الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: الشَّفاعةُ


تَجوزُ الشَّفاعةُ في التَّعزيرِ، نَصَّ عليه الحَنَفيَّةُ [2336] ((حاشية ابن عابدين)) (4/ 60). ، والمالِكيَّةُ [2337] استَثنى الإمامُ مالِكٌ مَن عُرِف بالشَّرِّ وكَثرةِ أذى النَّاسِ؛ فلا تَجوزُ الشَّفاعةُ في حَقِّه. ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 436)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 356). ، والشَّافِعيَّةُ [2338] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 191)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 207). ، وهو مُقتَضى مَذهَبِ الحَنابِلةِ [2339] عِندَ الحَنابِلةِ: إذا كان التَّعزيرُ مَنصوصًا عليه فيَجِبُ امتِثالُ الأمرِ فيه، وما لم يَكُنْ ورَأى الإمامُ المَصلَحةَ في العَفوِ عَفا عنه، والشَّفاعةُ المَقصودُ مِنها العَفوُ. ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 424)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 241)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/124). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زَوج النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّ قُرَيشًا أهَمَّهم شَأنُ المَرأةِ المَخزوميَّةِ التي سَرَقَت، فقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فيها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقالوا: ومَن يَجتَرِئُ عليه إلَّا أُسامةُ بنُ زَيدٍ حِبُّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكَلَّمَه أُسامةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتَشفعُ في حَدٍّ مِن حُدودِ اللهِ؟ ثُمَّ قامَ فاختَطَبَ، ثُمَّ قال: إنَّما أهلَكَ الذينَ قَبلَكُم أنَّهم كانوا إذا سَرَقَ فيهمُ الشَّريفُ تَرَكوه، وإذا سَرَقَ فيهمُ الضَّعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايمُ اللهِ لَو أنَّ فاطِمةَ بنتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَت لَقَطَعتُ يَدَها)) [2340] أخرجه البخاري (3475) واللفظ له، ومسلم (1688). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على جَوازِ الشَّفاعةِ في غَيرِ الحُدودِ، كَما لَو كان مِن بابِ التَّعزيراتِ [2341] يُنظر: ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (5/ 389). .
ثانيًا: أنَّ التَّعزيراتِ راجِعةٌ لرَأيِ الإمامِ إن رَأى فيها مَصلَحةً، وقد يَكونُ مِنَ المَصلَحةِ أن يشفَعَ في الذي يَستَحِقُّ التَّعزيرَ [2342] يُنظر: ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (5/ 389). .

انظر أيضا: