المَطلَبُ الخامِسُ: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المَسْجِدِ، وشُروطُه
الفَرْعُ الأَوَّل: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المسجِدِيُباحُ للنِّساءِ حضورُ الجماعةِ في المساجدِ، وإنْ كانتْ صلاتُها في بيتِها خيرًا لها وأفضلَ
، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
والشافعيَّة
والحَنابِلَة
الأدلَّة: أَدِلَّةُ إباحَةِ حُضُورِ النِّساءِ للجَماعَةِ في المسجِدِ:1- عن
ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((لا تَمْنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّه يلزمُ من النَّهيِ عن منعهنَّ مِن الخروجِ إباحتُه لهنَّ؛ لأنَّه لو كان ممتنعًا لم يَنهَ الرِّجالَ عن منعهنَّ منه
2- عن
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالتْ:
((إنْ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس ))
3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنِّي لأقومُ إلى الصَّلاةِ، وأنا أُريدُ أن أُطوِّلَ فيها، فأسمعَ بُكاءَ الصبيِّ، فأتجوَّزَ في صلاتي؛ كراهةَ أن أشقَّ على أمِّه ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ النساءَ كنَّ يَشهَدْنَ الصَّلاةَ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجِدِ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَعلمُ ذلك؛ فدلَّ على أنَّ حُضورهنَّ الجماعةَ معه غيرُ مكروهٍ، ولولا ذلك لنهاهنَّ عن الحضورِ معه للصَّلاةِ
الأَدِلَّةُ على كونِ البيتِ أفضلَ للمرأةِ:1- عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَمنعوا نِساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ ))
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صلاةُ المرأةِ في مَخدعِها
أفضلُ من صلاتِها في بيتِها، وصلاتُها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها ))
الفرعُ الثَّاني: شروطُ خروجِ المرأةِ إلى المسجدِالمسألةُ الأولى: ألَّا تخرُجَ مُتطيِّبةً أو متزيِّنةًالأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أيُّما امرأةٍ أصابتْ بَخُورًا، فلا تَشْهَدَنَّ معنا العِشاءَ الآخِرةَ ))
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((لا تَمْنَعوا إماءَ الله مساجدَ اللهِ، ولكن ليخرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ
))
3- عن زَينبَ الثقفيَّةِ امرأةِ
ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه وعنها، قالت: قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إذا شهِدَتْ إحداكنَّ المسجدَ، فلا تمسَّ طِيبًا ))
ثانيًا: أنَّ في خروجِ المرأةِ وهي متطيِّبةٌ أو عليها شيءٌ من الزِّينة، ما يُخشى معه الافتتانُ بها
المسألة الثَّانية: أن تخرُجَ إلى المسجدِ بإذنِ زَوْجِهاالأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عنِ
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إذا استأذَنتْ
أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ، فلا يَمنعْها ))
2- عنِ
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تشهَدُ صلاةَ الصَّبحِ والعِشاءَ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعْلمينَ أنَّ عُمرَ يَكرهُ ذلك ويغارُ؟! قالت: وما يَمنَعُه أن ينهاني؟ قال: يمنَعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لَا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ: فيه دليلٌ على أنَّ للزوج مَنْعَهنَّ من ذلك، وأنْ لا خُروجَ لهنَّ إلَّا بإذنه، ولو لم يكُن للرجل منْعُ المرأةِ من ذلك لخُوطِبَ النساءُ بالخروجِ، ولم يُخاطبِ الرِّجالُ بالمنعِ، كما خُوطِبَ النساءُ بالصَّلاةِ ولم يُخاطَبِ الرجالُ بأنْ لا يمنعوهنَّ منها
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ رجب
ثالثًا: أنَّ حقَّ الزوج في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركُه للفضيلةِ
فائدة: حُكم إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِاختَلف أهلُ العِلمِ في إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ
، على قولين:
القول الأوّل: يُستحبُّ للزوجِ أن يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه في الخروجِ إلى المسجدِ للصلاةِ إذا أُمِنتِ الفتنةُ، فإنْ منَعَها لم يحرُمْ عليه منعُها، وهو مذهبُ المالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وحُكي أنَّه قولُ عامَّة العلماءِ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَمْنعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ النهيَ للتَّنزيهِ
وذلك لِمَا يلي:أولًا: لو كان إذنُ الزَّوجِ واجبًا لانْتفَى معنى الاستئذانِ؛ لأنَّ ذلك إنَّما يتحقَّق إذا كان المستأذنُ مخيَّرًا في الإجابةِ أو الردِّ
ثانيًا: أنَّ حقَّ الزوجِ في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركه للفضيلةِ
ثالثًا: لو كان المنعُ حرامًا لكان من حقِّ الزوجةِ أن تخرُجَ إلى المسجدِ دون إذنِ زَوجِها، شاءَ أو أبَى
القول الثاني: يجبُ على الزوجِ أنْ يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه إلى المسجدِ للصلاةِ، إذا أُمِنت الفتنةُ
، وهو قولُ
ابنِ عبد البرِّ
، و
ابنِ حزم
، و
الشوكانيِّ
، و
الشِّنقيطيِّ
، و
ابنِ باز
، و
ابنِ عُثَيمين
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:1- عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إذا استأذنَتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ فلا يَمنعْها))، وفي روايةٍ:
((إذا استأذنَكم نِساؤُكم باللَّيلِ
إلى المسجدِ فأْذَنوا لهنَّ))، وفي روايةٍ:
((فقال بلالُ بنُ عبدِ اللهِ: واللهِ لنمنعهنَّ! قال: فأقْبَلَ عليه عبدُ اللهِ فسَبَّه سبًّا سيِّئًا ما سمعتُه سبَّ مِثلَه قطُّ، وقال: أُخبِرُكُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتقول: واللهِ لنَمْنَعُهنَّ؟!))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:هذا الفِعلُ مِن
ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المنعِ
2- عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ النَّهي في الحديثِ للتحريم
3- عنِ
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تَشهَدُ صلاةَ الصُّبحِ والعِشاءِ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعلمين أنَّ عُمرَ يَكره ذلك ويَغارُ؟! قالت: وما يمنعُه أن يَنهاني؟ قال: يَمنعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))