موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ السَّابعَ عَشَرَ: أبو بكرٍ الأنباريُّ (ت: 328هـ)


أبو بكرٍ مُحَمَّدُ بنُ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارِ بنِ الحسَنِ بنِ بيانَ بنِ سَماعةَ بنِ فَرْوةَ بنِ قَطنِ بنِ دِعامةَ، الأنباريُّ، النَّحْويُّ، البغداديُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ إحدى وسبعينَ ومِائَتَينِ.
مِن مَشَايِخِه:
والِدُه القاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وإسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي، وأحمدُ بنُ سَهلٍ الأُشْنانيُّ، وعُبَيدُ اللهِ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ الواقِديُّ، وإدريسُ بنُ عبدِ الكريمِ، ومُحَمَّدُ بنُ هارونَ التَّمَّارُ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أبو عُمَرَ بنُ حَيَّوَيْه، والدَّارَقُطْنيُّ، وابنُ سُوَيدٍ، وأبو عَبدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ.
عَقيدَتُه:
قال عنه الخَطيبُ البَغداديُّ: (كان صَدُوقًا ديِّنًا خيِّرًا، مِن أهلِ السُّنَّةِ) [294] ينظر: ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (4/ 299). . وقال القِفْطيُّ: (كان صَدُوقًا فاضِلًا دَيِّنًا خيِّرًا، مِن أهلِ السُّنَّةِ) [295] ينظر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 201). .
وقد نُقِل عنه ما يُبرِزُ ذلك؛ فمنه ما نقله القُرطبيُّ عنه: ((ولم يَزَلْ أهلُ الفَضْلِ والعَقْلِ يَعرِفون مِن شَرَفِ القُرآنِ وعُلُوِّ مَنزِلَتِه ما يُوجِبُه الحَقُّ والإنصاتُ والدِّيانةُ، ويَنْفون عنه قَولَ المُبطِلينَ وتمويهَ المُلْحِدينَ وتحريفَ الزَّائِغينَ، حتى نَبَع في زمانِنا هذا زائِغٌ زاغ عن المِلَّةِ، وهجم على الأُمَّةِ بما يحاوِلُ به إبطالَ الشَّريعةِ التي لا يزالُ اللهُ يُؤَيِّدُها ويُثبِّتُ أُسُسَها ويُنَمِّي فَرْعَها ويحرُسُها من معايِبِ أُولي الجَنَفِ والجَورِ، ومكايِدِ أهلِ العَداوةِ والكُفرِ؛ فزعم أنَّ المصحَفَ الذي جمَعَه عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه باتِّفاقِ أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تَصويبِه فيما فَعَل لا يَشتَمِلُ على جميعِ القُرآنِ؛ إذ كان قد سَقَط منه خَمْسُمائةِ حَرفٍ!)) [296] ينظر: ((تفسير القرطبي)) (1/ 81). .
وقال ابنُ بطَّةَ العُكبريُّ: (سَمِعْتُ أبا بَكرٍ بنَ الأنْبَارِيِّ النَّحْوِيَّ، يقولُ في قوْلِه تعالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22، 23]: لوْ كان بمعْنَى: مُنْتَظَرةٍ، ما جازَ أنْ تكونَ ناضِرةً؛ لأنَّ المُنْتَظِرَ على وجْهِه الحُزْنُ؛ لأنَّهُ مُتَوَقِّعٌ شيئًا لمْ يَحْصُلْ له، والنَّاضِرةَ مُسْفِرَةٌ مُشرِقةٌ ضاحِكَةٌ مُستَبْشِرةٌ. ووَجْهٌ آخرُ أنَّهُ لو أرَادَ بالنَّاظِرةِ: مُنتَظَرَةً، كان يَقولُ: لِرَبِّهَا ناظِرَةٌ، ولمْ يَقُلْ: إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [297] ينظر: ((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (7/ 74). .
ونقَلَ عنه الأزهريُّ قولَه في تفسيرِ قولِه تعالى: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا [هود: 37]: (قال أصْحَابُ النَّقْلِ والأَخْذِ بالأثرِ: الأَعْينُ يُرِيد بهِ العَينَ. قال: وعَيْنُ الله لا تُفَسَّرُ بأكْثَرَ مِن ظاهرِهَا، ولا يسَعُ أحَدًا أن يَقُولَ: كيْفَ هيَ أو ما صِفتُها؟) [298] ينظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (3/ 130). .
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
الحافِظُ العلَّامةُ الإمامُ الكبيرُ، والأستاذُ الشَّهيرُ، شَيخُ الأدَبِ، كان علَّامةَ وَقتِه في الآدابِ، وأكثَرَ النَّاسِ حِفظًا لها، وكان صَدُوقًا، ثِقةً، دَيِّنًا، خَيِّرًا من أهلِ السُّنَّة. وكان من أفرادِ العالَمِ، زاهدًا متواضعًا إمامًا في صناعَتِه مع براعةِ فَهْمِه، وسَعةِ عِلمِه، وصِدْقِ لَهجَتِه، آيةً من آياتِ اللهِ في الحِفظِ، آيةً مِن آياتِ اللهِ في الحِفظِ، وكان يحفَظُ فِيمَا ذُكِرَ ثلاثَ مِائةِ ألفِ بَيتٍ شاهدٍ فِي القُرآنِ. وقيل: كان يحفَظُ عِشرينَ ومِائةَ تفسيرٍ مِن تفاسيرِ القُرآنِ بأسانيدِها.
مُصنَّفاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((الزَّاهر))، وكتاب: ((الوَقف والابتِداء))، وكتاب: ((المُشكِل))، وكتاب: ((غريب الغريب النبَوِيِّ))، وكتاب: ((شرح المُفَضَّلِيَّات))، وكتاب: ((شَرْح السَّبْع الطِّوال)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ثمانٍ وعِشرينَ، وقيل: سبعٍ وعِشرينَ وثلاثِ مِائة [299] يُنظر: ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (3/ 399)، ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (4/ 341)، ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (2/ 69)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (15/ 276)، ((الأعلام)) للزركلي (6/ 334). .

انظر أيضا: