موسوعة اللغة العربية

المطلَبُ الأوَّلُ: التَّجديدُ في الأغراضِ الشِّعْريَّةِ


لم يقتَصِرْ شُعَراءُ العَصرِ المملوكيِّ على الأغراضِ الشِّعْريَّةِ المعروفةِ، بل زادوا عليها أغراضًا أخرى؛ منها:
1- الإلغازُ:
يَعمِدُ الشَّاعِرُ إلى نَظْمِ أبياتٍ تتضَمَّنُ لُغزًا للنَّاسِ، من بابِ التَّسَلِّي وإعمالِ العَقلِ، وقد اهتمَّ الشُّعَراءُ بمِثلِ هذا الغَرَضِ حتَّى أفردوا له أبوابًا في دواوينِهم، مِثلُ صَفِيِّ الدِّينِ الحِلِّيِّ، وابنِ عُنَينٍ، والشَّرَفِ الأنصاريِّ، وابنِ السَّاعاتيِّ، وغيرِهم.
ومن أمثلةِ ذلك قولُ ابنِ عُنينٍ في العَقرَبِ [70] يُنظَر: ((ديوان ابن عُنين)) (ص: 150). : الطويل
وما حَيوانٌ يتَّقي النَّاسُ شرَّه
على أنَّه واهي القُوى واهِنُ البَطْشِ
إذا ضعَّفوا نِصفَ اسمِه صار طائِرًا
وإن ضَعَّفوا باقيه صار من الوَحْشِ
2- الفُكاهةُ والإضحاكُ:
كقَولِ ابنِ سُودونَ المعروفِ بذلك الغَرَضِ من الشِّعْرِ [71] يُنظَر: ((نزهة النفوس ومضحك العبوس)) لابن سودون (ص: 182)، ((مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني)) لبكري شيخ أمين (ص: 283). : الطويل
إذا ما الفتى في النَّاسِ بالعَقلِ قد سما
تيقَّنَ أنَّ الأرضَ مِن فَوقِها السَّمَا
وأنَّ السَّما من تحتِها الأرضُ لم تَزَلْ
وبَيْنَهما أشياءُ إنْ ظهَرَتْ تُرى
وإنِّي سأُبدي بعضَ ما قد عَلِمتُه
ليُعلَمَ أنِّي مِن ذوي العِلمِ والحِجَى
فمِن ذاك أنَّ النَّاسَ مِن نَسلِ آدمٍ
ومنهم أبي سُودونَ أيضًا ولو مضى
وأنَّ أبي زوجٌ لأمِّي وأنَّني
أنا ابنُهما والنَّاسُ هم يَعرِفون ذا
وكم عَجَبٍ عندي بمصرَ وغيرِها
فمِصرُ بها نيلٌ على الطِّينِ قد جرى
ومِن نيلِها مَن نام في اللَّيلِ بلَّهُ
وليست تَبُلُّ الشَّمسُ مَن نام في الضُّحى
وفي الشَّامِ أقوامٌ إذا ما رأيتَهم
ترى ظَهْرَ كلٍّ منهمُ وهْوَ مِن وَرا
وتَسخَنُ فيها النَّارُ في الصَّيفِ دائمًا
ويَبرُدُ فيها الماءُ في زَمَنِ الشِّتا
ومَن قد رأى في الهِندِ شَيئًا بعَينِه
فذاك له بالعَينِ في الهِندِ قد رأى
وعندي علومٌ بَعدَ هذا كثيرةٌ
تَدُلُّ على أنِّي من النَّاسِ يا فتى
وما علَّمَني ذاك أمِّي ولا أبي
ولا امرأةٌ قد زوَّجاني ولا حَما
ولكِنَّني قد جرَّبْتُها فعرَفْتُها
وحقَّقْتُها بالفَهمِ والحِذقِ والذَّكَا
فيا بَختَ أمِّي بي ألا يا سُرورَها
إذا سَمِعَت أنِّي أفوقُ على جُحا

انظر أيضا: