الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: اشتِراطُ أن يكونَ قادرًا على تسليمِ المكفولِ به


لا يُشتَرَطُ أن يكونَ المضمونُ عنه قادرًا على تسليمِ المكفولِ به ، فتَصِحُّ الكَفالةُ بالدَّينِ عن الميِّتِ المُفلِسِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولُ أبي يوسُفَ ومحمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِن الحَنَفيَّةِ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من السُّنَّةِ
عن سَلمةَ بنِ الأكوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كُنَّا جُلوسًا عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ أُتِيَ بجَنازةٍ، فقالوا: صَلِّ عليها، فقال: هل عليه دَينٌ؟ قالوا: لا، قال: فهل تَرَك شيئًا؟ قالوا: لا، فصلَّى عليه، ثمَّ أُتِيَ بجَنازةٍ أُخرى، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، صَلِّ عليها، قال: هل عليه دَينٌ؟ قيل: نعم، قال: فهل تَرَك شَيئًا؟ قالوا: ثلاثةَ دنانيرَ، فصلَّى عليها، ثمَّ أُتِيَ بالثَّالثةِ، فقالوا: صلِّ عليها، قال: هل تَرَك شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دَينٌ؟ قالوا: ثلاثةُ دنانيرَ، قال: صَلُّوا على صاحِبِكم، قال أبو قتادةَ صَلِّ عليه يا رسولَ اللهِ، وعَلَيَّ دَينُه، فصلَّى عليهـ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ دَينَ الميِّتِ لا يَسقُطُ بإعسارِه، وأنَّه يجوزُ ضَمانُ دَينِه مع إعسارِه .
ثانيًا: لأنَّ مَن لَزِمه الدَّينُ إذا كان حيًّا لَزِمه إذا كان ميِّتًا كالموسِرِ، ولأنَّ موتَ المُعسِرِ مُؤَثِّرٌ في تأخيرِ الحَقِّ، فلم يمنَعْ من ثُبوتِه كإعسارِ الحَيِّ؛ لأنَّ براءةَ المضمونِ عنه براءةٌ للضَّامِنِ .

انظر أيضا:

  1. (1) المضمونُ عنه: الذي عليه الدَّينُ.
  2. (2) المكفولُ به: هو المالُ، أو النَّفسُ المكفولةُ، ويُقصَدُ به هنا المالُ.
  3. (3) ((الشرح الكبير)) للدَّرْدير (3/ 331)، ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (6/ 23).
  4. (4) ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 240) و (2/ 318). ويُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454).
  5. (5) ((الفروع)) لمحمد ابن مُفلِح (6/ 391)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 233 - 238). ويُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/ 401).
  6. (6) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/ 6).
  7. (7) أخرجه البخاري (2289).
  8. (8) يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454).
  9. (9) يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454).