الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: حُكمُ تَحَمُّلِ الشَّهادةِ في حَقِّ اللهِ تعالى


لا يَجِبُ تَحَمُّلُ الشَّهادةِ في حَقِّ اللهِ تعالى، بَل هو مُخَيَّرٌ فيها [945] قال ابنُ عُثَيمينَ: (أمَّا في حُقوقِ اللهِ فلا يَتَعَيَّنُ التَّحَمُّلُ، فلَو دَعاكَ شَخصٌ وقال: تَعالَ اشهَدْ على فُلانٍ أنَّه يَشرَبُ الخَمرَ، فإنَّه لا يَجِبُ عليكَ أن تَتَحَمَّلَ الشَّهادةَ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ للَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وبإمكانِكَ أن تَقومَ بالأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ دونَ أن تَشهَدَ، لَكِن لَو فُرِضَ أنَّ امتِناعَكَ يَتَضَمَّنُ ضَرَرًا على هذا الذي دَعاكَ، فرُبَّما نَقولُ: يَجِبُ؛ دَفعًا للضَّرَرِ، أمَّا إذا لَم يَكُنْ ضَرَرٌ فإنَّ تَحَمُّلَها في حَقِّ اللهِ ليس بواجِبٍ؛ لأنَّ هذا لا يُضَيِّعُ حَقَّ آدَميٍّ، إنَّما هو مِن بابِ الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، والسَّترُ على فاعِلِ المُحَرَّمِ أو على العاصي قد يَكونُ أفضَلَ مِن إظهارِه وإعلانِه، وهذا يَختَلِفُ بحَسَبِ الحالِ). ((الشرح الممتع)) (15/392). ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [946] عِندَ الحَنَفيَّةِ: الشَّاهِدُ مُخَيَّرٌ في حُقوقِ اللهِ تعالى بَينَ السَّترِ وبَينَ أداءِ الشَّهادةِ لإقامةِ الحَدِّ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/188)، ((البناية)) للعيني (6/324، 325). ، والمالِكيَّةِ [947] عِندَ المالِكيَّةِ: الشَّاهِدُ مُخَيَّرٌ في التَّحَمُّلِ والأداءِ إذا كانَت شَهادَتُه في حَقِّ اللهِ الذي لا يَستَديمُ تَحريمَه. ((مختصر خليل)) (ص 223)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/174، 175). ، والشَّافِعيَّةِ [948] عِندَ الشَّافِعيَّةِ: الشَّاهِدُ في حُقوقِ اللهِ يُندَبُ التَّوقُّفُ عَن تَحَمُّلِها. ((الحاوي الكبير)) للماوردي (17/ 51،52). ، والحَنابِلةِ [949] عِندَ الحَنابِلةِ: تَحَمُّلُ الشَّهادةِ في حُقوقِ اللهِ تعالى ليس فرضَ كِفايةٍ. ((الإنصاف)) للمرداوي (12/3). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((... ومَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَه اللهُ يَومَ القيامةِ)) [950] أخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه نَدَبَ إلى السَّترِ على المُسلِمِ، فإذا لَم يَلزَمِ الأداءُ لَم يَلزَمِ التَّحَمُّلُ [951] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (17/ 52)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/188). .

انظر أيضا: