الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الخَمرُ المُتَّخَذُ مِنَ العِنَبِ


يَحرُمُ شُربُ الخَمرِ المُتَّخَذِ مِنَ العِنَبِ؛ قَليلِه وكَثيرِه.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة: 90] إلى قَولِه: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 91] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
بَيَّنَ اللهُ أنَّ الخَمرَ رِجسٌ، وأنَّه مِن عَمَلِ الشَّيطانِ، وأمَر باجتِنابِه؛ فدَلَّ ذلك على تَحريمِه [1052] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 31). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وكُلُّ خَمرٍ حَرامٌ)) [1053] أخرجه مسلم (2003) من حديثِ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما. .
2- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ ساقيَ القَومِ في مَنزِلِ أبي طَلحةَ، وكان خَمرُهم يَومَئِذٍ الفَضيخَ، فأمَر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُناديًا يُنادي: ألا إنَّ الخَمرَ قد حُرِّمَت، فقال لي أبو طَلحةَ: اخرُجْ فأهرِقْها، فخَرَجتُ فهَرَقتُها، فجَرَت في سِكَكِ المَدينةِ، فقال بَعضُ القَومِ: قد قُتِلَ قَومٌ وهيَ في بُطونِهم، فأنزَلَ اللهُ: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 93] )) [1054] أخرجه البخاري (2464) واللَّفظُ له، ومسلم (1980). .
3- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَجُلًا أهدى لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم راويةَ خَمرٍ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هَل عَلِمتَ أنَّ اللَّهَ قد حَرَّمَها؟ قال: لا، فسارَّ إنسانًا، فقال لَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بمَ سارَرتَه؟ فقال: أمَرتُه ببَيعِها، فقال: إنَّ الذي حَرَّمَ شُربَها حَرَّمَ بَيعَها، قال: ففتَحَ المَزادةَ حتَّى ذَهَبَ ما فيها)) [1055] أخرجه مسلم (1579). .      
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبدِ البَرِّ [1056] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعوا أنَّ عَصيرَ العِنَبِ إذا غَلى واشتَدَّ وقَذَف بالزَّبَدِ وأسكَرَ الكَثيرُ مِنه أوِ القَليلُ: أنَّه الخَمرُ المُحَرَّمةُ بالكِتابِ والسُّنَّةِ المُجتَمَعِ عليها، وأنَّ مُستَحِلَّها كافِرٌ يُستَتابُ، فإن تابَ وإلَّا قُتِلَ). ((الاستذكار)) (8/ 10). ، والقُرطُبيُّ [1057] قال القُرطُبيُّ: (فأمَّا المُستَخرَجُ مِنَ العِنَبِ المُسكِرِ النِّيءِ فهو الذي انعَقدَ الإجماعُ على تَحريمِ قَليلِه وكَثيرِه، ولَو نُقطةً مِنهـ). ((تفسير القرطبي)) (6/295). ، وابنُ القَطَّانِ [1058] قال ابنُ القَطَّانِ: (أجمَعوا أنَّ عَصيرَ العِنَبِ إذا غَلى واشتَدَّ وقَذَف بالزَّبَدِ وأسكَرَ الكَثيرُ مِنه أوِ القَليلُ: أنَّه الخَمرُ [المُحَرَّمةُ] بالكِتابِ والسُّنَّةِ المُجتَمَعِ عليها). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/ 327). ، وابنُ قُدامةَ [1059] قال ابنُ قُدامةَ: (فالمُجمَعُ على تَحريمِه عَصيرُ العِنَبِ، إذا اشتَدَّ وقَذَفَ زَبَدَهـ). ((المغني)) (9/ 159). ، وابنُ تَيميَّةَ [1060] قال ابنُ تَيميَّةَ: (فإنَّ خَمرَ العِنَبِ قد أجمَعَ المُسلِمونَ على تَحريمِ قَليلِها وكَثيرِها). ((الفتاوى الكبرى)) (3 / 417). ، وابنُ حَجَرٍ [1061] قال ابنُ حَجَرٍ: (انعَقدَ الإجماعُ على أنَّ القَليلَ مِنَ الخَمرِ المُتَّخَذِ مِنَ العِنَبِ يَحرُمُ قَليلُه وكَثيرُهـ). ((فتح الباري)) (10 / 40). .

انظر أيضا: