موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ السَّادِسَ عَشَرَ: مَبْرَمَان (ت: 326 هـ)


أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إسْمَاعِيل العَسْكَرِي [292] نِسبةً إلى عَسكَرِ مكرم أسفَلَ الأهوازِ، وقد نُسِبَت إلى مكرم بن معزاءَ الحارِثِ أحدُ بني جعونة بن الحارثِ بنِ نُمَير. يُنظر: ((البلدان)) لابن الفقيه (ص: 400)، ((المسالك والممالك للإصطخري أو مسالك الممالك – ليدن)) للإصطخري (ليدن/ 89). ، البغداديُّ، المَعْرُوف بمَبْرَمَان، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ.
مِن مَشَايِخِه:
المُبَرِّد، والزَّجَّاج.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أَبُو عَلِي الفَارِسِي، والسِّيرَافِي.
سَبَب تَسْمِيَتِه بِمَبْرَمَان:
لَقَّبَه المُبَرِّد بِمَبْرَمَان؛ لِكَثْرَة سُؤَالِه إيَّاه، ومُلَازَمَتِه له.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان مَبْرَمَان مِن كِبَار العُلَمَاء بالعَرَبِيَّة مِن أَهْل بَغْدَاد، إِمَامًا في النَّحْو قَيِّمًا به.
شَخْصِيَّتُه وأَخْلَاقُه:
كان مَبْرَمَان مع عِلْمِه سَاقِطَ المُرُوءَة، سَخِيفًا، دَنِيَّ النَّفْس، مَهِينًا، يُلِحُّ في الطَّلَب مِن تَلَامِذَتِه؛ إذا أَرَاد أن يَذْهَب إلى مَنْزِلِه أو يَمْضِي لِمَصْلَحَةٍ له أَحْضَر حَمَّالٌ طَبْليَّةً وقَعَد فيها وحَمَلَه مِن غَيْرِ عَجْزٍ به، وربَّما بَال على الحَمَّالِ، فيصيح ذاك الحَمَّال، فيقول له: (احْسِب أنَّك حَمَلْت رَأْسَ غَنَم!)، وربَّما كان يتنقَّلُ بالتَّمْر، ويَحْذِفُ النَّاسَ مِن الطَّبليَّة بالنَّوَى!
إلى أَمْثَال هذا من الأَفْعَال السَّخِيفَةِ.
ومع هذا فَقَد أَخَذ عنه النَّحْوَ جَمَاعَةٌ مِن العُلَمَاءِ الكِبَار: كأبي عَلِيٍّ الفَارِسِي، والسِّيرَافِي.
ولِبَعْضِهِم يَهْجُوه:
صُدَاعٌ مِن كَلَامِك يَعْتَرِينَا
وَمَا فِيهِ لِمُسْتَمِعٍ بَيَانُ
مُكَابَرَةٌ ومَخْرَقَةٌ وبَهْتٌ
لَقَدْ أَبْرَمْتَنَا يَا مَبْرَمَانُ
بُخْلُه في تَعْلِيم العِلْم:
كان مَبْرَمَانُ ضَنِينًا بالْقِرَاءَة عليه؛ لا يُقْرِئُ كِتابَ سِيبَوَيْه إلَّا بمِائة دِينَار؛ فَقَصَدَه أَبُو هَاشِم الجُبَّائِي لِقِرَاءَة الكِتَابِ عليه، فقال له مَبْرَمَان: (قَدْ عَرَفْتَ الرَّسْمَ -يعني: المِائة دينار-. فقال أبو هاشم: نعم، ولكِنْ أسألُك النَّظِرَة -أي: مُهلةً-، وأحمِلُ إليك شيئًا يُسَاوِي أضْعَافَ الرَّسْم، فَأْودِعْه عِنْدَك إلى أن يَصِلَ إليَّ مَالٌ لي في بَغْدَادَ فَأَحْمِلَه إليك وأَسْتَرِدَّ الوَدِيعَة، فَتَمَنَّع قَلِيلًا ثم أَجَابَه، فَعَمَد أَبُو هَاشِم إلى زِنْفِيلَجَةٍ -يعني: وعاء- حَسَنَة مُغَشَّاة بالأَدَم مُحَلَّاة، فَمَلَأَهَا حِجَارَة وقَفَلَهَا وخَتَمَهَا وحَمَلَهَا إلى مَبْرَمَان، فَوَضَعَهَا بَيْن يَدَيْه، فَلَمَّا رَأَى مَنْظَرَهَا ووَزْنَهَا لم يَشُكَّ في حَقِيقَة ما ذَكَرَه، فَوَضَعَهَا عِنْدَه وأَخَذَ عنه.
فَلَمَّا خَتَم الكِتَابَ، قَال له المَبْرَمَان: احمِلْ إليَّ ما لي قِبَلَك، فَقَال: أنْفِذ مَعِيَ غُلَامَك حتى أَدْفَعَ إليه الرَّسْم، فَأَنْفَذه معه إلى مَنزِلِه، فَلَمَّا جَاء أَبُو هَاشِم إلى بَيْتِه كَتَب إلى مَبْرَمَان رُقْعَة يقول فيها: قَدْ تَأَخَّر حُضُور المَال، وأَرْهَقَنِي السَّفَر، وقد أَبَحْتُ لَكَ التَّصَرُّف في الزِّنْفِيلَجَة، وهذا خَطِّي لَك حُجَّةٌ بذلك، وخَرَج أبَوُ هَاشِم لِوَقْتِه إلى البَصْرَة، ومنها إلى بَغْدَادَ، فَلَمَّا وَصْلَت الرُّقْعَة إلى مَبْرَمَان اسْتَدْعَى بالزِّنْفِيلَجَة وفَتَحَها، فإذا فِيها حِجَارَة، فقال: سَخِر مِنَّا أَبُو هَاشِم لا حَيَّاه اللهُ، واحْتَال عليَّ بِمَا لم يَتِمَّ لِغَيْرِه).
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((شَرْح شواهِدِ سِيبَوَيه))، وكتاب: ((شَرْح كِتابِ سِيبَوَيه)) -ولم يتِمَّه-، وكتاب: ((النَّحْو المجموع على العِلَل))، وكتاب: ((العيون))، وكتاب: ((التلقين))، وكتاب: ((صفة شُكر المُنعِم)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ سِتٍّ وعِشرينَ وثلاثِ مِائة. وقيل: خمسٍ وأربعين وثلاثِ مِائة [293] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 153)، ((تاريخ العلماء النحويين)) للتنوخي (ص 49)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (6/ 2572)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 189)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (7/ 525)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (4/ 81)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 276)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 175)، ((الأعلام)) للزركلي (6/ 273). .

انظر أيضا: