الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ بَذلِ المالِ لتَوَلِّيِ القَضاءِ


يَحرُمُ بَذلُ المالِ لتَوَلِّيِ القَضاءِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ في الجُملةِ: الحَنَفيَّةِ [167] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/284،285)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/362). ويرى الحَنَفيَّةُ أنَّ مَن تَعَيَّنَ عليه القَضاءُ ولَم يولَّ إلَّا ببَذلِ مالٍ فإنَّه يَجوزُ له بَذلُه. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/297-298). ، والمالِكيَّةِ [168] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/101،102)، ((منح الجليل)) لعليش (8/268،269). ويرى بَعضُ الشُّرَّاحِ مِنَ المالِكيَّةِ أنَّه يَجوزُ لمَن يَلزَمُه القَضاءُ أن يَبذُلَ المالَ إذا كانَت مَفسَدةُ عَدَمِ تَوليَتِه أشَدَّ مِن دَفعِه مالًا على تَوليَتِه؛ ارتِكابًا لأخَفِّ الضَّرَرَينِ. يُنظر: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/230). ، والشَّافِعيَّةِ [169] يرى بَعضُ الشَّافِعيَّةِ إطلاقَ التَّحريمِ في بَذلِ المالِ لتَولِّي القَضاءِ، والأشبَهُ عِندَهمُ التَّفصيلُ، فيَحرُمُ المالُ على الآخِذِ مُطلَقًا، أمَّا البَذلُ فإن كانَ مِمَّن تَعَيَّنَ عليه القَضاءُ أوِ استُحِبَّ له فيَجوزُ، وإلَّا فيَحرُمُ. ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/413،414)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/94). ويُنظر: ((الحاوي)) للماوردي (16/12). ، والحَنابِلةِ [170] ((الإقناع)) للحجاوي (4/364)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/262). ، وحُكيَ الاتِّفاقُ على أنَّ الباذِلَ لا يَصيرُ قاضيًا [171] قال الأسيوطيُّ: (ولَو أخَذَ القَضاءَ بالرِّشوةِ لا يَصيرُ قاضيًا بالاتِّفاقِ). ((جواهر العقود)) (2/290)، وعِندَ الحَنَفيَّةِ خِلافٌ في هذه المَسألةِ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/284،285). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَعنةُ اللهِ على الرَّاشي والمُرتَشي)) [172] أخرجه ابنُ ماجه (2313)، وأحمد (6984). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2313)، وحسَّنه البغوي في ((شرح السنة)) (5/330)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (11/172)، وقوَّاه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6984). وفي لَفظٍ: عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، قال: ((لَعَنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّاشيَ والمُرتَشيَ)). أخرجه أبو داود (3580)، والترمذي (1337)، وأحمد (6778). صحَّحه الترمذيُّ، وابنُ القَطَّان في ((الوهم والإيهام)) (3/548)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3580). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ هذا الحَديثُ على تَحريمِ الرِّشوةِ، وبَذلُ المالِ لتَوَلِّيِ القَضاءِ مِنَ الرِّشوةِ المُحَرَّمةِ [173] يُنظر: ((الحاوي)) للماوردي (16/12). .

انظر أيضا: