الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: لُزومُ التطوُّع بالشُّروعِ فيه


لا يَلزمُ النفلُ بالشُّروعِ فيه، ولا يلزم قضاؤُه لِمَن قطَعَه، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ، والحَنابِلَة ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين ، وحُكيُ الإجماعُ على أنَّ مَن قطَعَه ليس عليه قضاءٌ
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عنْ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((... ثمَّ أتانا (أي: النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) يومًا فقُلنا: أُهدِيَ لنا حَيس فقال: أَرينيه، فلقدْ أصبحتُ صائمًا، فأكَلَ ))
2- عن عونِ بن أبي جُحَيفةَ عن أبيه، قال: آخَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين سلمانَ وبين أبي الدرداءِ، فزار سلمانُ أبا الدرداءِ فرأى أمَّ الدرداءِ متبذلةً، فقال: ما شأنُك متبذلةً؟! قالت: إنَّ أخاك أبا الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدُّنيا، قالت: فلمَّا جاءَ أبو الدرداءِ قَرَّبَ إليه طعامًا، فقال: كُلْ؛ فإنِّي صائمٌ، قال: ما أنا بآكِلٍ حتى تأكُلَ، قال: فأكَلَ، فلمَّا كان من اللَّيلِ ذهَب أبو الدرداءِ ليقومَ، فقال له سلمانُ: نَمْ، فنام، ثم ذهَب يقوم فقال له: نمْ، فنام، فلمَّا كان عند الصبحِ، قال له سلمانُ: قمِ الآن فقامَا فصلَّيَا، فقال: إنَّ لنَفْسِك عليك حقًّا، ولربِّك عليك حقًّا، ولضيفِك عليك حقًّا، وإنَّ لأهلِكَ عليك حقًّا؛ فأَعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فأتيَا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكرَا ذلك له، فقال له: ((صَدَقَ سلمانُ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
 أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّ سلمانَ على أمْرِه أبا الدرداء رَضِيَ اللهُ عنهما أنْ يُفطِرَ من صومِه؛ فدلَّ ذلك على جوازِ قَطْعِ صوم ِالنفل عمدًا، ومثل ذلك صلاةُ التطوُّع
ثانيًا: القياسُ على عدَم لزومِ الإتمامِ في بقيَّةِ النوافلِ غيرِ الحجِّ والعمرةِ، كاعتكافٍ وطوافٍ ووضوءٍ، وقراءةِ سورةِ الكهفِ ليلةَ الجُمُعةِ ويومَها، والتسبيحاتِ عقبَ الصلاةِ
ثالثًا: لئلَّا يُغيِّرَ الشروعُ حُكمَ المشروعِ فيه

انظر أيضا:

  1. (1) والقضاء عندهم مستحبٌّ. يُنظر: ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 79)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448).
  2. (2) والقضاء عندهم مستحبٌّ. ((الإنصاف)) للمرداوي (3/249)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/111، 112).
  3. (3) قال ابنُ عثيمين: (يُكره قطعُ النَّفْل إلَّا لغرض صحيح- كحاجةٍ إلى قطعه، أو انتقال لِمَا هو أفضل منهـ) ((تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة)) (2/398)، ويُنظر: ((الشرح الممتع)) (6/485-488).
  4. (4) قال ابن رشد: (وأجمَعوا على أنَّ مَن خرَج من صلاة التطوُّع، فليس عليه قضاءٌ فيما علمت) ((بداية المجتهد)) (2/75).
  5. (5) الحَيْسُ: (بفتح الحاء) هو التَّمْرُ مع السَّمْن والأَقِط. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 34).
  6. (6) رواه مسلم (1154).
  7. (7) رواه البخاري (1968).
  8. (8) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (4/112، 113).
  9. (9) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448).
  10. (10) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448).