الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: هَل تَبرَأُ ذِمَّةُ المَيِّتِ عنِ الدَّينِ إذا لم يُقْضَ عنه؟


لا تَبرَأُ ذِمَّةُ المَيِّتِ حتَّى يُقضى عنه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحنابِلةِ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((تُوُفِّيَ رجُلٌ فغَسَّلْناه وحَنَّطْناه وكَفَّنَّاه، ثمَّ أتينا به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي عليه، فقلْنا: تُصَلِّي عليه؟ فخطا خُطًى، ثمَّ قال: أعليه دَينٌ؟ قُلْنا: دينارانِ، فانصَرَف، فتحَمَّلَهما أبو قتادةَ، فأتيناه، فقال أبو قتادةَ: الدَّينارانِ عَلَيَّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حقَّ الغريمِ، وبَرِئَ منهما المَيِّتُ؟ قال: نعَمْ، فصلَّى عليه، ثمَّ قال بعدَ ذلك بيومٍ: ما فعَلَ الدِّينارانِ؟ فقال: إنَّما مات أمسِ! قال: فعاد إليه من الغَدِ، فقال: لقد قَضَيتُهما، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الآن برَّدْتَ عليه جِلْدَه!)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
لمَّا أخبَرَ أبو قتادةَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بوفاءِ الدَّينارَينِ قال: الآنَ بَرَّدْتَ عليه جِلدَه
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((نَفسُ المُؤمنِ مُعلَّقةٌ بدَينِه حتَّى يُقضى عنهـ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه الحَثُّ للورَثةِ على قَضاءِ دَينِ المَيِّتِ، والإخبارُ لهم بأنَّ نَفسَه مُعلَّقةٌ بدَينِه حتَّى يُقضى عنه .
ثانيًا: لأنَّه وثيقةٌ بدَينٍ فلم يَسقُطْ قَبلَ القَضاءِ كالرَّهنِ .
ثالثًا: قياسًا على الحَيِّ؛ لا يَبرَأُ إلَّا بالأداءِ .

انظر أيضا:

  1. (1) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/160).
  2. (2) ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/242). ويُنظر: ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد (2/378)، ((الخلاصة الفقهية)) للقروي (ص: 309).
  3. (3) ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/432). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (17/81).
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (13/27)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (8/236).
  5. (5) أخرجه أحمد (14536) واللفظ له، والحاكم (2346)، والبيهقي (11734). صححه ابن حبان كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (258)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1812)، وصحَّح إسناده الحاكم، وحسَّنه المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/51)، والنووي في ((خلاصة الأحكام)) (2/931)، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/130).
  6. (6) يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/302).
  7. (7) أخرجه الترمذي (1078)، وابن ماجه (2413) واللفظ لهما، وأحمد (9679) باختلاف يسير. صححه يحيى بن مَعين كما في ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (45/73)، وابن حبان في ((صحيحهـ)) (3061)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (2219)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/201)، وابن عبد البر في ((الاستذكار)) (4/101).
  8. (8) يُنظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/30).
  9. (9) يُنظر: ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/368).
  10. (10) يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/302).