الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الأولى: تَعارُضُ الدَّعوَيَينِ في مِلكٍ مُطلَقٍ في حالِ كَونِه بيَدِ المُتَنازِعَينِ وأقامَ كُلٌّ مِنهُما البَيِّنةَ


اختَلَفَ الفُقَهاءُ فيما إذا ادَّعى اثنانِ عَينًا، وهيَ في يَدَيهِما، وأقامَ كُلٌّ مِنهُما البَيِّنةَ؛ على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: إذا ادَّعى اثنانِ عَينًا، وهيَ في يَدَيهِما، وأقامَ كُلٌّ مِنهُما بَيِّنةً- يُقضى ببَقاءِ العَينِ في يَدَيهِما وتُقسَمُ بَينَهما [872] كَأن يَكونَ هُناكَ دارٌ يَحوزُها اثنانِ، فادَّعاها كُلٌّ مِنهُما، وأقامَ كُلٌّ مِنهُما بَيِّنةً على مِلكيَّتِه لها.  ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [873] ((المبسوط)) للسرخسي (17/ 30)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 290). ، والشَّافِعيَّةِ [874] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 480)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 345).     ، والحَنابِلةِ [875] يَشتَرِطُ الحَنابِلةُ أن يَتَحالَفا، فإن نَكَلَ أحَدُهُما وحَلَفَ الآخَرُ، قُضيَ له بجَميعِها. ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 258)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 391)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/ 561). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لا يستَحقُّ لأحَدِهما مِن غَيرِ حُجَّةٍ، فليس أحَدُهُما أَولى بها مِنَ الآخَرِ [876] يُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 290)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 480). .
ثانيًا: لأنَّهما استَويا في سَبَبِ الِاستِحقاقِ، وهو قابِلٌ للِاشتِراكِ، فيَستَويانِ في الِاستِحقاقِ، كالموصى لَهما بأن أوصى لكُلِّ واحِدٍ مِنهُما بالثُّلُثِ؛ فإنَّه يُقسَمُ الثُّلُثُ بَينَهما نِصفَينِ [877] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 316). .
ثالثًا: لأنَّ البَيِّناتِ مِن حُجَجِ الشَّرعِ، فيَجِبُ العَمَلُ بها ما أمكَنَ، وقد أمكَنَ هُنا؛ لأنَّ الأيديَ قد تَتَوالى في عَينٍ واحِدةٍ في أوقاتٍ مُختَلِفةٍ، فيَعتَمِدُ كُلُّ فريقٍ ما شاهَدَ مِنَ السَّبَبِ المُطلَقِ للشَّهادةِ، وهو اليَدُ، فيُحكَمُ بالتَّنصيفِ بَينَهما [878] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 316). .
رابعًا: لتَناقُضِ موجِبَيهِما، فأشبَهَ الدَّليلَينِ إذا تَعارَضا ولا مُرَجِّحَ [879] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 480). .
القَولُ الثَّاني: إذا ادَّعى اثنانِ عَينًا، وهيَ في يَدَيهِما، وأقامَ كُلٌّ مِنهُما بَيِّنةً- يَتَحالَفانِ، فإذا تَحالَفا قُسِمَت بَينَهما على قدرِ الدَّعوى، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [880] ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 223)، ((منح الجليل)) لعليش (8/ 544). ؛ وذلك قياسًا على العَولِ في الفَرائِضِ [881] يُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 223)، ((منح الجليل)) لعليش (8/ 544). .

انظر أيضا: