المَطلَبُ الثَّالث: صلاةُ الاستخارةِ
الفَرعُ الأوَّل: تعريفُ الاستخارةِالاستخارةُ لُغةً: طلَبُ الخِيرةِ في الشيءِ، وهو استفعالٌ منه؛ يُقال: استخِرِ اللهَ يَخِرْ لك
الاستخارة شرعًا: طلَبُ صرفِ الهِمَّةِ لِمَا هو المختارُ عندَ اللهِ والأَوْلى
، بالصَّلاة، والدُّعاءِ الواردِ في الاستخارةِ
الفرعُ الثَّاني: حُكمُ صلاةِ الاستخارةِصلاةُ الاستخارةِ سُنَّةٌ، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية
، والمالكية
، والشافعية
، والحنابلة
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن
جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعلِّم السورةَ من القرآنِ؛ يقول:
((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُل: اللهمَّ إني أستخيرُك بعِلمك، وأستقْدِرُكَ بقُدرتِك، وأسألُك من فَضلِك؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أَعلمُ، وأنت علَّامُ الغيوب، اللهمَّ فإنْ كنتَ تَعلَمُ هذا الأمْرَ- ثم تُسمِّيه بعَينِه- خيرًا لي في عاجلِ أمْري وآجلِه- قال: أو في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمري- فاقْدُرْه لي، ويَسِّره لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهمَّ وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّه شرٌّ لي في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمْري- أو قال: في عاجِلِ أمْري وآجِلِه- فاصْرِفني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كانَ ثمَّ رضِّني به ))
الفَرع الثَّالِث: أداءُ صلاةِ الاستخارةِ في أوقاتِ النَّهيلا تُصلَّى صلاةُ الاستخارةِ في أوقاتِ النَّهي
، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((شهِد عندي رجالٌ مرضيُّون، وأرْضاهم عندي عُمرُ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصُّبحِ حتَّى تُشرِقَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتَّى تغرُبَ ))
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَحرَّوا بصلاتِكم طلوعَ الشمسِ ولا غُروبَها ))
3- عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إذا طلَعَ حاجبُ الشمسِ فأَخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غابَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ ))
4- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجهنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهانا أنْ نُصلِّي فيهنَّ أو أن نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حينَ تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ ))
وجهُ الدَّلالة من هذه الأحاديثِ:أنَّ النصوصَ عامَّةٌ في النَّهي، فتشمَلُ صلاةَ الاستخارةِ
ثانيًا: لأنَّ سببَ الصلاةِ هو الاستخارةُ، وهو متأخِّرٌ عن الصَّلاةِ
الفرعُ الرابع: وقتُ الدعاءِ في صلاةِ الاستخارةِالدُّعاءُ في صلاةِ الاستخارةِ يكونُ عقِبَ السَّلامِ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وحُكي الإجماعُ على ذلك
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن
جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعلِّم السورةَ من القرآنِ؛ يقول:
((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُل: اللهمَّ إني أستخيرُك بعِلمك، وأستقدرِكُ بقُدرتِك، وأسألُك من فَضلِك؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أَعلم، وأنت علَّامُ الغيوب، اللهمَّ فإنْ كنتَ تَعلَمُ هذا الأمْرَ- ثم تُسمِّيه بعَينِه- خيرًا لي في عاجلِ أمْري وآجلِه- قال: أو في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمري- فاقْدُرْه لي، ويَسِّره لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهمَّ وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّه شرٌّ لي في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمْري- أو قال: في عاجِلِ أمْري وآجِلِه- فاصْرِفني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كانَ ثمَّ رضِّني به ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَر الدعاءَ بعدَ (ثم) التي تُفيدُ الترتيبَ والتعقيبَ مع التَّراخي
الفَرعُ الخامس: تَكرارُ صلاةِ الاستخارةِإذا لم يتبيَّنْ للمستخيرِ أمرٌ يختارُه، فله تَكرارُ الاستخارةِ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن
عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دعَا، دعا ثلاثًا، وإذا سألَ، سألَ ثلاثًا))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ الدُّعاءَ الذي تُسَنُّ له الصلاةُ تُكرَّر الصلاةُ له كالاستسقاءِ
ثانيًا: من الآثارعن
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: (لَمَّا احترقَ البيتُ (أي: الكَعبة) زمَنَ
يزيدَ بنِ معاويةَ، حين غزاها أهلُ الشام، فكان من أمْره ما كان، ترَكَه
ابنُ الزُّبَير، حتى قدِمَ الناسُ الموسِمَ، يريد أنْ يُجرِّئهم (أو يُحرِّبهم بهم) على أهلِ الشام، فلمَّا صدَر الناسُ، قال: يا أيُّها الناس، أَشِيروا عليَّ في الكعبةِ، أَنقضُها ثمَّ أَبني بناءَها، أو أُصلِحُ ما هو منها؟ قال
ابن عبَّاس: فإني قدْ فَرَقَ
لي رأيٌ فيها؛ أرى أنْ تُصلِحَ ما وَهَى منها، وتدَعَ بيتًا أسلمَ الناسُ عليه، وأحجارًا أسلمَ الناسُ عليها وبُعِثَ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال
ابنُ الزُّبَيرُ: لو كان أحدُكم احترَقَ بيتُه، ما رضِي حتى يُجِدَّه؛ فكيف بيتُ ربِّكم؟! إنِّي مُستخيرٌ ربِّي ثلاثًا، ثم عازمٌ على أمْري، فلمَّا مضى الثلاثُ أجْمَع رأيَه على أنْ يَنقُضَها
)
ثالثًا: قياسُها على صلاةِ الاستسقاءِ؛ فصلاةُ الاستخارةِ أشبهُ ما تكونُ بصلاةِ الاستسقاءِ، من حيثُ إنَّها صلاةُ حاجةٍ، وتُشابهها من حيثُ ارتباطُ الصلاةِ بالدُّعاءِ