الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ السَّابعُ: إعارةُ الفُضوليِّ


إعارةُ الفُضوليِّ تنعَقِدُ موقوفةً على إجازةِ المالِكِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، وقولٌ للمالِكيَّةِ ، وقولُ الشَّافِعيِّ في القديمِ ، وروايةٌ عن أحمدَ ، وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ ، وابنِ القَيِّمِ ، وابن عُثَيمين .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عُرْوةَ البارِقيِّ رضي الله عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعطاه دينارًا يَشتَري به شاةً، فاشتَرى له به شاتَينِ، فباعَ إحداهما بدينارٍ، وجاءَه بدينارٍ وشاةٍ، فدَعا له بالبَرَكةِ في بَيعِه، وكان لو اشتَرى التُّرابَ لرَبِحَ فيهـ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الصَّحابيَّ رَضِيَ اللَّهُ عنه لم يكُنْ مأمورًا ببيعِ الشَّاةِ، فلو لم ينعَقِدْ تصَرُّفُه لما باع ولما دعا له رسولُ اللَّهِ بالخيرِ والبرَكةِ على ما فَعَل، ولأنكَر عليه؛ لأنَّ الباطِلَ يُنكَرُ .
ثانيًا: لأنَّه تصَرُّفٌ لا ضرَرَ فيه للمالِكِ مع تخييرِه .
ثالثًا: أنَّ الإذنَ ثابتٌ دَلالةً؛ لأنَّ العاقِلَ يأذَنُ في التصَرُّفِ النَّافِعِ .
رابعًا: لأنَّه عَقدٌ له مجيزٌ في حالِ وُقوعِه، فوَقَف على إجازتِه، كالوصيَّةِ لأجنبيٍّ بزيادةٍ على الثُّلُثِ .

انظر أيضا:

  1. (1) الفُضوليُّ: هو مَن لم يكُنْ أصيلًا ولا وليًّا ولا وكيلًا في العَقدِ. يُنظَر: ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 167)، ((العناية)) للبابرتي (7/51)، ((البناية)) للعيني (8/311))، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/160).
  2. (2) ((الهداية)) للمرغيناني (5/ 123)، ((البناية)) للعيني (8/ 311)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/ 163).
  3. (3) ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (4/ 98).
  4. (4) ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/ 15).
  5. (5) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (5/ 440)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/16).
  6. (6) قال ابنُ تيميَّةَ: (إذا تصَرَّف بغيرِ أمرِه كان فُضوليًّا، فتكونُ العقودُ موقوفةً، وهذا إحدى الرِّوايتينِ عن أحمدَ وقَولُ أكثَرِ العُلَماءِ، وهي التي ذَكَرها الِخرَقيُّ في مختَصَرِه: أنَّ بَيعَ الفُضوليِّ وشِراه ليس باطِلًا بل موقوفًا، فإن باع أو اشترى بعينِ المالِ فهو موقوفٌ، وإن اشترى في الذِّمَّةِ فهو موقوفٌ، فأيُّ إجارةٍ والمشترى له وإلَّا لزِمَ المشتريَ. وأمَّا القاضي وأتباعُه فاختاروا أنَّ تصَرُّفَه مردودٌ إلَّا إن اشترى في الذِّمَّةِ. والذي ذكَرَه الخِرَقيُّ أصَحُّ). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (2/160). ويُنظَر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (29/268،249).
  7. (7) قال ابنُ القَيِّمِ: (القَولُ بوقفِ العُقودِ مُطلَقًا هو الأظهَرُ في الحُجَّةِ، وهو قولُ الجُمهورِ، وليس في ذلك ضَرَرٌ أصلًا، بل هو إصلاحٌ بلا إفسادٍ؛ فإنَّ الرَّجُلَ قد يرى أن يشتريَ لغيرِه أو يبيعَ له، أو يؤجِّرَ له أو يستأجِرَ له، ثمَّ يشاوِرَه، فإن رَضِيَ وإلَّا لم يحصُلْ له ما يَضُرُّهـ). ((إعلام الموقعين)) (3/254).
  8. (8) قال ابنُ عُثَيمين: ("التَّصرُّفُ الفُضوليُّ"، بمعنى أنَّ الإنسانَ يتصَرَّفُ لغيرِه بغيرِ إذنِه، فهل يَبطُلُ هذا التَّصرُّفُ مُطلقًا، أو يتوقَّفُ على إذنِ ورِضا الغيرِ؟ هذه المسألةُ فيها خلافٌ بَيْنَ أهلِ العِلمِ، والرَّاجِحُ: أنَّه يجزِئُ إذا رَضِيَ الغيرُ). ((الشرح الممتع)) (6/ 164).
  9. (9) أخرجه البخاري (3642).
  10. (10) يُنظَر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/149).
  11. (11) يُنظَر: ((الهداية)) للمرغيناني (8/ 312).
  12. (12) يُنظَر: ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/160).
  13. (13) يُنظَر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/16).