الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الأولى: قَبولُ القَضاءِ مَعَ تَخَلُّفِ بَعضِ الشُّروطِ


يَحرُمُ قَبولُ تَوَلِّيِ القَضاءِ على مَن تَخَلَّفَت عِندَه بَعضُ الشُّروطِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [194] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/294)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/368). ، والمالِكيَّةِ [195] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/230)، ((منح الجليل)) لعليش (8/271). ، والشَّافِعيَّةِ [196] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/411)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/92). ، والحَنابِلةِ [197] ((الإقناع)) للحجاوي (4/364)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/456،457). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن بُرَيدةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((القُضاةُ ثَلاثةٌ: واحِدٌ في الجَنَّةِ، واثنانِ في النَّارِ؛ فأمَّا الذي في الجَنَّةِ فرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فقَضى به، ورَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فجارَ في الحُكمِ فهو في النَّارِ، ورَجُلٌ قَضى للنَّاسِ على جَهلٍ فهو في النَّارِ)) [198] أخرجه أبو داود (3573) واللفظ له، والترمذي (1322)، وابن ماجه (2315). صحَّحه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (9/209)، وابن الملقن في ((شرح البخاري)) (32/493)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3573)، وقال محمَّدُ بنُ عبدِ الهادي في ((تنقيح التحقيق)) (5/61): حَسَنٌ أو صحيحٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ هذا الحَديثُ على تَحريمِ القَضاءِ بالجَهلِ؛ وذلك لأنَّ الجاهِلَ لا يُحسِنُ القَضاءَ ولَن يَعدِلَ فيه، فيَنسَحِبُ هذا الحُكمُ على كُلِّ مَن لا يُحسِنُ القَضاءَ ولَم تَجتَمِعْ فيه شُروطُه [199] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/33). .
ثانيًا: أنَّ مَن لا يُحسِنُ القَضاءَ لا يَقدِرُ على العَدلِ فيه، فيَأخُذُ الحَقَّ مِن مُستَحِقِّه ويَدفَعُه إلى غَيرِه، فيَحرُمُ عليه تَوَلِّي القَضاءِ [200] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/33). .
ثالثًا: أنَّ قَضاءَ مَن لم تَجتَمِعْ فيه الشُّروطُ لا يَصِحُّ، فيَحرُمُ عليه تَوَلِّي القَضاءِ حَتَّى لا يَعظُمَ الغَرَرُ والضَّرَرُ المُتَرَتِّبانِ على بُطلانِ قَضائِه [201] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (15/14). .

انظر أيضا: