موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الرَّابِعُ: مَدْرَسةُ شُعَراءِ المَهْجَرِ


اختَلَفَت مقاصِدُ النَّاسِ في هِجرةِ أوطانِهم إلى بلادِ الغَربِ؛ فمِنهم من قَصَد السَّفَرَ لاستِكمالِ دراستِه في ظِلِّ الرُّكودِ العِلْميِّ لبِلادِهم، ومنهم مَن هاجَر بَحثًا عن قُوتِ يَومِه، ومنهم من فَرَّ هاربًا مِن حُكومته، فخرج تاركًا وَطَنَه وذِكْرياتِه إلى المجهولِ.
ولهذا لم يكُنْ هؤلاء النَّازِحون ليَنْسَوا وَطْنَهم، بل دَومًا ما كان يَحدوهم إليه الحَنينُ، فيَبكونَ على فِراقِه ويتألَّمون لوَحْشَتِه، ولم يَزَلِ الشُّعَراءُ يَتغَنَّون بالحَنينِ إلى أوطانِهم مِن لَدُنِ الجاهليِّينَ إلى وَقْتِنا هذا، وشِعْرُ الحَنينِ غَرَضٌ من أغراضِ الشِّعْرِ الَّتي يرتكِزُ عليها.
وقد تألَّفَت في العَصْرِ الحديثِ مَدارِسُ أدبيَّةٌ يجمَعُها ذلك الحَنينُ إلى الوَطَنِ، فهم شُعَراءُ تَرَكوا بلادَ العَرَبِ إلى أوروبَّا وأمريكا الجَنَوبيَّةِ، وبَقُوا على عَهْدِ الوَفاءِ لأوطانِهم، يَحمِلون هُمومَها ويتغَنَّون بمآثِرِها، ويَعتَذِرون مِن رَحيلِهم عنها، كما قال إيليا أبو ماضي:
لُبْنانُ لا تَعْذِلْ بَنِيك إذا هُمُ
رَكِبوا إلى العَلْياءِ كُلَّ سَفينِ
لم يَهْجُروك مَلالةً لكِنَّهم
خُلِقوا لصَيدِ اللُّؤلُؤِ المكنونِ
وَرِثوا اقتِحامَ البَحْرِ عن فينيقيا
أمِّ الثَّقافةِ مَصْدَرِ التَّمْدينِ
لَمَّا ولَدَتْهُم نُسورًا حلَّقوا
لا يَقْنَعونَ مِن العُلا بالدُّونِ
والنَّسْرُ لا يَرْضى السُّجونَ وإنْ تَكُنْ
ذَهَبًا فكيف محابِسٌ مِن طِينِ
الأرضُ للحَشَراتِ تَزحَفُ فَوقَها
والجَوُّ للبازي وللشَّاهينِ [856] يُنظر: ((ديوان إيليا أبي ماضي)) (ص: 727).
وهؤلاء المَغْتَربون على اختِلافِ طَبَقاتِهم وثَقافَتِهم واتجاهاتِهم الشِّعْريَّةِ تجمَعُهم عِدَّةُ خَصائِصَ، وهي:
1. الحَنينُ إلى الوَطَنِ.
2. الإيمانُ بالحُرِّيَّةِ.
3. تغليبُ الفِكْرِ والتَّأمُّلِ في الشِّعْرِ والنَّثْرِ.
4. الثَّورةُ على القَديمِ، والتَّجديدُ في الفَنِّ العَرَبيِّ [857] يُنظر: ((الوافي في الأدب العربي الحديث)) للركابي وآخرين (ص: 165). .
وأشهَرُ تلك الجَمْعيَّاتِ والرَّوابطِ الأدبيَّةِ الَّتي تأسَّسَت ببلادِ الغَرْبِ رابطتانِ، تكَوَّنَت إحداهما في أمريكا الشَّماليَّة، والأخرى في أمريكا الجَنوبيَّةِ، وهما:
أ- الرَّابِطةُ القَلَميَّةُ:
تأسَّسَت هذه الرَّابِطةُ عام 1920م مِن مَجموعةٍ مِنَ الشُّعَراءِ العَرَبِ الَّذين هاجَروا مِن بلادِ الشَّامِ إلى الوِلاياتِ المتَّحِدةِ الأمريكيَّةِ وإلى مناطِقَ أُخرى من أمريكا الشَّماليَّةِ، وقد تزَعَّمَها جُبران خليل جُبران، وانضَمَّ إليها كَثيرٌ مِنَ الشُّعَراءِ، مِثْل: أمين الريحاني، وإيليا أبي ماضي، ورشيد أيوب، وميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، وكلهم من نصارى لبنان وسوريا، وقد أنشأ نسيب عريضة مجلَّةَ "الفنون"، كما كانت لهم جَريدةُ "السَّائح"، فنَشَرَ في المجلَّةِ والجَريدةِ قَصائِدَهم ومَقالاتِهم.
طَغَت عليها فِكرةُ الحُرِّيَّةِ حتى أرادوا التَّخَلُّصَ مِن كُلِّ القُيودِ المادِّيَّةِ والمَعْنَويَّةِ، فكان مِن أبرَزِ مَظاهِرِ تلك الحَداثةِ:
1. التَّمَرُّدُ على الدِّينِ.
2. التَّمَرُّدُ على اللُّغةِ وأوزانِ الشِّعْرِ.
3. الدَّعوةُ إلى الشِّعْرِ المَنثورِ.
والغَريبُ أنَّهم حينَ دَعَوا إلى التَّمَرُّدِ على اللُّغةِ، لم يكونوا لِيَكتُبوا الشِّعْرَ باللُّغةِ الَّتي يُريدونَها، بل بلُغةٍ فَصيحةٍ لا تخالِفُ القَواعِدَ في ألفاظِها وتراكيبِها، كأنَّهم أرادوا لشِعْرِهم البَقاءَ، وعَلِموا أنَّ ما خالف اللُّغةَ فمَصيرُه إلى زَوالٍ.
وقد اهتَمَّت تلك الرَّابِطةُ بالشِّعْرِ التَّرْبويِّ والاجتِماعيِّ، كقَولِ إيليا أبي ماضي:
نَسِيَ الطِّينُ ساعَةً أنَّهُ طينٌ
حَقيرٌ فَصالَ تِيهًا وعَرْبَد
وكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى
وحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد
يا أخي لا تَمِلْ بوَجهِكَ عَنِّي
ما أنا فَحْمةٌ ولا أنتَ فَرْقَد
أنتَ لَم تَصنَعِ الحَريرَ الَّذي
تَلبَسُ واللُّؤلُؤَ الَّذي تَتَقَلَّد
أنتَ لا تَأكُلُ النُّضَارَ إذا جُعْتَ
ولا تَشْرَبُ الجُمانَ المُنَضَّد
أنتَ في البُردَةِ المُوَشَّاةِ مِثْلي
في كِسائي الرَّديمِ تَشْقى وتَسْعَد
لَكَ في عالَمِ النَّهارِ أماني
ورُؤًى والظَّلامُ فَوقَكَ مُمتَد
ولقَلبي كَما لِقَلْبِكَ أحلامٌ
حِسانٌ فإنَّهُ غَيرُ جَلْمَد
أأمانِيَّ كُلُّها مِن تُرابٍ
وأمانيكَ كُلُّها مِن عَسْجَد
وأمانِيَّ كُلُّها للتَّلاشي
وأمانيكَ لِلخُلودِ المُؤَكَّد
لا فهَذي وتِلكَ تَأتي وتَمضي
كذَويها وأيُّ شَيءٍ يُؤَبَّد
أيُّها المُزدَهي إذا مَسَّكَ السُّقمُ
ألا تَشتَكي ألا تَتَنَهَّد
وإذا راعَكَ الحَبيبُ بِهَجْرٍ
ودَعَتكَ الذِّكْرى ألا تَتَوَجَّد
أنتَ مِثْلي يَبَشُّ وَجْهُكَ لِلنُّعمى
وفي حالةِ المُصيبةِ يَكمَد
أدُموعي خَلٌّ ودَمعُكَ شَهْدٌ
وبُكائي زُلٌّ ونَوحُكَ سُؤدُد
وابتِسامي السَّرابُ لا رِيَّ فيهِ
وابتِساماتُكَ اللَّالي الخَرَّد
فَلَكٌ واحِدٌ يُظِلُّ كِلَينا
حارَ طَرْفي بِه وطَرْفُكَ أرمَد
قَمَرٌ واحِدٌ يُطِلُّ عَلَينا
وعَلى الكُوخِ والبِناءِ المُوَطَّد
إن يَكُن مُشرِقًا لِعَينَيكَ إنِّي
لا أراهُ مِن كُوَّةِ الكُوخِ أسوَد
النُّجومُ الَّتي تَراها أراها
حينَ تَخفى وعِندَما تَتَوَقَّد
لَستَ أدنى عَلى غِناكَ إليها
وأنا مع خَصاصَتي لَستُ أُبعَد
أنتَ مِثلي مِنَ الثَّرى وإليه
فَلِماذا يا صاحِبي التِّيهُ والصَّد
كُنتَ طِفلًا إذ كُنتُ طِفلًا وتَغدو
حينَ أغدو شَيخًا كَبيرًا أُدْرَد [858] ((ديوان إيليا أبو ماضي)) (ص: 316).
غَيرَ أنَّ تلك الرَّابِطةَ لم تَدُمْ طَويلًا؛ إذ سُرْعانُ ما تفَكَّكَتْ بمَوتِ جُبران خليل جُبران ورشيد أيوب، فتلاشَت في سَنةِ 1932م.
التَّعريفُ بأبرَزِ شُعَراءِ الرَّابِطةِ:
1- جُبْران خليل جُبْران
هو: جُبْرانُ بنُ خَليلِ بنِ ميخائيلَ بنِ سَعدِ بنِ يُوسُفَ بنِ جُبرانَ المارونيُّ البَشْعلانيُّ اللُّبْنانيُّ.
وُلِدَ جُبران سنة 1330هـ / 1883م، في إحدى قُرى لُبنانٍ، وأصلُه مِن دِمَشْقَ، هاجر جَدُّه إلى بَعْلَبَّك، ومنها إلى "بشعلا" اللُّبنانيَّة، ثمَّ إلى قَريةِ بُشْرى، وفيها وُلِدَ جُبران.
تعَلَّم جُبرانُ في مَدارِسِ بَيروتَ، ثمَّ انتقل إلى باريسَ فأقام فيها أشهُرًا، ومنها إلى الوِلاياتِ المتَّحِدةِ الأمريكيَّةِ، ثمَّ عاد إلى بَيروتَ، فأتقَنَ عُلومَ العَرَبيَّةِ، ثمَّ انتقل مجدَّدًا إلى باريسَ، فمَكَث فيها ثلاثَ سَنَواتٍ، حاز فيها على جائِزةِ الفُنونِ في التَّصْويرِ.
بَعْدَ ذلك تَوَجَّه إلى الوِلاياتِ المتَّحِدةِ مجَدَّدًا، فأقام في نيويورك، وأنشأ فيها الرَّابِطةَ القَلَميَّةَ، ومَكَث فيها إلى أن تُوفِّيَ سَنةَ 1350 / 1931م، ونُقِلَ جُثمانُه إلى مَسقَطِ رأسِه.
كان رَسَّامًا بارعًا، قُبِلَت رُسومُه في المَعرِضِ الدَّوليِّ الرَّسميِّ بفرنسا، كما كان عُضوًا شَرَفيًّا في جَمعيَّةِ المُصَوِّرينَ الإنجليزيَّةِ [859] يُنظر: ((الأعلام)) للزركلي (2/ 110). .
ومِنْ شِعْرِه:
الخَيْرُ في النَّاسِ مَصنوعٌ إذا جُبِروا
والشَّرُّ في النَّاسِ لا يَفْنى وإنْ قُبِروا
وأكثَرُ النَّاسِ آلاتٌ تحَرِّكُها
أصابِعُ الدَّهْرِ يَومًا ثمَّ تَنكَسِرُ
فلا تَقولَنَّ هذا عالِمٌ عَلَمٌ
ولا تَقولَنَّ ذاك السَّيِّدُ الوَقرُ
فأفضَلُ النَّاسِ قُطعانٌ يَسيرُ بها
صَوتُ الرُّعاةِ ومَن لم يَمْشِ يَندَثِرُ [860] ((المواكب)) لجبران خليل جبران (ص: 57).
2- إيليا أبو ماضي
إيليا بنُ ضاهِرِ أبي ماضي من نصارى لبنان وُلد سنة 1306هـ / 1889م، في قَريةِ المُحَيْدثةِ بلُبنانٍ، فتلقَّى فيها قَدْرًا محدودًا من التَّعْليمِ، ثمَّ انتَقَل إلى الإسكندريَّةِ وهو غُلامٌ، فكان يَبيعُ السَّجائِرَ نَهارًا، ويواصِلُ تَعليمَه في اللَّيْلِ، وكان مُولَعًا بالأدَبِ والشِّعْرِ، حِفْظًا وقِراءةً ونَظْمًا.
هاجَرَ إلى الوِلاياتِ المتَّحِدةِ الأمريكيَّةِ سَنةَ 1329هـ / 1911م، واستقرَّ أوَّلًا في "سنسناتي" فمَكَث فيها خَمسةَ أعوامٍ يَعمَلُ مع أخيه في التِّجارةِ، ثمَّ انتَقَل إلى "نيويورك"، فعَمِلَ في جريدةِ "مرآة الغَرْب" ثمَّ أصدَرَ لنَفْسِه جريدةَ "السَّمير" في بروكلن، وهي جَريدةٌ أُسبوعيَّةٌ، ثمَّ حَوَّلها بَعْدَ ذلك إلى يَوميَّةٍ، وظلَّ في بُروكْلِن -إحدى مُدُنِ نيويورك- إلى أن توفِّيَ سَنةَ 1376هـ / 1957م.
وله خَمسةُ دواوينَ: «ديوانُ إيليا أبي ماضي» الَّذي قدَّم له جُبران خليل، و «تَذْكارُ الماضي»، و «الجَداوِلُ»، و «الخَمائِلُ»، و «تِبْرٌ وتُرابٌ».
ويتمَيَّزُ شِعْرُه بعِدَّةِ خَصائِصَ:
1. وَقَف مِنَ العالَمِ والنَّفْسِ والحَياةِ مَوقِفًا تفاؤُليًّا.
2. عبَّرَ بالفِكْرِ بَدَلًا من الصُّورةِ والتَّقريرِ والتَّجريدِ.
3. نهَجَ في شِعْرِه نهْجًا تعليميًّا ينبو أحيانًا إلى العامِّيَّةِ.
4. اهتَمَّ بأشعارِ المُناسَباتِ المُؤَثِّرةِ في عَصْرِه.
5. أدخَلَ الرُّوحَ الفَلْسفيَّةَ في الشِّعْرِ.
6. يناقِشُ الصِّراعَ البَشَريَّ ومُعاناةَ الإنسانِ مع أخيه الإنسانِ.
7. الثَّورةُ على الدِّينِ والتمَرُّدُ على اللُّغةِ العَرَبيَّةِ [861] يُنظر: ((الأعلام)) للزركلي (2/ 35)، ((الأدب العربي الحديث)) لمسعد العطوي (ص: 133).
3- رَشيد أيُّوب
هو شاعِرٌ لُبنانيٌّ، اشتَهَر في المهجَرِ الأمريكيِّ، وُلِد في بَسْكِنْتا -من قُرى لُبنانَ- سَنةَ 1288هـ/ 1871م، ورحل إلى باريسَ سَنةَ 1306هـ / 1889م، ثمَّ تنقَّل منها إلى مانْشِسْتَر ثمَّ عاد إلى لُبنانَ ثمَّ إلى نِيُويُورك، واستمَرَّ بها إلى أن تُوفِّيَ، وكان يُنعَتُ بالشَّاعِرِ الشَّاكي؛ لكَثرةِ ما في نَظْمِه من شَكوى عَنَتِ الدَّهرِ.
له من الدَّواويِن: «الأيوبيَّاتُ»، و«أغاني الدَّرويشِ»، و«هي الدُّنيا»، تُوفِّيَ سَنةَ 1360هـ/ 1941م  [862]يُنظَر: ((الأعلام)) للزركلي (3/ 22). .
شِعْرُه:
تَظهَرُ في شِعرِ رشيد أيُّوب آثارُ معاناتِه ويأسِه من الحياةِ، وكَثرةُ شَكواه التي نال بها لَقَبَ (الشَّاعِر الشَّاكي). ويمكِنُ أن نَلمُسَ ذلك جَلِيًّا في مِثلِ هذه القصيدةِ بعُنوانِ «وَوَلَّى ما عرَفْناه»  ([863] ((ديوان أغاني الدرويش)) (ص7- 8). الهزج:
وقَفْنا عندَ مَرآهُ
حَيارَى ما عَرَفْناهُ
عَجيبٌ في معانيهِ
غَريبٌ في مَزاياهُ
له سِربالُ جوَّابٍ
غُبارُ الدَّهرِ غشَّاهُ
ووَجهٌ لوَّحَتْه الشَّمسُ
غارتْ فيه عَيناهُ
سأَلْنا النَّاسَ مَن هذا
فقالوا يَعلَمُ اللهُ
فلا نَدري بما فيه
ويَسهو إنْ سأَلْناهُ
كأنْ في صَدْرِهِ سِرٌّ
وذاك السِّرُّ يَنْهاهُ
إذا ما جَنَّه ليلٌ
ترامَتْ فيه نَجواهُ
فيَرعى النَّجمَ إذْ يبدو
كأنَّ النَّجمَ مَغناهُ
تراه إنْ سرَى برقٌ
تمنَّاهُ مَطاياهُ
وإنْ أصغَى لصَوتِ النَّايِ
 أشجاهُ وأبكاهُ
إذا أعطَيتَه شيئًا
أبَتْ جَدواكَ كفَّاهُ
وفي الدُّنيا لأهلِيها
حُطامٌ ما تمنَّاهُ
ألَا يا ساكنِي الدُّنيا
تَعالُوا استَنْطِقوا فاهُ
سَلُوهُ ربَّما المِسْكينُ
سُوءُ الحظِّ أقصاهُ
فقالوا إنَّه صَبٌّ
وفَرطُ الحُبِّ أضْناهُ
وقالوا شاعِرٌ يَشكو
فما تُجدِيه شَكواهُ
وقالوا زاهِدٌ لمَّا
رأَوْهُ عافَ دُنياهُ
ومِنهم قالَ دَرويشٌ
غَريبٌ ضاعَ مأواهُ
سأَلْناهُ بلا جَدوَى
وولَّى ما عَرْفناهُ
وكما نرى فإنَّ القصيدةَ تَفيضُ بمُفرداتِ الألَمِ والشَّكوى والبُؤسِ والحِرمانِ، كما نُلاحِظُ مَيلَه إلى استِخدامِ البُحورِ المجزوءةِ، إضافةً إلى سُهولةِ اللَّفظِ ووُضوحِ المعنى، ويميلُ أيضًا رشيد أيُّوب إلى تنوُّعِ الأساليبِ، وتقسيمِ القصيدةِ إلى مقاطِعَ مُختَلِفةِ القوافي؛ كقَولِه في قصيدةِ (غُروبُ شَمسِ الحياةِ)  [864]((ديوان أغاني الدرويش)) (ص33- 34). الكامِل الأَحَذِّ المضمر:
دَنَتِ المنيَّةُ وانقضَى عُمُرِي
ونَسِيتُ ما قد كان مِن أَمْري
غابَت رُسومٌ في مُخَيِّلتي
كانت تُضيءُ كأنجُمٍ زُهْرِ
وخبَا فؤادٌ كان مُشتَعِلًا
بالحُبِّ مِثلَ النَّارِ في صَدْري
ودَوِيُّ نَفسي الآنَ خارِجةً
منِّي دَوِيُّ الموجِ في البَحرِ
ماذا إذا رُفِعَ الحِجابُ غدًا
أُلْفَى وقد أصبَحْتُ في القَبرِ
[*]
أنفَقْتُ هذا العُمْرَ مُكتَئِبًا
وقطَعْتُ هذا العَيشَ بالرَّكضِ
ودرَجْتُ في الدُّنيا على أمَلٍ
باقٍ ولو غُيِّبتُ في الأرضِ
ما ضَرَّ نفسي والحياةُ مضَتْ
فإلى حياةٍ غَيرِها تَمضي
فالنَّفسُ مِن أخلاقِها أبدًا
إبدالُ ذاوي الغُصنِ بالغَضِّ
والعَينُ إنْ طال السُّهادُ بها
عِندَ الضُّحَى حنَّتْ إلى الغَمضِ
ويبدو في هذه القصيدةِ -كما هو الحالُ في عامَّةِ شِعرِ رَشيد أيُّوب- الشَّكوى والقَلَقُ والضَّجَرُ.
ب- العُصْبةُ الأندَلُسيَّةُ
أسَّسَ الشُّعَراءُ العَرَبُ المُهاجِرونَ إلى أمريكا الجَنوبيَّةِ رابِطةَ «العُصْبة الأندَلُسيَّة»، وكان ذلك بَعْدَ تفَكُّكِ الرَّابِطةِ القَلَميَّةِ بعامٍ واحِدٍ، أي: في سَنةِ 1352هـ / 1933م، على يَدِ الشَّاعِرِ ميشال مَعلوف في مدينةِ ساو باولو البرازيليَّةِ، كما أُنشِئَت لها مجَلَّةٌ أيضًا باسمِها.
ومع أنَّ تلك الرَّابِطةَ نَشَأت في المَهجَرِ، إلَّا أنها تختَلِفُ عن قَرينتِها القَلَميَّةِ اختِلافًا جِذْريًّا؛ إذ كانت تلك الرَّابِطةُ أكثَرَ مُحافَظةً على الصَّعيدِ اللُّغَويِّ والدِّينيِّ، كما كانت أكثَرَ مُحافَظةً على الأوزانِ والقَوافي الشِّعْريَّةِ، كما أنَّها لم تتمرَّد على الأديانَ.
وقد تكَوَّنَت تلك الرَّابِطةُ على يَدِ الشَّاعِرِ ميشال معلوف، وابني أختِه فوزي معلوف، وشقيقِه شفيق معلوف، وكلهم من نصارى لبنان، ثمَّ انضَمَّ الشُّعَراءُ سَريعًا إلى تلك العُصْبةِ؛ فكان منهم الشَّاعِرُ القُرَويُّ، وجورج صيدح، وإلياس فرحات، وسلمى الصَّائغِ، وغَيرُهم.
وقد كانوا يَهتَمُّونَ بعَقْدِ النَّدَواتِ والجَلَساتِ فيما بينهم، وفي ذلك يقولُ زكي قنصل:
نادٍ تحُجُّ له القُلوبُ وتَلتَقي
فيه العُقولُ على هُدًى وصَلاحِ
يتصاوَلُ الفُرسانُ في حَلَباتِه
بالرَّأي لا بأَسِنَّةٍ وصِفاحِ
إن لَمْ يكونوا مِنْ أبٍ وعَشيرةٍ
فهُمُ رِفاقُ ثقافةٍ وكِفاحِ
لَهَجَ الرُّواةُ به فَهلْ مِن مَوْضعٍ
فيه لهذا الشَّاعِرِ المُلْتاحِ؟ [865] يُنظر: ((الأدب العربي الحديث)) لمسعد العطوي (ص: 135).
التَّعريفُ بأبرَزِ شُعَرائِها:
1- مِيشال معلوف
وُلِدَ ميشال نعمان معلوف في زَحْلةَ بلُبنانٍ سَنةَ 1306هـ /  1889م، فتلقَّى تعليمَه الابتِدائيَّ في زَحْلةَ، ثمَّ الْتَحَق بالكُلِّيَّةِ الشَّرْقيَّةِ الكاثوليكيَّةِ، فدَرَس فيها على يَدِ صِهْرِه عيسى إسكندَر المعلوف.
عَمِل في الزِّراعةِ حتى صار من كِبارِ مُلَّاكِ الأراضي الزِّراعيَّةِ، ثمَّ هاجَرَ إلى البرازيلِ سَنةَ 1328هـ / 1910، واستقَرَّ في مدينةِ سان باولو، وعَمِل هناك بالتِّجارةِ، فأسَّس مَعمَلًا للنَّسيجِ.
أسَّسَ العُصبةَ الأندَلسيَّةَ مع مجموعةٍ مِنَ الشُّعَراءِ، وهي جمعيَّةٌ أدَبيَّةٌ تهتَمُّ بالأدَبِ العَرَبيُّ، وقد انتُخِبَ لها رئيسًا لمُدَّةِ سِتِّ سَنواتٍ، زار في أثنائِها لُبنانًا سَنةَ 1357هـ / 1938م، غَيْرَ أنَّ الحَرْبَ العالَميَّةَ الثَّانيةَ مَنَعَتْه من العَودةِ إلى البرازيلِ، فاستقَرَّ في زحلةَ وتزوَّج هناك.
وقد مَكَث طويلًا في زحلةَ مُصابًا بمرضٍ مُزمِنٍ حتَّى تُوُفِّيَ به سنة 1361هـ / 1942م.
وقد تطَرَّق في شِعْرِه إلى الحَنينِ إلى الوَطَنِ وذِكْرِ الاغترابِ والتغَنِّي بالحُرِّيَّةِ ونَحوِ ذلك [866] يُنظر: ((معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين)). .
2- زكي قُنصُل
وُلِدَ زكي قُنصُل سَنةَ 1334هـ / 1916م في الأرجَنْتين، ثمَّ انتقل للعَيشِ في قَريةِ يَبْرود في سُوريا؛ حَيثُ تلقَّى هنالك مبادِئَ القِراءةِ والكِتابةِ، ثمَّ اضطُرَّ إلى تَرْكِ المَدْرَسةِ سَنةَ 1343هـ / 1925م ليُساعِدَ في كَسْبِ القُوتِ الضَّروريِّ للعائِلةِ الَّتي كانت في تَزايُدٍ مُستَمِرٍّ؛ فهو ثالِثُ ثمانيةِ أبناءِ أبيه وأمه.
وفي سَنةِ 1347هـ / 1929م هاجَرَ مع والِدِه إلى البرازيلِ؛ حَيثُ هاجَر أخوه الأكبَرُ الشَّاعِرُ إلياس قُنصُل، ثمَّ انتَقَل الثَّلاثةُ منها إلى الأرجَنْتين ليَعمَلوا باعةً جائِلين في الشَّوارع. وقد كان حُبُّ القِراءةِ طاغيًا عليه في تلك المَرْحلةِ؛ حيث كان يأخُذُ معه الكُتُبَ الَّتي يُطالِعُها ويَقرَأُ فيها، وإن لم يَجْنِ شيئًا من قُوتِ يَومِه.
وقد تنَقَّل في عَمَلِه بَيْنَ التِّجارةِ وبَيْنَ مَسْحِ الأحْذيةِ وخِدمةِ المطاعِمِ، ومُعاونةِ الخَبَّازينَ، وغَيرِها، إلى أنَّ الْتَحَق بالجَريدةِ السُّوريَّةِ اللُّبنانيَّةِ، الَّتي كان يَعمَلُ أخوه إلياس فيها رَئيسًا للتَّحريرِ، فظلَّ يَعمَلُ في الجَريدةِ إلى أن حَدَث خِلافٌ بَيْنَه وبَيْنَ صاحِبِ الجَريدةِ فتَرَكها، وعاد للعَمَلِ في التِّجارةِ، كما اشتَغَل ببَعْضِ الأعمالِ السِّياسيَّةِ في سِفارةِ بِلادِه بالعاصِمةِ الأرجَنْتينيَّةِ بيُونُس آيرس.
وقد نال الشَّاعِرُ عِدَّةَ جوائِزَ شِعْريَّةٍ، منها جائِزةُ ابنِ زَيدونَ مِن المَعْهَدِ الإسبانِّي العَرَبيِّ للثَّقافةِ في مَدْريدَ، وجائِزةُ جُبرانَ العالَميَّةُ، وجائِزةُ مجَلَّةِ الثَّقافةِ الدِّمَشْقِيَّةِ.
وقد تَرَك عِدَّةَ دَواوينَ؛ منها: «أشواكٌ»، «ألوانٌ وألحانٌ شِعْريَّةٌ»، ع«َطَشٌ وجُوعٌ»، «ديوانُ زكي قُنصُل»، «في مَتاهاتِ الطَّريقِ».
تُوُفِّيَ سَنةَ 1415هـ / 1994م إثْرَ أزمةِ نَوبةٍ دِماغيَّةٍ حادَّةٍ في مَهْجَرِه بالأرجَنْتين [867] يُنظر: ((تتمة الأعلام)) لمحمد خير رمضان (1/ 191)، ((ديوان زكي قنصل)) (1/23). .
مِنْ شِعْرِه:
قَصيدةُ عِيدِ الفِطْرِ المُبارَكِ:
عُرْسَ الضِّياءِ وغُرَّةَ الأعيادِ
إنَّ القُلوبَ إلى نَداكَ صَوادِ
هشَّت لِمَقْدَمِك السَّعيدِ حَواضِرٌ
وتهَلَّلَتْ لَمَّا هَلَلْتَ بَوادِ
إنِّي لتَربِطُني برَكْبِك نَزْعةٌ
عَرَبيَّةٌ ملَكَتْ عَلَيَّ قِيادي
رَمَضانُ هَبْني من أريجِك نَفْحةً
نَدْياءَ تُحْيي بالرَّجاءِ فُؤادي
كَحِّلْ بأنوارِ السَّماءِ بَصيرتي
واغْمِسْ بأطيابِ الفَضيلةِ زادي
لأكادُ أسمَعُ في أذانِك أشرَقَت
نَغَماتُه تَرتيلةَ الميلادِ
يا مَن يَعيبُ عليَّ أنِّي شاعِرٌ
مُتعَصِّبٌ لعَشيرتي وبِلادي
ما حيلَتي في خافِقٍ بأضالِعي
لا يَرْعَوي لنَصيحةٍ ورَشادِ
نَهْنَهْتُه فازْوَرَّ عنِّي غاضِبًا
وجَلَدْتُه فطغى على الجَلَّادِ
حُبُّ العُروبةِ فيه داءٌ مُزمِنٌ
تمتَدُّ عَدْواه إلى العُوَّادِ
يا أيُّها اللَّاحي نصَحْتُك لا تَمُتْ
كَيْدًا فإنَّك نافِخٌ برَمادِ
عَبَثًا تحاوِلُ أن تهُزَّ عَقيدَتي
مَنْ ذا يَهُزُّ رواسِخَ الأطوادِ؟ [868] ((ديوان زكي قنصل)) (1/60).
ومِن شِعْرِه أيضًا:
ما ضَرَّ لو نَبَذوا الأضغانَ وائتَلَفوا
فلْيَس يَعمُرُ بَيْتٌ أهلُه اختَلَفوا
يا سَيِّدَ الشِّعْرِ هَلَّا هِجْتَ نَخْوَتَهم
فقَدْ يُفيقُ على صَيحاتِك الأنِفُ
توارَثوا جَنَّةً طابت مَراتِعُها
يا قَومُ لا تهْدِموا ما شيَّدَ السَّلَفُ
ما بالُهم عَبَدوا الشَّيطانَ وانصَرَفوا
إلى المعاصي وفي تَيَّارِه انجَرَفوا
روابِطُ الدَّمِ والتَّاريخِ تجْمَعُهم
فلا تُفَرِّقُهم الأحزابُ والصُّحُفِ
كم في الجَرائِدِ مِن أفعى إذا نفَثَتْ
سُمومَها راحت الأصلالُ ترتَجِفُ
أبوابُهم لوُحوشِ الغابِ مُشرَعةٌ
فكيف يُؤمَنُ جارٌ ما له شَرَفُ
أقولُ واللَّوعةُ الخَرْساءُ تَنْهَشُني
يا لَهَفَ نفَسْي وماذا يَنفَعُ اللَّهَفُ
لُبنانُ جُرْحُك في قَلْبي فما ذَرَفَت
عيناك إلَّا دَمًا مِن مُهْجَتي يَكِفُ
لكُلِّ قَومٍ إذا ما قاتَلوا هَدَفٌ
إلَّا اقتِتالُكِ لم يُعْرَفْ له هَدَفُ [869] ((يوان زكي قنصل)) (1/471).
3- رَشيد الخُوري:
رَشيد سليم الخُوري، وُلِد في قَريةِ البَربارةِ بلُبنانَ سَنةَ 1304هـ / 1887م، وهاجَر إلى البرازيلِ عامَ 1913م، ولُقِّب بشاعِرِ القوميَّةِ العَرَبيَّةِ، كما لُقِّب في البرازيلِ بِقَرويِّ الجَبَلِ، ثمَّ اشتَهَر بلَقَبِ الشَّاعِرِ القَرويِّ، وقد شاعت أشعارُه إلى دَرَجةِ أنَّها كانت تُدْرَجُ في برامِجِ الثَّانويَّاتِ العربيَّةِ في أغلَبِ الأقطارِ العَرَبيَّةِ، وهو صاحِبُ أكفر بيتٍ قيل على وَجهِ الأرضِ الطويل:
سلامٌ على كُفرٍ يوحِّدُ بينَنا
وأهلًا وسهلًا بَعدَهُ بجَهنَّمِ
ومن أعمالِه: «ديوانُ الأعاصيرِ» وله أعمالٌ نَثريَّةٌ أيضًا، توفِّيَ سَنةَ 1984م  [870]يُنظر: ((تكملة معجم المؤلفين)) لمحمد خير رمضان (ص183- 184). .
شِعْرُه:
مِن شِعرهِ الذي يعالِجُ فيه قضايا وطَنِه قصيدةُ (نَكبةُ الشَّامِ) التي يقولُ فيها  [871] ((ديوان الأعاصير)) (ص89- 93). الوافر:
تعَوَّجْ بها فلا تَلْقى مَعاجَا
وقد نُسِفَت معالِمُها فِجاجَا
وباتَت جَنَّةُ الدُّنيا جحيمًا
وكوثَرُها جرى مِلحًا أُجاجَا
فجُنحُ اللَّيلِ مُبيَضٌّ لهيبًا
ووَجهُ الصُّبحِ مُسوَدٌّ عَجاجَا
فلو رُمْتَ السُّرَى في الفَجرِ فيها
قَبَسْتَ من الظَّلامِ له سِراجَا
تَعيثُ بها ذئابٌ كم تراءَت
نِعاجًا قبْلَما رَعَتِ النِّعاجَا
ولو ضرَبَتْ عَصاها مَن عصاها
لَمَا كان الِهياجُ تَلا الِهياجَا
ولكِنَّ القَشاعِمَ أعجزَتْها
فروَّعتِ الحَمائِمَ والدَّجاجَا
وأسرَفَتِ (الوَصيَّةُ) في انتقامٍ
طغى من هَولِه (بَردى) وماجَا
فرُبَّ محصَّناتٍ ما تخطَّى
إليها الوَهمُ قد عَدِمَتْ سِياجَا
حرائِرُ كالقُلوب مخبَّآتٌ
وكُنَّ لها سُرورًا وابتِهاجَا
نجومٌ أصبحَتْ بالكَفِّ تُجنَى
وقَبلَ اليومِ عزَّتْ أن تُناجَى
فيا كَرْبِيه بل يا شَرَّ كَرْبٍ
وجَدْنا منه بالموتِ انفِراجَا
وفَيناكَ الخَراجَ فرُحْتَ تسطو
على الأعراضِ  تَحسَبُها خَراجَا
خَصائِصُ شِعْرِ شُعَراءِ المَهْجَرِ:
على الرَّغْمِ مِنَ الاختِلافاتِ الَّتي بَيْنَ شُعَراءِ الرَّابِطةِ القَلَميَّةِ والعُصْبةِ الأندَلُسيَّةِ، إلَّا أنَّنا نجِدُ مَلامِحَ عامَّةً يَتَّسِمُ بها شِعْرُ المَهْجَرِ عُمومًا؛ منها:
1- غيابُ شِعْرِ الغَزَلِ عنهم؛ حيث انصَبَّ اهتِمامُهم على الغُربةِ والحَنينِ إلى الوَطَنِ.
2- ضَحالةُ الخَيالِ والتَّصويرِ، والاعتِمادُ على الفِكْرةِ أكثَرَ مِنَ البَلاغةِ.
3- استِخدامُ الألفاظِ المُتداوَلةِ في عَصْرِهم، دونَ استِخْدامِ الرُّموزِ أو الألفاظِ الغَريبةِ المُوحِشةِ.
4- الحِرْصُ على الوَحْدةِ العُضويَّةِ للقَصيدةِ.
5- التَّخَلُّصُ مِن الأُسلوبِ الخَطابيِّ في الشِّعْرِ.
6- كَثرةُ المُباسَطاتِ والمُمازَحاتِ في شِعْرِهم.
7- المَيلُ إلى شِعْرِ المُناسَباتِ والدَّعوةُ إليه.
8- الإكثارُ مِن الشِّعْرِ القَوميِّ والوَطَنيِّ، ومُناقَشةُ مَشاكِلِ بَلَدِهم الأُمِّ.
9- الانشِغالُ عن أشعارِ اللَّهْوِ والمُجونِ والخَمْريَّاتِ [872] يُنظر: ((الأدب العربي الحديث)) لمسعد العطوي (ص: 136). .

انظر أيضا: