الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: العُقوبةُ بالجَلدِ للزَّاني البِكرِ


العُقوبةُ بالجَلدِ للزَّاني البِكرِ: هيَ الجَلدُ مِائةَ جَلدةٍ [254] البِكرُ عَكسُ المُحصَنِ: وهو مَن لم يَحصُلْ له وطءٌ في نِكاحٍ صحيحٍ يوجِبُ حَدَّ الزِّنا. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 43). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2] .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خُذوا عنِّي، خُذوا عنِّي، قد جَعَل اللهُ لهنَّ سَبيلًا: البِكرُ بالبِكرِ جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ جَلدُ مِائةٍ والرَّجمُ)) [255] أخرجه مسلم (1690). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى فيمَن زَنى ولم يُحصَنْ بنَفيِ عامٍ، وبإقامةِ الحَدِّ عليهـ)) [256] أخرجه البخاري (6833) واللفظ له. وأخرجه مسلم (1697، 1698) من حديثِ أبي هرَيرةَ وزَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنهما، بلفظ: ((... وعلى ابنِك جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عام...)). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَليلٌ أنَّ البِكرَينِ يُجلَدانِ ويُنفَيانِ [257] يُنظر: ((صحيح البخاري)) (8/ 170(باب: البِكرانِ يُجلَدانِ ويُنفَيانِ.  .
3- عَن أبي هُرَيرةَ وزَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهما قالا: ((إنَّ رَجُلًا مِنَ الأعرابِ أتى رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنشُدُك اللَّهَ إلَّا قَضَيتَ لي بكِتابِ اللهِ. فقال الخَصمُ الآخَرُ -وهو أفقَهُ مِنه-: نَعَم، فاقضِ بَينَنا بكِتابِ اللهِ، وأْذَنْ لي. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: قُلْ، قال: إنَّ ابني كان عَسيفًا على هذا، فزَنى بامرَأتِه، وإنِّي أُخبِرتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ، فافتَدَيتُ مِنه بمِائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسَألتُ أهلَ العِلمِ فأخبَروني أنَّما على ابني جَلْدُ مِائةٍ، وتَغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرَأةِ هذا الرَّجمَ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه لأقضيَنَّ بَينَكُما بكِتابِ اللهِ، الوليدةُ والغَنَمُ رَدٌّ، وعلى ابنِك جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، واغْدُ يا أُنَيسُ إلى امرَأةِ هذا، فإنِ اعتَرَفت فارجُمْها، قال: فغَدا عليها فاعتَرَفَت، فأمَر بها رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فرُجِمَت)) [258] أخرجه البخاري (6827، 6828)، ومسلم (1697، 1698) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى بالجَلدِ والتَّغريبِ على العَسيفِ [259] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (8/ 467)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 43). .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ بَطَّالٍ [260] قال ابنُ بَطَّالٍ: (أجمَعَ العُلماءُ أنَّ قَولَه تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ في زِنا الأبكارِ خاصَّةً). ((شرح صحيح البخاري)) (8/ 467). ، وابنُ حَزمٍ [261] قال ابنُ حَزمٍ: (النَّاسُ قد أجمَعوا على أنَّ الحُرَّ الزَّانيَ والحُرَّةَ الزَّانيةَ، إذا كانا غَيرَ مُحصَنينِ فإنَّ حَدَّهما مِائةُ جَلدةٍ). ((المحلى)) (12/ 169). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [262] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ في شَرحِه لحَديثِ العَسيفِ: (فلا خِلافَ بَينَ عُلماءِ المُسلمينَ أنَّ ابنَه كان بِكرًا، وأنَّ الجَلدَ حَدُّ البِكرِ مِائةَ جَلدةٍ). ((الاستذكار)) (7/ 480). ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ [263] قال ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ: (أجمَعوا على أنَّ حَدَّ البِكرِ في الزِّنا جَلدُ مِائةٍ). ((بداية المجتهد)) (2/ 367). ، والنَّوَويُّ [264] قال النَّوَويُّ: (أجمَعَ العُلماءُ على وُجوبِ جَلدِ الزَّاني البِكرِ مِائةً). ((شرح النووي لصحيح مسلم)) (11/ 189).  ، وابنُ حَجَرٍ [265] قال ابنُ حَجَرٍ: (الجَلدُ ثابتٌ بكِتابِ اللهِ، وقامَ الإجماعُ مِمَّن يُعتَدُّ به على اختِصاصِه بالبِكرِ، وهو غَيرُ المُحصَنِ). ((فتح الباري)) (12/ 157). ، والعَينيُّ [266] قال العَينيُّ: (أجمَعوا على أنَّ الزَّانيَ الذي ليسَ بمُحْصَنٍ حَدُّه جَلدُ مِائةٍ). ((عمدة القاري)) (24/ 41). ، والرُّحَيبانيُّ [267] قال الرُّحيبانيُّ: (إن زَنى غَيرُ مُحصَنٍ حُرٌّ جُلِدَ مِائةً بلا خِلافٍ). ((مطالب أولي النهى)) (6/ 179). .

انظر أيضا: