الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الأولى: الحَفرُ للمَرجومِ إذا كان رَجُلًا


لا يُحفَرُ للمَرجومِ إذا كان رَجُلًا، سَواءٌ ثَبَتَ زِناه بالبَيِّنةِ أو بالإقرارِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [603] ((المبسوط)) للسرخسي (9/43)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 10). ، والمالِكيَّةِ -على المَشهورِ- [604] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (4/ 320)، ((منح الجليل)) لعليش (9/261). ، والشَّافِعيَّةِ [605] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (11/157)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/99). ، والحَنابِلةِ [606] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 373)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 84). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَجُلًا مِن أسلَمَ يُقالُ له ماعِزُ بنُ مالِكٍ، أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي أصَبتُ فاحِشةً، فأقِمْه عليَّ، فرَدَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِرارًا، قال: ثُمَّ سَألَ قَومَه، فقالوا: ما نَعلَمُ به بَأسًا، إلَّا أنَّه أصابَ شَيئًا يَرى أنَّه لا يُخرِجُه منه إلَّا أن يُقامَ فيه الحَدُّ، قال: فرَجَعَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأمَرَنا أن نَرجُمَه، قال: فانطَلَقنا به إلى بَقيعِ الغَرقَدِ، قال: فما أوثَقناه ولا حَفَرنا له، قال: فرَمَيناه بالعَظمِ والمَدَرِ والخَزَفِ، قال: فاشتَدَّ واشتَدَدنا خَلفَه حتَّى أتى عُرضَ الحَرَّةِ، فانتَصَبَ لنا فرَمَيناه بجَلاميدِ الحَرَّةِ -يَعني الحِجارةَ- حتَّى سَكَتَ... )) [607] أخرجه مسلم (1694). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ ظاهرُ الحَديثِ على أنَّ الصَّحابةَ لم يَحفِروا لماعِزٍ؛ وذلك لهَرَبِه أثناءَ رَجمِه، ولَو كان في حُفرةٍ لم يَتَمَكَّنْ مِنَ الهَرَبِ [608] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/43)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 40).  .
ثانيًا: أنَّ مَبنى حالِ الرَّجُلِ في الحَدِّ على الظُّهورِ، فلا يُحفَرُ لَه؛ لأنَّ الحَفرَ يُنافي الظُّهورَ [609] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/52).  .
ثالِثًا: أنَّ الحَفرَ عُقوبةٌ زائِدةٌ على الحَدِّ لم يَرِدْ بها الشَّرعُ؛ فوجَبَ ألَّا تَثبُتَ [610] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/36). .
رابِعًا: أنَّ المَرجومَ إذا كان قائِمًا دونَ أن يُحفَرَ لَه تَحَقَّقَ بذلك المَطلوبُ مِن نَيلِ الحِجارةِ جَميعَ جَسَدِه، وكان ذلك أسرَعَ لزُهوقِ رُوحِه [611] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (7/ 134)، ((الذخيرة)) للقرافي (12/76). .

انظر أيضا: