موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الأوَّلُ: صُوَرُ الكِتابةِ وأنْواعُها


وقد تَنوَّعَتْ صُوَرُ الكِتابةِ في عَصْرِ صَدْرِ الإسْلامِ، وهي على النَّحْوِ الآتي:
1- الرَّسائِلُ:
اقْتَضَتْ طَبيعةُ الحالِ في الصَّدْرِ الأوَّلِ مِن الدَّعوةِ الإسْلاميَّةِ أن يَنشُرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الإسْلامَ، ويُبلِّغَ الدَّعوةَ إلى مَشارِقِ الأرْضِ ومَغارِبِها؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بُعِثَ للنَّاسِ كافَّةً، ولم يُبعَثْ لقَوْمِه فقط، فكَتَبَ رَسائِلَ دَعَويَّةً وأرْسَلَها إلى الدُّوَلِ المُجاوِرةِ، يَدْعوهم فيها إلى الإسْلامِ وتَوْحيدِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، ونَبْذِ الشِّرْكِ والكُفْرِ.
ومِن ذلك رِسالةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ، وفيها: "بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مِن مُحمَّدٍ عبْدِ اللهِ ورَسولِه، ‌إلى ‌هِرَقْلَ عَظيمِ الرُّومِ، سَلامٌ على مَن اتَّبَعَ الهُدى، أمَّا بعْدُ؛ فإنِّي أدْعوك بدِعايةِ الإسْلامِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ، وأسْلِمْ يُؤْتِك اللهُ أجْرَك مَرَّتَينِ، فإن تَوَلَّيْتَ فعليك إثْمُ الأريسيِّينَ، و: يَا أهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ألَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأنَّا مُسْلِمُونَ [406] أخرجه مطولاً البخاري (2941) واللفظ له، ومسلم (1773) باختلاف يسير من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .
وكَتَبَ كذلك إلى المُقَوْقِسِ صاحِبِ مِصْرَ، وإلى كِسْرى، وإلى سائِرِ المُلوكِ والرُّؤَساءِ، كما كتَبَ للمُنذِرِ بنِ ساوي العَبْديِّ حينَ قَفَلَ مُنْصرِفًا عن الحُدَيْبيَةِ، فأرْسَلَ رِسالتَه معَ العَلاءِ بنِ الحَضْرَميِّ، فأسْلَمَ المُنذِرُ، وأرْسَلَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (أمَّا بعْدُ، يا رَسولَ اللهِ: فإنِّي قَرَأتُ كِتابَك على أهْلِ البَحْرَينِ، فمِنهم مَن أحَبَّ الإسْلامَ وأعْجَبَه ودَخَلَ فيه، ومِنهم مَن كَرِهَه، وبأرْضي مَجوسٌ ويَهودٌ، فأحْدِثْ إليَّ في ذلك أمْرَك)، فأرْسَلَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، مِن مُحمَّدٍ رَسولِ اللهِ إلى المُنذِرِ بنِ ساوي، سَلامٌ عليك، فإنِّي أحْمَدُ إليك اللهَ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو، وأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، أمَّا بعْدُ: فإنِّي أُذَكِّرُك اللهَ عزَّ وجَلَّ، فإنَّه مَن يَنصَحْ فإِنَّما يَنصَحُ لنفْسِه، فإنَّه مَن يُطِعْ رُسُلي ويَتَّبِعْ أمْرَهم فقدْ أطاعَني، ومَن نَصَحَ لهُمْ فقدْ نَصَحَ لي، وإنَّ رُسُلي قد أثْنَوْا عليك خَيْرًا، وإنِّي قد شَفَّعْتُك في قَوْمِك، فاتْرُكْ للمُسْلِمينَ ما أسْلَموا عليه، وعَفَوْتُ عن أهْلِ الذُّنوبِ، فاقْبَلْ مِنهُمْ، وإنَّك مَهْما تُصلِحْ فلَن نَعزِلَك عن عَمَلِك، ومَن أقامَ على يَهوديَّةٍ أو مَجوسيَّةٍ فعليه الجِزْيةُ)) [407] ((عيون الأثر)) لابن سيد الناس (2/ 334)، ((المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي)) لابن حديدة (2/ 280). .
ومِن أشْهَرِ الرَّسائِلِ الَّتي أرْسَلَها الخُلَفاءُ الرَّاشِدونَ ما كَتَبَه عُمَرُ الفاروقُ إلى أبي موسى الأشْعَريِّ، وفي رِسالتِه: (أمَّا بعْدُ؛ فإنَّ القَضاءَ فَريضةٌ مُحْكَمةٌ وسُنَّةٌ مُتَّبَعةٌ، فافْهَمْ إذا أُدْليَ إليك بحُجَّةٍ، وأنْفِذِ الحَقَّ إذا وَضَحَ؛ فإنَّه لا يَنفَعُ تَكلُّمٌ بحَقٍّ لا نَفاذَ له، وآسِ بيْنَ النَّاسِ في وَجْهِك ومَجلِسِك وعَدْلِك؛ حتَّى لا يَيْأسَ الضَّعيفُ مِن عَدْلِك، ولا يَطمَعَ الشَّريفُ في حَيْفِك، البَيَّنةُ على مَن ادَّعى واليَمينُ على مَن أنْكَرَ، والصُّلْحُ جائِزٌ بيْنَ المُسلِمينَ إلَّا صُلْحًا أحَلَّ حَرامًا أو حَرَّمَ حَلالًا، لا يَمنَعْك قَضاءٌ قَضَيْتَه بالأمْسِ راجَعْتَ فيه نفْسَك وهُدِيتَ فيه لرُشْدِك أن تُراجِعَ الحَقَّ؛ فإنَّ الحَقَّ قَديمٌ، ومُراجَعةُ الحَقِّ خَيْرٌ مِن التَّمادي في الباطِلِ، الفَهْمَ الفَهْمَ فيما يَختَلِجُ في صَدْرِك ممَّا لم يَبلُغْك في الكِتابِ أو السُّنَّةِ، اعْرِفِ الأمْثالَ والأشْباهَ ثُمَّ قِسِ الأمورَ عنْدَ ذلك، فاعْمِدْ إلى أحَبِّها عنْدَ اللهِ وأشْبَهِها بالحَقِّ فيما تَرى، واجْعَلْ لِمَن ادَّعى بَيَّنةً أمَدًا يَنْتهي إليه، فإن أحْضَرَ بَيِّنةً أخَذَ بحَقِّه، وإلَّا وَجَّهْتَ القَضاءَ عليه؛ فإنَّ ذلك أجْلى للعَمى وأبْلَغُ في العُذْرِ، المُسلِمونَ عُدولٌ بعضُهم على بعضٍ، إلَّا مَجْلودًا في حَدٍّ أو مُجرَّبًا في شَهادةِ زورٍ، أو ظَنينًا في وَلاءٍ أو قَرابةٍ، إنَّ اللهَ تَولَّى مِنكم السَّرائِرَ ودَرَأ عنكم بالبَيِّناتِ، وإيَّاك والقَلَقَ والضَّجَرَ والتَّأذِّيَ بالنَّاسِ، والتَّنكُّرَ للخُصومِ في مَواطِنِ الحَقِّ الَّتي يُوجِبُ اللهُ بها الأجْرَ ويُحسِنُ بها الذُّخْرَ؛ فإنَّه مَن يُصلِحْ نِيَّتَه فيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ ولو على نفْسِه يَكفِه اللهُ ما بيْنَه وبيْنَ النَّاسِ، ومَن تَزيَّنَ للنَّاسِ بما يَعلَمُ اللهُ منه غيْرَ ذلك يَشِنْه اللهُ، فما ظَنُّك بثَوابِ غيْرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ في عاجِلِ رِزْقِه وخَزائِنِ رَحْمتِه؟! والسَّلامُ عليك) [408] أخرجه الدارقطني (4/207) واللفظ له، والبيهقي في ((الخلافيات)) (5517)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (32/70) .
والنَّاظِرُ في تلك الرِّسالةِ يَرى أثَرًا واضِحًا وتَغيُّرًا مَلْحوظًا في أُسلوبِ الكِتابةِ؛ فقدْ أخَذَتِ الأساليبُ الأدَبيَّةُ تَدخُلُ شيئًا فشيئًا، واسْتَعمَلَ الفاروقُ رَضيَ اللهُ عنه الحُجَجَ العَقليَّةَ في الإقْناعِ، وألْفاظَ القُرآنِ والحَديثِ في التَّأثيرِ النَّفْسيِّ.
بلْ إنَّ رِسالةَ عُثْمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه تَدُلُّ بوُضوحٍ على مَدى البَراعةِ الفَنِّيَّةِ الَّتي وَصَلَتْ إليها الرِّسالةُ في زَمانِ الرَّاشِدينَ؛ فقدْ كَتَبَ عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه إلى عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه حينَ كانَ مَحْصورًا: (أمَّا بعْدُ، فإنَّه قد جاوَزَ الماءُ الزُّبَى، وبَلَغَ الحِزامُ الطُّبْيَينِ، وتَجاوَزَ الأمْرُ بي قَدْرَه، وطَمِعَ فيَّ مَن لا يَدفَعُ عن نفْسِه:
فإنْ كنْتُ مَأكولًا فكنْ خَيْرَ آكِلٍ
وإلَّا فأدْرِكْني ولمَّا أُمزَّقِ [409] يُنظر: ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 90)، ((الكامل في اللغة والأدب)) للمبرد (1/ 18).
فهذه رِسالةٌ غايةٌ في البَلاغةِ والبَيانِ، اسْتَعمَلَ فيها عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه الأمْثالَ للدَّلالةِ على حالِه؛ فإنَّ الزُّبَى جَمْعُ زُبْيَةٍ، وهي حُفْرةٌ يُصادُ بها الأسَدُ، ولا تكونُ إلَّا في الأماكِنِ العالِيةِ وقِمَمِ الجِبالِ؛ فإذا وَصَلَ الماءُ إلى تلك المُرْتفِعاتِ، فكيف بالسُّهولِ؟!
وقولُه: "بَلَغَ الحِزامُ الطُّبْيَينِ" كذلك؛ فإنَّ الحِزامَ في الدَّابَّةِ إنَّما يكونُ عنْدَ بَطْنِها، فإذا وَصَلَ إلى الطُّبْيَينِ -وهو مَوضِعُ الثَّدْيَينِ مِنها- شارَفَ الأمْرُ على الهَلاكِ.
كما اسْتَعمَلَ الشَّهيدُ رَضيَ اللهُ عنه بَيْتًا مِن الشِّعْرِ للدَّلالةِ على أمْرِه كذلك.
وفي آخِرِ ذلك العَصْرِ حينِ احْتَدمَ الخِلافُ بيْنَ عليٍّ ومُعَاوِيةَ رَضيَ اللهُ عنهما تَرى فَنَّ الرَّسائِلِ الأدَبيَّةِ وقد ارْتَقى رُقِيًّا كَبيرًا؛ فهذا مُعاوِيةُ يُرسِلُ إلى عليِّ بنِ أبي طالِبٍ يقولُ: (بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، مِن مُعاوِيةَ بنِ صَخْرٍ إلى عليِّ بنِ أبي طالِبٍ: أمَّا بعْدُ؛ فلَعَمْري لو بايَعَك القَوْمُ الَّذين بايَعوك وأنت بَريءٌ مِن دَمِ عُثْمانَ كنْتَ كأبي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمانَ رَضيَ اللهُ عنهم أجْمَعينَ، ولكنَّك أغْرَيْتَ بعُثْمانَ المُهاجِرينَ، وخَذَّلْتَ عنه الأنْصارَ، فأطاعَك الجاهِلُ وقَوِيَ بك الضَّعيفُ، وقد أبى أهْلُ الشَّامِ إلَّا قِتالَك حتَّى تَدفَعَ إليهم قَتَلةَ عُثْمانَ، فإن فَعَلْتَ كانَ شورى بيْنَ المُسلِمينَ، ولَعَمْري ما حُجَّتُك عليَّ كحُجَّتِك على طَلْحةَ والزُّبَيرِ؛ لأنَّهما بايَعاك ولم أبايِعْك، وما حُجَّتُك على أهْلِ الشَّامِ كحُجَّتِك على أهْلِ البَصْرةِ؛ لأنَّ أهْلَ البَصْرةِ أطاعوك ولم يُطِعْك أهْلُ الشَّامِ، وأمَّا شَرَفُك في الإسْلامِ وقَرابتُك مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَوضِعُك مِن قُرَيشٍ فلسْتُ أدْفَعُه).
فأجابَه عليٌّ رَضيَ اللهُ عنه وكتَبَ إليه: (أمَّا بعْدُ؛ فإنَّه أتاني مِنك كِتابُ امْرِئٍ ليس له بَصَرٌ يَهْديه، ولا قائِدٌ يُرشِدُه، دَعاه الهَوى فأجابَه، وقادَه فاتَّبَعه، زَعَمْتَ أنَّه إنَّما أفْسَدَ عليك بَيْعتي خَطيئتي في عُثْمانَ، ولَعَمْري ما كنْتُ إلَّا رَجُلًا مِن المُهاجِرينَ، وأوْرَدْتُ كما أوْرَدوا، وأصْدَرْتُ كما أصْدَروا، وما كانَ اللهُ ليَجمَعَهم على ضَلالٍ، ولا ليَضرِبَهم بالعَمى!
وبعْدُ؛ فما أنتَ وعُثْمانُ؟! إنَّما أنتَ رَجُلٌ مِن بَني أمَيَّةَ، وبَنو عُثْمانَ أولى بمُطالَبةِ دَمِه، فإن زَعَمْتَ أنَّك أقْوى على ذلك فادْخُلْ فيما دَخَلَ فيه المُسلِمونَ ثُمَّ حاكِمِ القَوْمَ إليَّ، وأمَّا تَمْييزُك بيْنَك وبيْنَ طَلْحةَ والزُّبَيْرِ، وبيْنَ أهْلِ الشَّامِ وأهْلِ البَصْرةِ، فلَعَمْري ما الأمْرُ فيما هنالك إلَّا سَواءٌ؛ لأنَّها بَيْعةٌ شامِلةٌ، لا يُسْتَثْنى فيها الخِيارُ، ولا يُستَأْنَفُ فيها النَّظَرُ، وأمَّا شَرَفي في الإسْلامِ وقَرابتي مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَوْضعي مِن قُرَيشٍ، فلَعَمْري لو اسْتَطَعْتَ دَفْعَه لدَفَعْتَه!) [410] ((الكامل في اللغة والأدب)) للمبرد (1/ 258)، ((نثر الدر في المحاضرات)) لأبي سعد الآبي (3/ 16). .
2- المَواثيقُ والعُهودُ:
كانَ مِن الطَّبيعيِّ وَضْعُ المَواثيقِ والعُهودِ لدَوْلةِ الإسْلامِ النَّاشِئةِ في يَثْرِبَ، الطامِحةِ إلى نَشْرِ تَعاليمِ دينِها، السَّاعيةِ إلى السَّلامِ والتَّعايُشِ معَ الدُّوَلِ المُجاوِرةِ على اخْتِلافِ عناصِرِهم وطَبائِعِهم وأجْناسِهم، خاصَّةً إذا كانَ ذلك التَّعايُشُ سَبيلًا لنَشْرِ الدَّعْوةِ والاخْتِلاطِ بيْنَ المُسلِمينَ وغيْرِهم، واطِّلاعِ غيْرِ المُسلِمينَ على عاداتِ المُسلِمينَ وعِباداتِهم وأخْلاقِهم، فما أكْثَرَ ما جَلَبَ ذلك النُّفوسَ والقُلوبَ لدينِ اللهِ عزَّ وجَلَّ! ولِهذا فإنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يقولُ: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنفال: 61] .
ولِهذا فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ كَثيرًا ما يَضَعُ المَواثيقَ والعُهودَ، سواءٌ بيْنَ أفْرادِ الدَّوْلةِ الواحِدةِ، كما آخى بيْنَ المُهاجِرينَ والأنْصارِ، ووادَعَ فيه اليَهودَ وأقَرَّهم على دينِهم وأمْوالِهم، وشَرَطَ عليهم واشْتَرَطَ لهم، فكانَ نَصُّ تلك العُهْدةِ الَّتي عُرِفَتْ ب "صَحيفةِ المَدينةِ": (بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذا كِتابٌ مِن مُحمَّدٍ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ المُؤْمِنينَ والمُسلِمينَ مِن قُرَيشٍ ويَثْرِبَ، ومَن تَبِعَهم فلَحِقَ بهم وجاهَدَ معَهم؛ أنَّهم أمَّةٌ واحِدةٌ مِن دونِ النَّاسِ، المُهاجِرونَ مِن قُرَيشٍ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ بيْنَهم، وهُمْ يَفْدونَ عانيَهم بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو عَوْفٍ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، كلُّ طائِفةٍ تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو ساعِدةَ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ مِنهم تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو الحارِثِ على رِبْعَتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو جُشَمَ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ مِنهم تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو النَّجَّارِ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ مِنهم تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو عَمْرِو بنِ عَوْفٍ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو النَّبيتِ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وبَنو الأوْسِ على رِبْعتِهم يَتَعاقَلونَ مَعاقِلَهم الأُولى، وكلُّ طائِفةٍ مِنهم تَفْدي عانيَها بالمَعْروفِ والقِسْطِ بيْنَ المُؤْمِنينَ.
وإنَّ المُؤْمِنينَ لا يَتْرُكونَ مُفْرَحًا بيْنَهم أن يُعْطوه بالمَعْروفِ في فِداءٍ أو عَقْلٍ، وأن لا يُحالِفَ مُؤمِنٌ مَولَى مُؤمِنٍ دونَه، وإنَّ المُؤمِنينَ المُتَّقينَ على مَن بَغى مِنهم، أو ابْتَغَى دَسيعةَ ظُلْمٍ أو إثْمٍ أو عُدوانٍ، أو فَسادٍ بيْنَ المُؤْمِنينَ، وإنَّ أيْدَيَهم عليه جَميعًا، ولو كانَ وَلَدَ أحَدِهم، ولا يَقتُلُ مُؤمِنٌ مُؤْمِنًا في كافِرٍ، ولا يَنصُرُ كافِرًا على مُؤْمِنٍ، وإنَّ ذِمَّةَ اللهِ واحِدةٌ، يُجيرُ عليهم أدْناهم، وإنَّ المُؤْمِنينَ بعضُهم مَولى بعضٍ دونَ النَّاسِ.
وإنَّه مَن تَبِعَنا مِن يَهودٍ فإنَّ له النَّصْرَ والأُسوةَ غيْرَ مَظْلومينَ ولا مُتَناصَر عليهم، وإنَّ سِلْمَ المُؤْمِنينَ واحِدةٌ، لا يُسالِمُ مُؤمِنٌ دونَ مُؤمِنٍ في قِتالٍ في سَبيلِ اللهِ، إلَّا على سواءٍ وعَدْلٍ بيْنَهم، وإنَّ كلَّ غازِيةٍ غَزَتْ معَنا يُعقِبُ بعضُها بعضًا، وإنَّ المُؤْمنينَ يُبِيءُ بعضُهم على بعضٍ بما نالَ دِماءَهم في سَبيلِ اللهِ، وإنَّ المُؤْمِنينَ المُتَّقينَ على أحْسِنِ هُدًى وأقْوَمِه، وإنَّه لا يُجيرُ مُشرِكٌ مالًا لقُرَيشٍ ولا نفْسًا، ولا يَحولُ دونَه على مُؤمِنٍ، وإنَّه مَن اعْتَبَطَ مُؤمِنًا قَتْلًا عن بَيِّنةٍ فإنَّه قَوَدٌ به، إلَّا أن يَرْضى وَليُّ المَقْتولِ، وإنَّ المُؤمِنينَ عليه كافَّةً، ولا يَحِلُّ لهم إلَّا قِيامٌ عليه، وإنَّه لا يَحِلُّ لمُؤمِنٍ أقَرَّ بما في هذه الصَّحيفةِ وآمَنَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ أن يَنصُرَ مُحدِثًا ولا يُؤويَه، وإنَّه مَن نَصَرَه أو آواه فإنَّ عليه لَعْنةَ اللهِ وغَضَبَه يَوْمَ القِيامةِ، ولا يُؤخَذُ مِنه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ.
وإنَّكم مَهْما اخْتَلفْتُم فيه مِن شيءٍ فإنَّ مَرَدَّه إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ، وإلى مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّ اليَهودَ يُنفِقونَ معَ المُؤمِنينَ ما داموا مُحارَبينَ، وإنَّ يَهودَ بَني عَوْفٍ أمَّةٌ معَ المُؤمِنينَ، لليَهودِ دينُهم، وللمُسلِمينَ دينُهم؛ مَواليهم وأنفُسِهم، إلَّا مَن ظَلَمَ وأثِمَ، فإنَّه لا يُوتِغُ إلَّا نفْسَه وأهْلَ بَيْتِه، وإنَّ لِيَهودِ بَني النَّجَّارِ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ لِيَهودِ بَني الحارِثِ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ لِيَهودِ بَني ساعِدةَ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ لِيَهودِ بَني جُشَمَ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ لِيَهودِ بَني الأوْسِ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ لِيَهودِ بَني ثَعْلَبةَ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، إلَّا مَن ظَلَمَ وأثِمَ؛ فإنَّه لا يُوتِغُ إلَّا نفْسَه وأهْلَ بَيْتِه.
وإنَّ جَفْنةَ بَطْنٌ مِن ثَعْلَبةَ كأنْفُسِهم؛ وإنَّ لبَني الشُّطَيْبةَ مِثلَ ما لِيَهودِ بَني عَوْفٍ، وإنَّ البِرَّ دونَ الإثْمِ، وإنَّ مَواليَ ثَعْلَبةَ كأنْفُسِهم، إنَّ بطانةَ يَهودٍ كأنْفُسِهم، وإنَّه لا يَخرُجُ مِنهم أحَدٌ إلا بإذْنِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّه لا يَنْحجِزُ على ثأرِ جُرْحٍ، وإنَّه مَن فَتَكَ فبِنَفْسِه فَتَكَ وأهْلِ بَيْتِه، إلَّا مَن ظُلِمَ، وإنَّ اللهَ على أبَرِّ هذا، وإنَّ على اليَهودِ نَفَقتَهم وعلى المُسلِمينَ نَفَقتَهم، وإنَّ بيْنَهم النَّصْرَ على مَن حارَبَ أهْلَ هذه الصَّحيفةِ، وإنَّ بيْنَهم النُّصْحَ والنَّصيحةَ، والبِرَّ دونَ الإثْمِ، وإنَّه لم يَأثَمِ امْرُؤٌ بحَليفِه، وإنَّ النَّصْرَ للمَظْلومِ، وإن يَثْرِبَ حَرامٌ جَوْفُها لأهْلِ هذه الصَّحيفةِ، وإنَّ الجارَ كالنَّفْسِ غيْرَ مُضارٍّ ولا آثِمٍ، وإنَّه لا تُجارُ حُرْمةٌ إلَّا بإذْنِ أهْلِها، وإنَّه ما كانَ بيْنَ أهْلِ هذه الصَّحيفةِ مِن حَدَثٍ أو اشْتِجارٍ يُخافُ فَسادُه، فإنَّ مَرَدَّه إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ، وإلى مُحمَّدٍ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّ اللهَ على أتْقى ما في هذه الصَّحيفةِ وأبَرِّه، وإنَّه لا تُجارُ قُرَيشٌ ولا مَن نَصَرَها، وإنَّ بيْنَهم النَّصْرَ على مَن دَهِمَ يَثْرِبَ، وإذا دُعوا إلى صُلْحٍ يُصالِحونَه ويَلبَسونَه، فإنَّهم يُصلِحونَه ويَلبَسونَه، وإنَّهم إذا دُعوا إلى مِثلِ ذلك فإنَّه لهم على المُؤمِنينَ إلَّا مَن حارَبَ في الدِّينِ، على كلِّ أناسٍ حِصَّتُهم مِن جانِبِهم الَّذي قِبَلَهم، وإنَّ يَهودَ الأوْسِ -مَواليَهم وأنْفُسَهم- على مِثلِ ما لأهْلِ هذه الصَّحيفةِ، معَ البِرِّ المَحْضِ مِن أهْلِ هذه الصَّحيفةِ) [411] ((عيون الأثر)) لابن سيد الناس (1/ 227)، ((السيرة النبوية)) لابن كثير (2/ 321). .
وكَتَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَه وبيْنَ بَني ضَمْرةَ: (بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، هذا كِتابٌ مِن مُحمَّدٍ رَسولِ اللهِ لبَني ضَمْرةَ، فإنَّهم آمِنونَ على أمْوالِهم وأنْفُسِهم، وإنَّ لهم النَّصْرَ على مَن رامَهم، إلَّا أن يُحارِبوا في دينِ اللهِ، ما بَلَّ بَحْرٌ صُوفةً، وإنَّ النَّبيَّ إذا دَعاهم لنَصْرِه أجابوه، عليهم بذلك ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رَسولِه، ولهم النَّصْرُ على مَن بَرَّ مِنهم واتَّقى) [412] ((المواهب اللدنية بالمنح المحمدية)) للقسطلاني (1/ 203)، ((سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد)) للصالحي (4/ 14). .
ومِن ذلك أيضًا صُلْحُ الحُدَيْبيَةِ، ونَصُّ المُعاهدةِ الَّذي أمْلاه سُهَيلُ بنُ عَمْرٍو، وكَتَبَه عليٌّ رَضيَ اللهُ عنه، على ما هو مَشْهورٌ عنْدَ أصْحابِ السِّيرةِ والحَديثِ.
ومِن العُهودِ المَشْهورةِ في زَمانِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ "العُهْدةُ العُمَرِيَّةُ"، وهو نَصُّ الصُّلْحِ الَّذي عقَدَه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه معَ أهْلِ "إيْلياءَ" -بَيْتِ المَقدِسِ- ومَتْنُه: (بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، هذا ما أعْطى عبْدُ اللهِ عُمَرُ أميرُ المُؤمِنينَ أهْلَ إيْلياءَ مِن الأمانِ؛ أعْطاهم أمانًا لأنْفُسِهم وأمْوالِهم، ولكَنائِسِهم وصُلْبانِهم، وسَقيمِها وبَريئِها وسائِرِ مِلَّتِها، أنَّه لا تُسكَنُ كَنائِسُهم ولا تُهدَمُ، ولا يُنْتقَصُ مِنها ولا مِن حَيِّزِها، ولا مِن صَليبِهم، ولا مِن شيءٍ مِن أمْوالِهم، ولا يُكرَهونَ على دينِهم، ولا يُضارُّ أحَدٌ مِنهم، ولا يَسكُنُ بإيْلياءَ معَهم أحَدٌ مِن اليَهودِ، وعلى أهْلِ إيْلياءَ أن يُعْطوا الجِزْيةَ كما يُعْطي أهْلُ المَدائِنِ، وعليهم أن يُخرِجوا مِنها الرُّومَ واللُّصوصَ، فمَن خَرَجَ مِنهم فإنَّه آمِنٌ على نفْسِه ومالِه حتَّى يَبلُغوا مَأمَنَهم، ومَن أقامَ مِنهم فهو آمِنٌ، وعليه مِثلُ ما على أهْلِ إيْلياءَ مِن الجِزْيةِ، ومَن أحَبَّ مِن أهْلِ إيْلياءَ أن يَسيرَ بنفْسِه ومالِه معَ الرُّومِ ويُخلِّيَ بِيَعَهم وصُلُبَهم فإنَّهم آمِنونَ على أنْفُسِهم وعلى بِيَعِهم وصُلُبِهم، حتَّى يَبْلُغوا مَأمَنَهم، ومَن كانَ بها مِن أهْلِ الأرْضِ قبْلَ مَقتَلِ فُلانٍ، فمَن شاءَ مِنهم قَعَد، وعليه مِثلُ ما على أهْلِ إيْلياءَ مِن الجِزْيةِ، ومَن شاءَ سارَ معَ الرُّومِ، ومَن شاءَ رَجَعَ إلى أهْلِه فإنَّه لا يُؤخَذُ مِنهم شيءٌ حتَّى يُحصَدَ حَصادُهم، وعلى ما في هذا الكِتابِ عَهْدُ اللهِ وذِمَّةُ رَسولِه وذِمَّةُ الخُلَفاءِ وذِمَّةُ المُؤمِنينَ إذا أعْطَوا الَّذي عليهم مِن الجِزْيةِ.
شَهِدَ على ذلك خالِدُ بنُ الوَليدِ، وعَمْرُو بنُ العاصِ، وعبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَوْفٍ، ومُعاوِيةُ بنُ أبي سُفْيانَ) [413] ((تاريخ الطبري)) (3/ 609). .
3- الوَصايا:
لم تكنِ الوَصيَّةُ أمْرًا غَريبًا ولا فَنًّا ابْتَكرَه عَصْرُ صَدْرِ الإسْلامِ، بل كانَ مَعْروفًا مُشتَهِرًا بيْنَ النَّاسِ، وقد سَبَقَ أن ذَكَرْنا شيئًا مِن عُيونِ الوَصايا في الجاهِليَّةِ، غيْرَ أنَّ تلك الوَصايا اعْتَمَدَتْ على المُشافَهةِ أكْثَرَ مِن اعْتِمادِها على الكِتابةِ، بخِلافِ الأمْرِ في عَصْرِ صَدْرِ الإسْلامِ معَ انْتِشارِ الكِتابةِ واحْتِياجِ النَّاسِ إليها للتَّوْثيقِ والتَّأكُّدِ.
ولِهذا نُطالِعُ في كُتُبِ التَّاريخِ وَصيَّةَ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ للمُؤْمِنينَ، أو -بمَعنًى أدَقَّ- اسْتِخلافَه لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه مِن بعْدِه؛ فإنَّ أبا بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه لمَّا اشْتَدَّ به المَرَضُ أرْسَلَ إلى كِبارِ الصَّحابةِ واسْتَشارَهم في عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، ثُمَّ أمَرَ عُثْمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه أن يَكتُبَ، فأمْلى عليه: (اكْتُبْ: بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، هذا ما عَهِدَ أبو بَكْرِ بنُ أبي قُحافةَ في آخِرِ عَهْدِه بالدُّنْيا خارِجًا مِنها، وعنْدَ أوَّلِ عَهِدَه بالآخِرةِ داخِلًا فيها؛ حيثُ يُؤمِنُ الكافِرُ، ويُوقِنُ الفاجِرُ، ويُصدِّقُ الكاذِبُ، إنِّي اسْتَخْلفْتُ عليكم بعْدي عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، فاسْمَعوا له وأطيعوا، وإنِّي لم آلُ اللهَ ورَسولَه ودينَه ونفْسي وأتاكَ خَيْرًا، فإن عَدَلَ فذلك ظَنِّي به وعِلمي فيه، وإن بَدَّلَ فلكلِّ امْرِئِ ما اكْتَسَبَ، والخَيْرَ أرَدْتُ، ولا أعْلَمُ الغَيْبَ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشُّعَراء: 227] ، والسَّلامُ عليكم ورَحْمةُ اللهِ وبَرَكاتُه) [414] يُنظر: ((المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)) لابن الجوزي (4/ 125)، ((تاريخ ابن خلدون)) (2/ 517). .
كما أنَّ الصَّحابةَ اعْتادوا على كِتابةِ وَصايا لأبْنائِهم وذَويهم، يَعِظونَهم ويَأمرونَهم بالمَعْروفِ ويَنْهونَهم عنِ المُنكَرِ، ومِن ذلك ما كتَبَه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لابنِه عبْدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: "يا بُنيَّ، اتَّقِ اللهَ؛ فإنَّه ‌مَن ‌اتَّقَى ‌اللهَ ‌وَقاه، ومَن تَوكَّلَ عليه كَفاه، ومَن شَكَرَه زادَه، فلْتكنِ التَّقْوى عِمادَ عَيْنَيك، وجَلاءَ قَلْبِك، واعْلَمْ أنَّه لا عَمَلَ لِمَن لا نِيَّةَ له، ولا أجْرَ لِمَن لا حِسْبةَ له، ولا مالَ لِمَن لا رِفْقَ له، ولا جَديدَ لِمَن لا خَلَقَ له" [415] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/357) .

انظر أيضا: