موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ العِشرونَ: أبو بَشيرٍ مُحَمَّد علي بن طه الدُّرَّة (ت:1428هـ)


هو أبو بشيرٍ مُحَمَّدُ علي بن طه الدُّرَّة، السُّوريُّ، من أعلامِ النَّحْوِ في حِمْص.
مَولِدُه:
وُلِدَ في إحدى قُرى حِمْصَ سَنةَ أربعٍ وأربعينَ وثلاثِ مائةٍ وألْفٍ.
من شُيوخِه:
الشَّيخُ وَصْفي مَسْدي، والشيخُ طاهر الرئيس، والشيخ محمد الجُنيد.
مَنزِلَتُه ومَكانَتُه:
اهتَمَّ بالعِلمِ ومُطالَعةِ الكُتُبِ، وانكَبَّ على عُلومِ اللُّغةِ العَربيَّةِ، وعُيِّن مُدَرِّسًا لِلُّغةِ العَربيَّة، ثُمَّ واعِظًا دَعويًّا.
عَقيدتُه:
كان أبو بَشيرٍ أَشْعَريًّا، يذهَبُ إلى تأويلِ الصِّفاتِ التي أوَّلَها الأشاعِرةُ، ويُثبِتُ ما أثبَتوه؛ فمِن ذلك قَولُه في تفسيرِ قَولِه تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64] : ((مغلولةٌ: أي: محبوسةٌ مقبوضةٌ عن الرِّزقِ والبَذْلِ والعَطاءِ، فنَسَبوا إلى اللهِ البُخْلَ والقَبْضَ، تعالى اللهُ عن ذلك. وغَلُّ اليَدِ وبَسْطُها مجازٌ عن البُخلِ والجُودِ ... هذا ولَمَّا كانت اليَدُ آلةً لكُلِّ الأعمالِ، لا سِيَّما لدَفْعِ المالِ وإنفاقِه وإمساكِه، فقالوا هذه المقالةَ، فأطلَقوا اسمَ السَّبَبِ على المُسَبَّبِ، وأسنَدوا الجُودَ والبُخلَ إلى اليَدِ مجازًا، فقِيلَ للجَوادِ الكَريمِ: فيَّاضُ اليَدِ، ومَبسوطُ اليَدِ، وقيل للبَخيلِ: مقبوضُ اليَدِ ومغلولُ اليَدِ، وجَعْدُ الأصابعِ وكزُّ الأنامِلِ)) [822] ينظر: ((تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه)) لمحمد علي الدرة (3/158). .
وقال أيضًا: ((هذا. والذي عليه أهلُ السُّنَّةِ: أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قدَّرَ الأشياءَ، أي: عَلِمَ مقاديرَها وأحوالَها وأزمانَها قبل إيجادِها، ثمَّ أوجَدَ منها ما سَبَق في عِلْمِه أنَّه يُوجِدُه على نحوِ ما سَبَق في عِلْمِه، فلا يَحدُثُ حَدَثٌ في العالَمِ العُلويِّ والسُّفليِّ إلَّا وهو صادِرٌ عن عِلْمِه تعالى وقُدرتِه وإرادتِه دُونَ خَلْقِه، وأنَّ الخَلْقَ ليس لهم فيها إلَّا نَوعُ اكتِسابٍ ومحاوَلةٍ ونِسبةٍ وإضافةٍ، وأنَّ ذلك كُلَّه إنَّما حصل لهم بتيسيرِ اللهِ تعالى وبقُدرتِه وتوفيقِه وإلهامِه، سُبحانَه لا إلهَ إلَّا هو ولا خالِقَ غيرُه. كما نَصَّ عليه القُرآنُ والسُّنَّةُ، لا كما قالَت القَدَريَّةُ وغَيرُهم من أنَّ الأعمالَ إلينا والآجالَ بيَدِ غَيرِنا)) [823] ينظر: ((تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه)) لمحمد علي الدرة (9/388). .
مُصَنَّفاتُه:
من مُصَنَّفاتِه: ((فتح القريب المجيب إعراب شواهِد مُغني اللَّبيب))، ((فتح رَبِّ البَريَّة إعراب شواهد جامِع الدُّروس العَرَبيَّة))، ((فتح الكبير المُتَعال إعراب المعَلَّقات العَشْر الطِّوال))، ((تفسير القُرآنِ الكريم))، ((شرح قواعد اللُّغة العَرَبيَّة لحفني ناصف)).
وَفاتُه:
تُوفِّيَ -رحمه اللهُ تعالى- في ذي القعدةِ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وأربعِمائةٍ وألفٍ مِن الهجرةِ، وصُلِّي عليه في مَسجِدِ خالِدِ بنِ الوليدِ -رَضِيَ اللهُ عنه- في مَدينةِ حِمص بسُوريا.

انظر أيضا: