الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: اجتِماعُ الحُدودِ على شَخصٍ إذا لم يَكُنْ فيها قَتلٌ


إذا اجتَمَعَتِ الحُدودُ على شَخصٍ وليس فيها قَتلٌ [2138] كَما لَو سَرَقَ وزَنى وشَرِبَ الخَمرَ. ، سَواءٌ كانت خالِصةً للهِ أو لآدَميٍّ، فلا تَتَداخَلُ [2139] لَكِن لَو تَكَرَّرَ الفِعلُ مَرَّاتٍ ولم يَكُنْ أُقيمَ عليه الحَدُّ، وهو مِن جِنسٍ واحِدٍ، كَمَن زَنى مَرَّاتٍ ولم يَكُن أُقيمَ عليه الحَدُّ، فلا يُقامُ عليه إلَّا حَدٌّ واحِدٌ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (4/51)، ((منح الجليل)) لعليش (9/333)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 185)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/341). ، وتُستَوفى جَميعُها، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [2140] نَصَّ الحَنَفيَّةُ على أنَّه يُبدَأُ بمَحضِ حَقِّ العِبادِ، ثُمَّ بما هو مَشوبٌ بحَقِّ العِبادِ، كالقَذفِ، ثُمَّ بما هو مَحضُ حَقِّ اللهِ تعالى. ((المبسوط)) (9/85)، ((الهداية)) للمرغيناني (2/360)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 207). ، والمالِكيَّةِ [2141] يَستَثني المالِكيَّةُ إذا كان الموجِبُ واحِدًا، فيَتَداخَلانِ، كَقَذفٍ وشُربٍ فموجِبُهما الجَلدُ، فيُقامُ على أحَدِهما ويَسقُطُ عنِ الآخَرِ. ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (4/ 347). ((منح الجليل)) لعليش (9/333). ، والشَّافِعيَّةِ [2142] نَصَّ الشَّافِعيَّةُ على أنَّه إذا اجتَمَعَت حُقوقُ اللهِ بَدَأ بالأخَفِّ ثُمَّ بالأخَفِّ وُجوبًا. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 164 - 165)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 184 -185). ، والحَنابِلةِ [2143] نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّه إذا اجتَمَعَت حُقوقُ الآدَميِّ مَعَ حُقوقِ اللهِ بَدَأ بحُقوقِ الآدَميِّ، ثُمَّ بالأخَفِّ وُجوبًا. ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 164)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/341)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/86). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لعَدَمِ حُصولِ المَقصودِ بالاكتِفاءِ بالبَعضِ؛ إذِ الأغراضُ مِنَ الحُدودِ مُختَلِفةٌ؛ فإنَّ المَقصودَ مِن حَدِّ الزِّنا صيانةُ الأنسابِ، ومِن حَدِّ القَذفِ صيانةُ الأعراضِ، ومِن حَدِّ الشُّربِ صيانةُ العُقولِ، فلا يَحصُلُ بكُلِّ جِنسٍ إلَّا ما قُصِدَ بشَرعِه [2144] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 207)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (5/ 341). .
ثانيًا: أنَّه قد ثَبَتَ كُلُّ حَدٍّ بخِطابٍ يَخُصُّه، فلَو حَدَدنا حَدًّا واحِدًا عَطَّلنا النُّصوصَ الأُخرى عن موجِبِها [2145] يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (5/ 341).  .

انظر أيضا: