موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: تَثنيةُ الاسمِ المقصورِ


لا يَخلُو الاسمُ المقصورُ عِنْدَ التَّثْنِيةِ مِن أن يكونَ ثلاثيًّا أو أكثَرَ؛ فإن كان ثُلاثيًّا نظَرْتَ إلى أصْلِ الأَلِفِ؛ فإن كان أصلُها واوًا قَلَبْتَ الألِفَ واوًا ثُمَّ تُثَنِّي، فتقولُ في (عَصَا، قَفَا): عَصَوانِ عَصَوَينِ، قَفَوَان قَفَوَينِ. تقولُ: اشتَرَيتُ عَصَوَينِ جيِّدَتَين. (عَصَوَينِ) مفعولٌ به منصوبٌ، وعلامةُ نَصْبِه الياءُ؛ لأنَّه مُثَنًّى.
أمَّا إن كان أصلُ الألِفِ ياءً قَلَبْتَ الألِفَ ياءً، فتقولُ في (هُدَى، رَحَى، فَتى): هُدَيَان هُدَيَينِ، رَحَيَان رَحَيَينِ، فَتَيَانِ فَتَيَينِ. ومنه قَولُه تعالى: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ [يوسف: 36] ، وهذا مَذهَبُ البَصْرِيِّينَ؛ لم يُفَرِّقوا بين كَونِ الاسمِ على وَزْنِ (فَعِل) أو (فَعَل) أو (فُعَل).
أمَّا الكُوفيُّونَ فهم يُجيزونَ إذا كان المقصورُ الثُّلاثيُّ مَضمومَ الأوَّلِ أو مكسورَه، يُجيزونَ أن يُثَنَّى بالياءِ، سواءٌ أكان أصلُها واوًا أم ياءً، إلَّا في لفظَتَينِ شَذَّتا هما: حِمًى ورِضًا؛ فالعَرَبُ تُثَنِّيهما بالياءِ والواوِ معًا [544] يُنظَرُ النَّقلُ عن الكِسائيِّ في: ((المساعد)) لابن عقيل (1/ 60). .
وإنْ كان الاسمُ المقصورُ غَيْرَ ثلاثيٍّ ففي مَذهَبِ البَصْرِيِّينَ تُقلَبُ الألِفُ ياءً مُطْلَقًا؛ سواءٌ كان أصلُه واوًا، مِثْلُ: (مُصْطَفًى، مَغْزًى)، أو ياءً، مِثْلُ: (مَرْمًى، مَجْرًى)؛ فيقالُ في الكلِّ: مُصْطَفَيانِ مُصْطفَيَينِ، مَغْزَيَان مَغْزَيَينِ، مَرْمَيانِ مَرْمَيَينِ، مَجْريانِ مَجْرَيَينِ. تقولُ: للحُكومةِ مَغْزَيَانِ في القَرارِ الذي اتَّخَذَتْه، رأيتُ الطالِبَينِ المُصْطفَيَينِ [545] يُنظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (3/ 196)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (1/ 376). ، وسواءٌ أكان رُباعِيًّا أو أكثَرَ مِن أربَعةِ أحرُفٍ.
أمَّا الكُوفيُّونَ فقد أجازوا حَذفَ الألِفِ فيما كانَ أَزْيَدَ مِن أربَعةِ أحرُفٍ (الألِفُ خامِسةٌ فصاعِدًا)؛ مِثلَ: حُبَارَى -اسمًا لطائِرٍ- في مَذهَبِ البَصْريِّينَ: حُبَاريَانِ، وفي مَذهَبِ الكُوفيِّينَ: حُبَارانِ، والصَّحيحُ مَذهَبُ البَصْريِّينَ، وبِه جاءَ السَّمَاعُ [546] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (2/ 563)، ((شرح الجمل)) لابن عصفور (1/ 77، 78). .
فائِدةٌ:
شَذَّ قَولُهم:
- (مِذْرَوَانِ) لطَرَفَيِ الأَلْيَةِ (العَجِيزةِ)؛ لأنَّه لا يُعرَفُ له مُفرَدٌ، والأصلُ: مِذْرَيَانِ؛ لأنَّ أَلِفَه رابِعَةٌ [547] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 392). .
- (ثَنَايَانِ) لطَرَفَيِ العِقالِ، وهو، مِثْلُ: كِسَاءٍ؛ فالأصلُ فيه أن يُهمَزَ أو يُقلَبَ واوًا: (ثَناءانِ أو ثَنَاوانِ).
- شَذَّ أيضًا: قَهْقَرانِ، وخَوْزلانِ، وضَبَغْطَرانِ، وهِنْدَبانِ؛ تثنيةُ كَلِمات: (القَهْقَرى والخَوزَلى وضَبَغْطَرى وهِنْدَبَى) [548] الخَوْزَلى والخَيْزَلى: مِشْيَةٌ فيها تَبَخْتُرٌ، والضَّبَغْطَرى: الشَّديدُ والأحمَقُ، والهِنْدَبَى والهِنْدَبَاء: بَقلةٌ مِن أحرارِ البُقولِ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 237)، و(4/ 481)، و(1/ 788). ؛ حيث حُذِفَت الألِفُ على غيرِ قِياسٍ، وعَدَّه الكُوفِيُّونَ قياسًا إذا كانت الألِفُ خامِسةً فصاعِدًا، يَحذِفونَ الأَلِفَ [549] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (2/ 563، 564)، ((المساعد)) لابن عقيل (1/ 63). .

انظر أيضا: