الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّالثُ: مِن مُسْقِطاتِ القِصاصِ: الصُّلْحُ


يَسقُطُ القِصاصُ بالصُّلحِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابلةِ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ [البقرة: 178] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
مَعنى الآيةِ: فمَن عُفِي له مِن دَمِ أخيه شَيءٌ، أي: تَرَك القِصاصَ ورَضيَ بالمالِ .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا فتَحَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَكَّةَ قامَ في النَّاسِ فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عن مَكَّةَ الفيلَ، وسَلَّطَ عليها رَسولَه والمُؤمِنينَ، وإنَّها لن تَحِلَّ لأحَدٍ كان قَبلي، وإنَّها أُحِلَّت لي ساعةً مِن نَهارٍ، وإنَّها لن تَحِلَّ لأحَدٍ بَعدي، فلا يُنَفَّرُ صَيدُها، ولا يُختَلى شَوكُها، ولا تَحِلُّ ساقِطَتُها إلَّا لمُنشِدٍ، ومَن قُتِل له قَتيلٌ فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ: إمَّا أن يُفدى، وإمَّا أن يُقتَلَ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ ...)) أنَّ المُرادَ هو الأخذُ بالرِّضا، وهو الصُّلحُ بعَينِه .
ثالثًا: لأنَّه حَقٌّ ثابتٌ للورَثةِ يَجري فيه الإسقاطُ عَفوًا، فكَذا تَعويضًا؛ لاشتِمالِه على إحسانِ الأولياءِ، وإحياءِ القاتِلِ، فيَجوزُ بالتَّراضي .

انظر أيضا:

  1. (1) ((الهداية)) للمرغيناني (4/167)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/35). ويُنظر: ((الاختيار)) للموصلي (3/6).
  2. (2) ((التاج والإكليل)) للمواق (5/85)، ((منح الجليل)) لعليش (6/154).
  3. (3) ((روضة الطالبين)) للنووي (4/194)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/50).
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (5/183)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/146).
  5. (5) يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167)، ((الاختيار)) للموصلي (3/6).
  6. (6) أخرجه البخاري (2434)، ومسلم (1355) واللفظ له.
  7. (7) يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167).
  8. (8) يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167).