الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: حُكمُ سُجودِ السَّهوِ


سُجودُ السهوِ واجبٌ في الجملةِ، وهو الصَّحيحُ عند الحنفيَّة ، والحنابلة ، وقولٌ للمالكيَّة ، وهو قولُ الثَّوري ، وابنِ المنذر ، وابنِ حزم ، واختارَه ابنُ تيميَّة وابنُ باز , وابنُ عُثَيمين ، وبه أفتتِ اللجنةُ الدَّائمةُ
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عنِ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةً زاد فيها، أو نقَصَ منها، فلمَّا أتَمَّ قُلْنا: يا رسولَ الله، أحَدَثَ في الصَّلاةِ شيءٌ؟ قال: فثَنَى رِجْلَه فسَجَدَ سَجدتَينِ، ثم قال: ((لو حَدَثَ في الصَّلاةِ شيءٌ لأخبرتُكم به، ولكِنْ إنَّما أنا بَشَرٌ، أَنْسَى كَما تَنْسَونَ، فإذا نَسيتُ فذَكِّروني، وإذا أَحَدُكم شكَّ في صَلاتِه فلْيتَحرَّ الصوابَ ولْيَبنِ عليه، ثمَّ لْيَسجُدْ سَجدتينِ ))
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا شَكَّ أحدُكم في صَلاتِه، فلمْ يَدْرِ كم صَلَّى؛ ثلاثًا أم أربعًا؟ فلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، ولْيَبْنِ على ما اسْتَيقَنَ، ثم يَسجُدْ سَجدتينِ قَبلَ أنْ يُسلِّمَ، فإنْ كانَ صلَّى خمسًا، شفَعْنَ له صلاتَه، وإنْ كانَ صلَّى إتمامًا لأربعٍ، كانتَا ترغيمًا للشَّيطانِ ))
3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ أحدَكم إذا قامَ يُصلِّي جاءَه الشَّيطانُ فلَبَس عليه حتَّى لا يَدْري كمْ صَلَّى، فإذا وَجَدَ أحدُكم ذلِكَ، فلْيَسجُدْ سَجدتينِ وهو جالسٌ ))

انظر أيضا:

  1. (1) ((الهداية)) للمرغيناني (1/74)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/77).
  2. (2) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/110)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/408) قال ابن رجب: (لكن أحمد إنَّما يوجبه إذا كان لِمَا يُبطِلُ عَمدُه الصلاةَ خاصَّة، فأمَّا ما لا يُبطِل الصلاةَ عَمدُه، كترك السُّنن، وزيادة ذِكر في غير محلِّه، سوى السَّلام، فليس بواجبٍ عندهـ) ((فتح الباري)) (6/515).
  3. (3) - ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/286).
  4. (4) - قال ابن رجب: (ومذهب الثوري: أنَّ سجودَ السهو واجب) ((فتح الباري)) (6/517).
  5. (5) - قال ابنُ المنذر: (أمَّا الفعل الذي يفعله ساهيًا، فيجبَ فيه سجودُ السهو، فهو أن يجلسَ فيما يُقام فيه، أو يقومَ فيما يُجلس فيه، وما أشبه ذلك) ((الإقناع)) (1/98).
  6. (6) - قال ابنُ حزم: (كلُّ عملٍ يعمله المرءُ في صلاتِه سهوًا، وكان ذلك العمل ممَّا لو تعمَّده ذاكرًا بطَلتْ صلاته، فإنَّه يلزمُه في السهوِ سجدتَا السهو...) ((المحلى)) (3/73)
  7. (7) - قال ابن تيمية: (فهذه خمسة أحاديث صحيحة فيها كلها يأمر الساهي بسجدتي السهو، وهو لَمَّا سها عن التشهد الأول سجدَهما بالمسلمين قبل السلام، ولَمَّا سلَّم في الصلاة من ركعتين أو من ثلاثٍ صلَّى ما بقِيَ وسجَدَهما بالمسلمين بعدَ الصلاة، ولَمَّا أَذْكروه أنه صلَّى خمسًا سجدهما بعد السلام والكلام. وهذا يَقتضي مداومتَه عليهما وتوكيدهما، وأنه لم يدَعْهما في السهو المقتضي لها قطُّ، وهذه دلائل بيِّنة واضحةٌ على وجوبِهما، وهو قولُ جمهور العلماء، وهو مذهبُ مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، وليس مع مَن لم يوجبهما حُجَّةٌ تقارب ذلك) ((مجموع الفتاوى)) (23/28).
  8. (8) قال ابنُ باز: (سجود السهوِ واجبٌ؛ لأنَّ الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بذلك) ((فتاوى نور على الدرب)) (9/365).
  9. (9) - قال ابن عثيمين: (فسجود السهو واجبٌ لكلِّ فِعلٍ أو تَرْك إذا تعمَّده الإنسانُ بطَلَتْ صلاتُه، لكن يجب أن تُقيَّد هذه القاعدة بما إذا كان من جِنس الصلاة كالركوع، والسجود، والقيام، والقعود، فيخرج كلامُ الآدميِّين مثلًا، فإنَّ عَمْدَه يُبطل الصلاة، وسهوَه لا يُبطِلها على الصَّحيح) ((الشرح الممتع)) (3/393).
  10. (10) - قالت اللجنة الدائمة: (سجودُ السهو واجب على الإمامِ وغيرِه، إذا سها في صلاتِه في ترْك واجب أو فِعل محظورٍ) ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (7/126).
  11. (11) رواه البخاري (401)، ومسلم (572).
  12. (12) رواه مسلم (571).
  13. (13) فَلَبَس: أي خَلَط عليه صَلاتَه، وشبَّهها عليه، وشكَّكه فيها. ينظر: ((مطالع الأنوار على صحاح الآثار)) لابن قرقول (3/414)، ((شرح النووي على مسلم)) (5/57)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (2/798).
  14. (14) رواه البخاري (1232)، ومسلم (389).