الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ السَّابِعُ: نِصابُ الشَّهادةِ لمَن عُرِفَ بغِنًى وادَّعى أنَّه فقيرٌ لأخذِ الزَّكاةِ


نِصابُ الشَّهادةِ لمَن عُرِفَ بغِنًى وادَّعى أنَّه فقيرٌ ثَلاثةُ رِجالٍ، نَصَّ على ذلك الحَنابِلةُ [1178] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/ 600)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/ 631). ، واختاره ابنُ عثيمين [1179] قال ابنُ عُثَيمينَ: (وإذا كانَ رَجُلٌ غَنيًّا ثُمَّ أُصيبَ بجائِحةٍ، ثُمَّ جاءَ يَسألُ الزَّكاةَ، وأتى بشاهِدٍ أنَّه كانَ غَنيًّا وأصابَته جائِحةٌ وافتَقَرَ، فلا نَقبَلُ شَهادةَ الواحِدِ، ولا نَقبَلُ شَهادةَ اثنَينِ، بَل لا بُدَّ مِن ثَلاثةٍ). ((تفسير العثيمين: الحجرات – الحديد)) (ص: 25، 26).  وقال أيضًا: (ومِن فوائِدِ الحَديثِ: أنَّ مَن كانَ غَنيًّا ثُمَّ افتَقَرَ فإنَّها لا تَحِلُّ لَه المَسألةُ ولا الزَّكاةُ أيضًا حَتَّى يَشهَدَ لَه ثَلاثةٌ مِن قَومِه مِن ذَوي العَقلِ؛ لأنَّه أصابَته فاقةٌ؛ وذلك لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الغِنى وعَدَمُ الاستِحقاقِ، فلا يُقبَلُ إلَّا ببَيِّنةٍ، بخِلافِ الرَّجُلِ الذي لَم يَكُنْ مَعروفًا بالغِنى إذا جاءَ يَسألُ يَقولُ: إنَّه مِن أهلِ الزَّكاةِ، فإنَّنا نُعطيه إذا غَلَبَ على الظَّنِّ صِدقُهـ). ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (3/148). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن قَبيصةَ بنِ مُخارِقٍ الهِلاليِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((تَحَمَّلتُ حَمالةً، فأتَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسألُه فيها، فقال: أقِمْ حَتَّى تَأتيَنا الصَّدَقةُ، فنَأمُرَ لَكَ بها، قال: ثُمَّ قال: يا قَبيصةُ، إنَّ المَسألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأحَدِ ثَلاثةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمالةً، فحَلَّت له المَسألةُ حَتَّى يُصيبَها، ثُمَّ يُمسِكُ، ورَجُلٌ أصابَته جائِحةٌ اجتاحَت مالَه، فحَلَّت له المَسألةُ حَتَّى يُصيبَ قِوامًا مِن عَيشٍ -أو قال: سِدادًا مِن عَيشٍ- ورَجُلٌ أصابَته فاقةٌ حَتَّى يَقومَ ثَلاثةٌ مِن ذَوي الحِجا مِن قَومِه: لَقد أصابَت فُلانًا فاقةٌ، فحَلَّت له المَسألةُ حَتَّى يُصيبَ قِوامًا مِن عَيشٍ -أو قال: سِدادًا مِن عَيشٍ- فما سِواهنَّ مِنَ المَسألةِ -يا قَبيصةُ- سُحتًا، يَأكُلُها صاحِبُها سُحتًا)) [1180] أخرجه مسلم (1044). .
ثانيًا: أنَّ هذا الذي ادَّعى الفَقرَ يَدَّعي استِحقاقًا يَستَلزِمُ حِرمانًا؛ لأنَّ أخذَه المالَ يَستَلزِمُ استِحقاقًا، ويَستَلزِمُ حِرمانًا لغَيرِه مِنَ الفُقَراءِ الآخَرينَ، فكانَ مِنَ الحِكمةِ أن يَكونَ الشُّهودُ ثَلاثةً [1181] يُنظر: ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (3/146). .

انظر أيضا: