الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الإجابةُ بالإقرارِ


إذا أجابَ المُدَّعى عليه بالإقرارِ قَضى عليه القاضي بما أقَرَّ به، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [816] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 321)، ((البناية شرح الهداية)) للعينى (9/ 428، 429). ، والمالِكيَّةِ [817] ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/ 216)، ((منح الجليل)) لعليش (6/ 419). ، والشَّافِعيَّةِ [818] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/ 153)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/ 262). ، والحَنابِلةِ [819] ((الفروع)) لابن مفلح (11/ 173)، ((الإنصاف)) للمرداوي (11/ 241). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن أبي هُرَيرةَ وزَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهما قالا: ((إنَّ رَجُلًا مِنَ الأعرابِ أتى رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنشُدُك اللَّهَ إلَّا قَضَيتَ لي بكِتابِ اللهِ. فقال الخَصمُ الآخَرُ -وهو أفقَهُ مِنه-: نَعَم، فاقضِ بَينَنا بكِتابِ اللهِ، وأْذَنْ لي. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: قُلْ، قال: إنَّ ابني كان عَسيفًا على هذا، فزَنى بامرَأتِه، وإنِّي أُخبِرتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ، فافتَدَيتُ مِنه بمِائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسَألتُ أهلَ العِلمِ فأخبَروني أنَّما على ابني جَلْدُ مِائةٍ، وتَغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرَأةِ هذا الرَّجمَ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه لأقضيَنَّ بَينَكُما بكِتابِ اللهِ، الوليدةُ والغَنَمُ رَدٌّ، وعلى ابنِك جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، واغْدُ يا أُنَيسُ إلى امرَأةِ هذا، فإنِ اعتَرَفت فارجُمْها، قال: فغَدا عليها فاعتَرَفَت، فأمَر بها رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فرُجِمَت)) [820] أخرجه البخاري (6827، 6828)، ومسلم (1697، 1698) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقامَ عليها الحَدَّ بإقرارِها [821] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/ 238). .
2- عن بُرَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جاءَ ماعِزُ بنُ مالكٍ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْني، فقال: ويحَكَ! ارجِعْ فاستَغفِرِ اللَّهَ وتُبْ إليه، قال: فرَجَعَ غَيرَ بَعيدٍ، ثُمَّ جاءَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْني، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويحَكَ! ارجِعْ فاستَغفِرِ اللَّهَ وتُبْ إليه، قال: فرَجَعَ غَيرَ بَعيدٍ، ثُمَّ جاءَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْني، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِثلَ ذلك، حتَّى إذا كانتِ الرَّابعةُ قال له رَسولُ اللهِ: فيمَ أُطَهِّرُكَ؟ فقال: مِنَ الزِّنا، فسَأل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أبه جُنونٌ؟ فأُخبرَ أنَّه ليسَ بمَجنونٍ، فقال: أشَرِبَ خَمرًا؟ فقامَ رَجُلٌ فاستَنكَهَه، فلم يَجِدْ مِنه ريحَ خَمرٍ، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أزَنَيتَ؟ فقال: نَعَم، فأمَرَ به فرُجِمَ)) [822] أخرجه مسلم (1695). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقامَ على ماعِزٍ الحَدَّ بموجِبِ إقرارِه [823] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 166،167).                .
ثانيًا: لأنَّ مُقتَضى حالِ المُقِرِّ أنَّه قَولٌ يوجِبُ حَقًّا عليه فلَزِمَه [824] يُنظر: ((منح الجليل)) لعليش (6/ 419). .
ثالثًا: لأنَّ الإقرارَ دَلالةٌ على ما أقَرَّ به، فهو لا يُقِرُّ لغَيرِه كاذِبًا [825] يُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 321)، ((البناية شرح الهداية)) للعينى (9/ 428،429). .

انظر أيضا: