتَعَلِّمِه مَلَكةٌ يَكونُ له بها قُدرةٌ على قِسمةِ التَّرِكةِ بَينَ المُستَحِقِّينَ بالوجهِ الشَّرعيِّ وإيصالِ كُلِّ ذي حَقٍّ حَقَّه مِنَ التَّرِكةِ.

انظر أيضا: