الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: يَمينُ المُدَّعي مَعَ الشَّاهِدِ 


تُوجَّهُ اليَمينُ إلى المُدَّعي ويُقضى بها إذا أتى بشاهِدٍ واحِدٍ [1598] ويُطلقُ عليها يَمينُ المُدَّعي، وهيَ يَمينٌ يوجِّهُها القاضي إلى المُدَّعي؛ إمَّا لإكمالِ نِصابِ الشَّهادةِ -وهيَ اليَمينُ التي يُؤَدِّيها المُدَّعي مَعَ الشَّاهِدِ الواحِدِ-، وإمَّا بسَبَبِ نُكولِ المُدَّعى عليه عَنِ اليَمينِ، وإمَّا في بابِ القَسامةِ في القَتلِ والجِراحِ، وإمَّا لدَفعِ الحَدِّ عَن نَفسِه في اللِّعانِ. يُنظر: ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) للزحيلي (8/ 6077). ، وذلك في المالِ وما يَؤولُ إلَيه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1599] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/328)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 187). ، والشَّافِعيَّةِ [1600] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (13/ 85، 90)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/ 278). ، والحنابِلةِ [1601]  ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (10/ 217)، ((الإنصاف)) للمرداوي (12/ 115)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 434). ، وهو قَولُ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ، والفُقَهاءِ السَّبعةِ، وطائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ [1602] قال الماوَرديُّ: (وهو في الصَّحابةِ قَولُ الأئِمَّةِ الأربَعةِ رِضوانُ اللهِ عليهم، وأُبَيِّ بنِ كَعبٍ، وجابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ، وزَيدِ بنِ ثابِتٍ، وأبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنهُم. ومِنَ التَّابِعينَ: قَولُ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ، وشُرَيحٍ، والحَسَنِ البَصريِّ، وابنِ سيرينَ، وأبي سَلَمةَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ. وهو قَولُ الفُقَهاءِ السَّبعةِ، ورَبيعةَ بنِ أبي عَبدِ الرَّحمَنِ، ومالِكٍ، وابنِ أبي لَيلى، والأوزاعيِّ، وأحمَدَ بنِ حَنبَلٍ). ((الحاوي الكبير)) (17/ 68).  وقال ابنُ قُدامةَ: (أكثَرُ أهلِ العِلمِ يَرَونَ ثُبوتَ المالِ لمُدَّعيه بشاهِدٍ ويَمينٍ. ورُويَ ذلك عَن أبي بَكرٍ، وعُمَرَ، وعُثمانَ، وعَليٍّ رَضيَ اللهُ عنهُم، وهو قَولُ الفُقَهاءِ السَّبعةِ، وعُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ، والحَسَنِ، وشُرَيحٍ، وإياسَ، وعَبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ، وأبي سَلَمةَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، ويَحيى بنِ يَعمُرَ، ورَبيعةَ، ومالِكٍ، وابنِ أبي لَيلى، وأبي الزِّنادِ، والشَّافِعيِّ). ((المغني)) (10/ 133). ويُنظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/ 327). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى بيَمينٍ وشاهِدٍ)) [1603] أخرجه مسلم (1712). .
2- عن أبي هُرَيرةَ t: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى باليَمينِ مَعَ الشَّاهِدِ)) [1604] أخرجه أبو داود (3610) واللفظ له، والترمذي (1343)، وابن ماجه (2368). صَحَّحَه الإمامُ أحمَدُ، وأبو زُرعةَ الرَّازيُّ، وأبو حاتِمٍ الرَّازيُّ كما في ((خُلاصةِ البَدرِ المُنيرِ)) لابنِ المُلَقِّنِ (2/433) وقالوا: ليس في البابِ أصَحُّ مِنه، وابنُ حِبَّانَ في ((صحيحهـ)) (5073)، وابن القيم في ((تهذيب السنن)) (10/29)، وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/392)، والمعلمي في ((التنكيل)) (2/169)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3610)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3610)، وذكر ثبوتَه الشافعي في ((الأم)) (8/42)، وابن حزم في ((المحلى)) (8/349)، وقال ابنُ عبد البر في ((الاستذكار)) (4/114): أصَحُّ نَقلًا وطُرُقُه كَثيرةٌ، وذَكَرَ ابنُ مَعينٍ كما في ((البَدر المُنير)) لابنِ المُلَقِّنِ (9/593) أنَّ إسنادَه مَحفوظٌ، وذَكَرَ الحاكِمُ كما في ((الخِلافيَّات)) للبَيهَقيِّ (5540) أنَّ هذا الحَديثَ عِندَنا مَحفوظٌ مِن حَديثِ سُهَيلِ بنِ أبي صالِحٍ؛ إذ حَفِظَه عَنه إمامٌ حافِظٌ مُتقِنٌ مِثلُ رَبيعةَ بنِ أبي عَبدِ الرَّحمَنِ. .
3- عن جابِرٍ رَضيَ اللهُ عنهُما: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى باليَمينِ مَعَ الشَّاهِدِ)) [1605] أخرجه الترمذي (1344)، وابن ماجه (2369) واللفظ لهما، وأحمد (14278). صَحَّحه أبو حاتم الرازي كما في ((البدر المنير)) لابن الملقن (9/593)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (4485)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1344)، وحسَّنه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/667). .
4- عن سُرَّقِ بنِ أسَدٍ الجُهَنيِّ t: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجازَ شَهادةَ الرَّجُلِ، ويَمينَ الطَّالِبِ)) [1606] أخرجه ابنُ ماجه (2371) واللفظ له، وابن أبي شيبة في ((المسند)) (568)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (9726). صَحَّحه لغيره الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2371)، وقال ابن كثير في ((جامع المسانيد والسنن)) (3739): له شاهد في صحيح مسلم. .
5- عن قَيسِ بنِ سَعدِ بنِ عُبادةَ، عَن أبيه، أنَّهم وجَدوا في كُتُبِ أو في كِتابِ سَعدِ بنِ عُبادةَ ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى باليَمينِ مَعَ الشَّاهِدِ)) [1607] أخرجه الترمذي (1343)، وأحمد (22460). صَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22460)، وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (6/114): أكثر تواترًا. .
ثانيًا: أنَّ اليَمينَ تُشرَعُ في حَقِّ مَن ظَهَرَ صِدقُه وقَويَ جانِبُه، والمُدَّعي هاهنا قد ظَهَرَ صِدقُه وقَويَ جانِبُه بوُجودِ الشَّاهِدِ؛ فوجَبَ أن تُشرَعَ اليَمينُ في حَقِّه [1608] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/ 133)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (10/ 197). .

انظر أيضا: