الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: حُلولُ الدَّينِ المُؤَجَّلِ إذا ماتَ المَدينُ مُفلِسًا


اختَلف الفُقَهاءُ في حُلولِ الدَّينِ المُؤَجَّلِ إذا ماتَ صاحِبُه مُفلِسًا، على قَولينِ:
القَولُ الأوَّلُ: مَن ماتَ مُفلِسًا حَلَّ الدَّينُ المُؤَجَّلُ بمَوتِه ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ -على المشهورِ عِندَهم- ، والشَّافِعيَّةِ ، وروايةٌ عن أحمدَ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((نَفسُ المُؤمِنِ مُعلَّقةٌ بدَينِه حتَّى يُقضى عنهـ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّنا لو تَرَكْنا دُيونَهم إلى حُلولِها مَنعْنا المَيِّتَ أن تَبرَأَ ذِمَّتُه
ثانيًا: لمَّا كان غُرَماءُ المَيِّتِ أحَقَّ بمالِه في حَياتِه منه، كانوا أحَقَّ بمالِه بَعدَ وفاتِه من ورَثَتِه
ثالثًا: لأنَّنا لو تَرَكْنا دُيونَهم إلى حُلولِها مَنَعْنا الوارِثَ أن يَأخُذَ الفَضلَ عن دَينِ غَريمِ أبيه .
رابعًا: لخَرابِ ذِمَّةِ المَيِّتِ وتَعَذُّرِ مُطالبَتِه .
خامِسًا: لأنَّ الدَّينَ لا يَنتَقِلُ لذِمَّةِ الورَثةِ؛ لأنَّهم لم يَلتَزِموا به، ولا رَضيَ صاحِبُ الدَّينِ بذِمَمِهم، وهي مُختَلِفةٌ مُتَبايِنةٌ .
القَولُ الثَّاني: مَن ماتَ مُفلِسًا لا يَحِلُّ الدَّينُ المُؤَجَّلُ بمَوتِه إذا وثَّقَ الورَثةُ أو غَيرُهم دَينَه برَهنٍ أو كَفيلٍ مَليءٍ، وإلَّا حَلَّ، وهو مَذهَبُ الحَنابلةِ ؛ وذلك لأنَّ الأجَلَ حَقٌّ للمَيِّتِ، فوُرِثَ عنه كَسائِرِ حُقوقِه .

انظر أيضا:

  1. (1) وأمَّا (الدَّائِنُ) فلا يحِلُّ الدَّينُ المُؤجَّلُ بموتِه.
  2. (2) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/213)، ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/212).
  3. (3) اشتَرَطَ المالكيَّةُ شُروطًا لحُلولِ الدَّينِ المُؤَجَّلِ بمَوتِ المُفلسِ، وهي: ألَّا يَشتَرِطَ المُتَدايِنانِ عَدَمَ حُلولِ الدَّينِ بمَوتِ المَدينِ، وألَّا يَكونَ المَدينُ قد قَتَل الدَّائِنَ عَمدًا، وألَّا يَطلُبَ الغُرَماءُ جميعًا بَقاءَ دُيونِهم مُؤَجَّلةً. ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/600)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/265).
  4. (4) ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/147- 208)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/459). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/124).
  5. (5) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/299)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/307).
  6. (6) أخرجه الترمذي (1078)، وابن ماجه (2413) واللفظ لهما، وأحمد (9679) باختلاف يسير. صحَّحه يحيى بن مَعين كما في ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (45/73)، وابن حبان في ((صحيحهـ)) (3061)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (2219)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/201)، وابن عبد البر في ((الاستذكار)) (4/101).
  7. (7) يُنظر: ((الأم)) للشافعي (3/216).
  8. (8) يُنظر: ((الأم)) للشافعي (3/216).
  9. (9) يُنظر: ((الأم)) للشافعي (3/216).
  10. (10) يُنظر: ((لمبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/399).
  11. (11) يُنظر: ((لمبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/399).
  12. (12) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/399)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/307).
  13. (13) يُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/399).